أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

سياسيون وإعلاميون وزعماء ميليشيات طائفية يرفعون منسوب الكراهية في العراق

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يحذر في اليوم العالمي لمكافحة الكراهية من أن خطاب الكراهية ليس له مستوى، وعلينا جميعا العمل للقضاء عليه تماما.

بغداد- الرافدين
بينما يحتفل العالم في الثامن عشر من حزيران من كل عام باليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية الذي حددته الأمم المتحدة، يرفع سياسيون وبرلمانيون وإعلاميون وزعماء ميليشيات وأحزاب من منسوب خطاب الكراهية في العراق بهدف إقصاء الأخر.
ولم يشهد العراق على مر تاريخيه المعاصر مثل هذا المنسوب من الكراهية بقدر ما شهده منذ احتلاله من قبل القوات الأمريكية عام 2003 وسيطرة أحزاب طائفية على السلطة. حيث صار السياسيون يعرّفون أنفسهم للآخر بما يكرهون.
ولم يكتف مروجو الكراهية والمدافعون عنها من السياسيين وزعماء الأحزاب والميليشيات بالنيل من العراقيين، بل تعمدوا الذهاب بعيدا في التاريخ لبث كراهيتهم لرموز تاريخية ودينية إسلامية.
واكتشف العراقيون الحجم المذهل للكراهية التي يريد بها السياسيون أن تغلّف المجتمع، بحيث هناك رسالة كراهية كل ثلاثين ثانية تطلق على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي تصريحات خطباء المنابر والمهرجانات والبرلمانيين وزعماء الأحزاب والميليشيات.
وانتشرت ثقافة الإقصاء بدافع الكراهية كسياسة اتبعتها الأحزاب والميليشيات الحاكمة للنيل من فئة معينة من العراقيين والتشكيك بتاريخهم.
ويمارس السياسيون في العراق الإقصاء وإشاعة الكراهية، ويتحدثون بمنطق الجماعة والطائفة في غياب مخيف للوطنية الجامعة.
ويأتي ذلك في وقت حثت الأمم المتحدة في اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية في الثامن عشر من حزيران على الوقوف بقوة بوجه الكراهية في العالم.
وسلطت الجمعية العامة للأمم المتحدة الضوء على المخاوف العالمية بشأن الانتشار المتسارع لخطاب الكراهية في جميع أنحاء العالم، واعتمدت قرارًا بشأن تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية.
ويطالب القرار بضرورة مكافحة التمييز وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية ويدعو جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، بما في ذلك الدول، إلى زيادة جهودها للتصدي لهذه الظاهرة، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن “خطاب الكراهية ليس له مستوى، وعلينا جميعا العمل للقضاء عليه تماما”.
وجاء في رسالة نشرها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية الثلاثاء، أن خطاب الكراهية علامة على التمييز والإساءة والعنف والنزاع بل وحتى الجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف أن خطاب الكراهية في الوقت الراهن يستهدف مجموعة واسعة من الفئات، وكثيرا ما يكون ذلك على أساس الانتماء العرقي أو الإثني أو الديني أو العقدي أو السياسي.
وشدد على أن الأشهر الأخيرة شهدت تصاعدا في خطاب الكراهية المعادي للمسلمين على الإنترنت وفي التعليقات العامة لقادة ذوي تأثير.
وتابع أنه يقع على عاتق الدول بموجب القانون الدولي الالتزام بمنع التحريض على الكراهية ومكافحته وتعزيز التنوع والتفاهم والتضامن.
وقال غوتيريش إن توفر استراتيجية وخطة عمل للأمم المتحدة من أجل مكافحة خطاب الكراهية يشكل إطارا لمعالجة أسباب هذه الآفة وآثارها.
وندّد الأمين العام للأمم المتحدة بموجة التعصب التي تضرب العالم، داعياً إلى الوقوف بوجه الكراهية التي تحرّكها.
ورأى أن المعركة ضد الكراهية والتطرف تمر حاليا بلحظة مفصلية، وأن الكراهية تهديد لكل العالم، ولذا على كل العالم المشاركة في مكافحتها معا.
ويمثل العراق في الزمن الشاذ الذي يعيشه منذ 21 عاما مثالا لسياسة الكراهية التي انتهجتها الحكومات والميليشيات التابعة لهم.

كرم نعمة: ما معنى أن تشن حربا على الموتى غير الكراهية المزدهرة في العراق؟

وحولت هذه الميليشيات خطاب الكراهية إلى فعل دموي في ممارسة القتل على الهوية والتغييب القسري لمئات الآلاف من العراقيين.
وينظر العراقيون إلى رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بأنه “أب الكراهية” في عراق ما بعد عام 2003.
وعبر المالكي عن كراهيته لأهالي الموصل الكرام بشكل معلن، كما جعل من خطاب الكراهية طريقة لمواجهة التظاهرات التي اندلعت في مدن غرب العراق مطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية ومنع الإقصاء الطائفي.
وقسّم المالكي العراقيين إلى “جيش الحسين في مواجهة جيش يزيد” في جملة سياسية تاريخية ملتبسة أججت الكراهية بين أبناء المجتمع وأدت إلى الحرب الطائفية التي اقترفت فيها الميليشيات عمليات قتل مروعة على الهوية.
ولا يقتصر الخطاب الطائفي على قادة الأحزاب والكتل السياسية، بل تحول إلى ظاهرة شائعة تمارس من قبل أفراد وأساتذة جامعيين وأكاديميين وإعلاميين وشعراء تابعين للميليشيات الطائفية.
وتشهد البلاد بين الحين والآخر حالات مختلفة من الإفرازات الطائفية التي تغذيها الأحزاب والميليشيات بهدف تدمير المجتمع.
وقال الكاتب العراقي كرم نعمة “هناك صراع متشابك الأطراف وازدراء للآخر وفق فكرة تاريخية ملتبسة وواقع معاصر تغيب فيه الحقيقة، صراع يملك من الخطورة حد أن تجد ثمّة من يقود معركة بالمال ومسميات الوطنية والعقيدة مع الأموات”.
وتساءل نعمة “ما معنى أن تشن حربا على الموتى؟ غير الكراهية المزدهرة في العراق”.
وأوضح “الوطن يغيب بمواصفاته العميقة الحاضنة، ويصبح مكانا قلقا للتناحر بازدهار الكراهية والتقاتل على فكرة قائمة وفق تاريخ ملتبس”.
وأشار إلى غياب سؤال العقل وبروز غريزة البقاء وثقافة الصراخ وتحطيم الآخر بالصوت قبل الإجهاز عليه بالسكين، ويصبح التهديد قائما بمجرد شيوع الكراهية، وأشد أنواعها التباسا عندما تنمو وفق فكرة محمّلة بملايين الأسئلة من دون إجابة واحدة يتفق عليها المختلفون.

أنطونيو غوتيريش: المعركة ضد الكراهية والتطرف تمر حاليا بلحظة مفصلية، وأن الكراهية تهديد لكل العالم، ولذا على كل العالم المشاركة في مكافحتها معا
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى