أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العقارات في بغداد تستقطب أموال الفساد القذرة

الأموال تصل في حقائب كبيرة وأكياس بلاستيكية ويتم تسجيل العقارات بأسماء أقارب المسؤولين وزعماء الميليشيات أو الشركاء، ما يحمي المالكين الحقيقيين من عمليات التدقيق.

بغداد- الرافدين
وجدت أموال الفساد الهائلة التي استحوذ عليها لصوص الدولة في العراق من السياسيين والمسؤولين، الفرصة مواتية لإخراجها من الخزائن الكبيرة وتحويلها إلى شراء الأراضي والعقارات.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن بغداد أصبحت فيها العقارات نقطة جذب للأموال القذرة في أكثر البلدان فسادا في العالم، حيث تغمر أسعار النفط المرتفعة الأسواق العراقية بالنقد، وتحدي اللوائح التي فرضتها الولايات المتحدة من تحويل الثروة غير المشروعة إلى الخارج. في إشارة إلى إيران.
وقال أحد الوسطاء، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، إن السياسيين كانوا من بين أفضل زبائنه وكانوا يقررون الشراء من دون تردد وعلى الفور عندما تتوفر أي فرصة.
وأشارت الصحيفة في تقرير مطول كتبه من العاصمة بغداد لويزا لوفلوكو ومصطفى سليم إلى أن السياسيين العراقيين يرون في سوق العقارات علامة على ازدهار العاصمة، لكنه في الوقت ذاته يعد أحد أعراض الفساد المتجذر في هذا البلد التي يتبوأ المراتب العليا في الفساد ضمن مؤشر الشفافية الدولي.
ويعد الارتفاع غير المسبوق في الأسعار علامة على اتساع الهوة وعدم المساواة حيث الغالبية العظمى من العراقيين لا يستطيعون دخول هذه السوق وأصبح حلمهم في امتلاك منزل في هذه المدينة العريقة بعيد المنال.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها “إن الأموال تصل في حقائب وأكياس بلاستيكية، وفي كثير من الحالات يتم تسجيل العقارات بأسماء الأقارب أو الشركاء، مما يحمي المالكين الحقيقيين من عمليات التدقيق”.
وقال المتحدث باسم أمانة بغداد محمد الربيعي “عندما يكون من الصعب إرسال أموالهم إلى خارج البلاد، فإنهم يضعونها في عقارات هنا”.
وأدت الطفرة العقارية التي تشهدها بغداد إلى تغيير وجه العاصمة ومعماريتها التاريخية، حيث يقوم عمال البناء بهدم المنازل القديمة واستغلال المساحات الخضراء لبناء وحدات سكنية أصغر تباع بمبالغ فلكية في مؤشر على تنامي الفساد في البلاد.
ويصل سعر المتر المربع الواحد لمنزل في منطقة لا تتوفر فيها خدمات مياه أو كهرباء حكومية في جانب الكرخ إلى 2300 دولار على الأقل. وفي ضاحية المنصور الراقية مثلا، يمكن أن تصل المعدلات إلى ستة أضعاف هذا الرقم.
وفي منطقة الكرادة، وصل سعر المتر المربع الواحد للمناطق السكنية إلى أكثر من خمسة آلاف دولار.
وقال سمسار العقارات في منطقة زيونة رعد الشمري “إن من يمتلك مليون دولار بالكاد يمكنه شراء منزل هنا، لم يعد الأمر متاحا للناس العاديين”.
وعبر الشمري عن شكوكه بقدرة أحفاده على شراء منزل خاص بهم في المستقبل مع الارتفاع الهائل للأسعار بعد غسل أموال الفساد القذرة.
وقال “كل شيء يتعلق بالمال اليوم في بغداد، حيث يمكن بناء مساحة 10 في 10 أمتار واعتبارها منزلا”.
ولم تكن العملية وليدة اليوم أو الأشهر القليلة الماضية، بل جرت على مدى سنوات حتى وصلت الأسعار إلى ما هي عليه الآن من ارتفاع هائل في أسعار العقارات.
وفي الوقت الذي كان يجري مراسلو صحيفة “واشنطن بوست” مقابلة مع سمسار في منطقة اليرموك، تشير الصحيفة إلى أن سيارة رباعية الدفع توقفت أمام المكتب ونزلت منها نائبة في البرلمان مع اثنين من حراسها.
ولم تكشف الصحيفة عن اسم النائبة، لكنها ذكرت أن السمسار أخذهم مباشرة إلى غرفة خلفية وأغلق الباب.
وبمجرد إتمام الصفقة، يمكن نقل سندات الملكية إلى البنوك وإيداعها كضمان للحصول على قروض بثلاثة إلى خمسة أضعاف من قيمة العقار، والتي يتم تحويلها بعد ذلك إلى عمليات استحواذ جديدة.
ويعيش في بغداد سبعة ملايين نسمة، وبينما يعاد بناء منازل ومباني الأحياء الراقية بأموال وصفقات فاسدة، تنتشر في ضواحي المدينة مدن الصفيح والأحياء العشوائية المتربة التي يقطنها الفقراء.
ويتعين على العراقيين الذين ليس لديهم الوسائل أو الاتصالات للعب في سوق الإسكان أن يقبلوا بإيجارات ضيقة ومكتظة، حيث تُخنق الحياة وتتضخم المشاكل الاجتماعية.
ومع زيادة عدد السكان في العراق والجفاف الذي أصاب المناطق الريفية، دفع سكان الريف إلى الهجرة إلى المدن، وأصبحت البلاد بحاجة ماسة إلى المزيد من المساكن.
وقدّر المتحدث باسم وزارة التخطيط الحالية، عبد الزهرة الهنداوي أن البلاد بحاجة إلى 2.5 مليون وحدة إضافية على الأقل.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى