أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

سرقة 82.9 مليون دولار في بابل تفند مزاعم السوداني عن كسر يد الفساد

أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي التي تدير محافظة بابل تخفي 120 مليار دينار عراقي من إيرادات إحدى شركات وزارة الصناعة والمعادن.

بغداد- الرافدين
فندت فضيحة فساد جديدة مزاعم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بالنجاح في محاربة الفساد واستعادة أموال الدولة المنهوبة.
وأعلنت دائرة التحقيقات بهيئة النزاهة عن اختفاء مبلغ 120 مليار دينار عراقي “82.9 مليون دولار”، من إيرادات إحدى شركات وزارة الصناعة والمعادن في محافظة بابل.
ويأتي كشف السرقة في بابل بعد أيام من توقيع حكومة الإطار التنسيقي على مذكرة تفاهم تتضمن التعاون في مجال مكافحة الفساد مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الأمر الذي حولها إلى موضع تهكم شعبي وسخرية سياسية على حد سواء.
وأشرف السوداني على إجراءات التوقيع من دون أن تذكر الأخبار الحكومية أسم المسؤول الذي وقع المذكرة مع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي آوكي لوتسما.
وبينما واصل السوداني إطلاق مزاعم دعائية في مكافحة الفساد، في وقت فشلت الحكومة لحد الان في استعادة أموال سرقة القرن الذي تم بموجبها سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة.
وقال على هامش توقيع المذكرة إن الحكومة عززت مكافحتها الفساد بـ “خطوات إجرائية، استهدفت بؤر الفساد في مؤسسات الدولة، وهي مستمرة في ملاحقة الفاسدين والمتورطين بسرقة المال العام، واسترداد الأموال المنهوبة”.
وتساءل عراقيون بطريقة متهكمة عما إذا كان للفاسد مقدرة على مكافحة فساده الذي يدر عليه الأموال ويرفعه إلى عليه القوم في عراق عام 2003 لحد الآن.
فيما قلل سياسيون وخبراء اقتصاديون من أهمية توقيع المذكرة، مؤكدين على أن سلطة الأمم المتحدة لن يكون لها أي تأثير عملي على ماكنة الفساد القائمة في العراق.
وشددوا على أن الفساد ليس مجرد كتلة يمكن اذابتها أو ازاحتها، بل صار بمثابة ثقافة وتقليد وسياسة سائدة في نظام المحاصصة القائم منذ تشكيل أول حكومة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
وتساءل سياسي عراقي “كيف للسوداني أن يكافح الفساد وهو نتاج عملية فاسدة سياسيًا وديمقراطيًا أدارها الإطار التنسيقي عندما لم يتم الاعتراف بالفائز في الانتخابات البرلمانية”.
وقالت دائرة التحقيقات بهيئة النزاهة في بيان نشر مساء الإثنين، إن المبلغ المفقود كان بالفترة بين أيلول 2017 حتى أيلول 2022.
وذكرت أن مجموع الإيرادات الكلي بلغ 305.3 مليارات دينار “210.5 ملايين دولار”، فيما بلغت المصاريف والنفقات كافة حسب الكشوفات التخمينية، نحو 185.1 مليار دينار “127.6 مليون دولار”.
وأضافت، أن “أغلب المستندات تم إخفاؤها من قبل الموظفين المسؤولين تم التحرز على حاسبة مركز المعلومات التابع للشركة التي تحتوي الأرقام والإحصائيات الخاصة بالحسابات الختامية للسنوات المذكورة كافة”.
ولم تعلن هيئة النزاهة عن الجهة التي تقف خلف سرقة هذا المبلغ من أموال الدولة، إلا دوائر ومؤسسات ومجلس محافظة بابل يستحوذ عليها حزب الدعوة الذي يعد السوداني أحد قياديه، وفيلق بدر بزعامة هادي العامري وتيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم، وكلها منضوية في الإطار التنسيقي الذي شكل حكومة السوداني.
وتشهد محافظة بابل أزمات متكررة في الخدمات والمشاريع الخدمية عانى منها المواطنون لسنوات، جراء استشراء الفساد في البلاد والصراعات السياسية، الأمر الذي عمّق من آثار الأزمات في المحافظة.
وفي إشارة على الصراع بين الأحزاب والقوى السياسية للاستحواذ على حصتها من نهب أموال الدولة، أشار محافظ بابل الحالي، وسام أصلان الجبوري، إلى أن تغيير أربعة محافظين خلال أربع سنوات منذ العام 2019، يعد أحد أهم أسباب تراجع ملف الخدمات في المحافظة.
وتحتاج بابل إلى أكثر من 4 تريليونات دينار للنهوض بواقعها في ظل عدم وجود بنى تحتية، بحسب الجبوري.

حيدر حنون: الفساد أصبح ثقافة وظاهرة بعد أن صمت الجميع عنها فيما جاملها آخرون

وأوضح “هناك مشروع يراوح مكانه منذ العام 2010 وهو مجاري الحلة الكبير الذي لم تساعد الخلافات السياسية على إكماله منذ أكثر من 12 عامًا”.
وقال النائب في البرلمان الحالي أمير المعموري، إنّ غياب الخدمات وتلكؤ المشاريع التي لم تكتمل والتي بلغت قرابة 500 مشروع، يعود إلى عدم إيقاف الفساد المستشري في المحافظة، ملمحًا إلى وجود جهات تستحوذ على القطع السكنية والأراضي وإحالة المشاريع إلى جهات غير رصينة.
وقال المهندس قحطان خميس من محافظة بابل، إن “بابل ابتليت بفساد المشاريع ونهب أموالها”، موضحًا أن “تلك المشاريع تنجز من دون شفافية وسط غياب المساءلة المطلوبة”.
ونهاية العام الماضي، أعلنت هيئة النزاهة الحكومية، عن تشكيل هيئة عليا للتحقيق بقضايا الفساد “الكبرى” في البلاد. غير أن موظفين كبار في الهيئة يعترفون بأن عمل الهيئة شكلي وغير قادر على الاقتراب من كبار الفاسدين بسبب سطوتهم داخل حكومة السوداني نفسها.
واعترف رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون “أحد المقربين من السوداني والقيادي في فيلق بدر برئاسة هادي العامري” بأن الفساد في العراق له قادة وجيش وجنود يدافعون عنه وأن هذه الظاهرة تتسابق على سرقة اموال الدولة، حيث بددت الكثير من أموال العراق على مدى عشرين عامًا.
وأقر رئيس الهيئة بأن الفساد أصبح ثقافة وظاهرة بعد ان صمت الجميع عنها فيما جاملها آخرون دون أن يسمهم، مؤكدًا أن الفساد أصبح عميق الجذور في العراق بجميع أشكاله متسائلًا عن أسباب عدم التحول إلى نظام الأتمتة والحوكمة الذي يمكن له أن يحد من الفساد.
والعراق غني بثرواته النفطية، لكنه بين أكثر دول العالم معاناة جراء الفساد، حيث احتل المرتبة 157 “من 180” في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن “مدركات الفساد” لعام 2021.
وقال معهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي إن معظم ثروات العراق تهدر بسبب الفساد حيث يستخدم هذا المال لتمويل الأحزاب وشبكات قواتها بدلًا من تطوير البلاد.
وقالت هيئة النزاهة، إن هناك 11 ألفاً و605 مسؤولين، بينهم 54 وزيرا، متورطين بالفساد.
وقبل عامين أعلنت السلطات الحكومية عن تهريب مبلغ 150 مليار دولار من صفقات الفساد إلى الخارج من عام 2003 وحتى 2020.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى