أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

هيئة علماء المسلمين تحذر من الانجرار إلى ممارسات تؤثر على هوية أهل السنة

هيئة علماء المسلمين: ما نشهده اليوم هو ليس حيرةً وترددًا، ولا ضعفًا في الشعور الوطني، كما إنه في الوقت نفسه لا يخدم مطلب تعزيز الهوية الوطنية العراقية، وإنما هو اضطراب في فهم الواجب المطلوب، والطريقة التي تضمن التعايش بين المكونات العراقية.

عمان- الرافدين
طالبت هيئة علماء المسلمين في العراق بترسيخ قواعد التعايش في المجتمع العراقي والضوابط الناظمة للسلوك الجمعي العام في بلد محتل.
وحذرت من الانجرار إلى ممارسات غير معهودة قد تؤثر على الهوية، والحرص على مقوماتها والاعتزاز بها والدفاع عنها، من منطلق أنه واجب شرعي، يمدح به الإنسان أو يذم في الدنيا، ويثاب أو يعاقب في الآخرة.
وأشارت الأمانة العامة للهيئة في رسالة مفتوحة إلى أن العراق مر بصورة من صور اضطراب التعايش المجتمعي بعد الاحتلال الذي زرع عبر أدواته بذور تفجير المجتمع من الداخل، وهو ما حذرت منه الهيئة منذ سنوات.
ولفتت إلى وجود محاولات تسييس للقواعد العامة الناظمة للسلوك الجمعي تقف خلفها أحزاب بعينها؛ لجر الشعب نحو أهداف خاصة، وإلزام مؤسسات الدولة بالمشاركة في إحياء مناسبات خاصة بقسم من أبناء الشعب لا كله، إلى جانب التغطية على جرائم هذه الأحزاب، مؤكدة وجود بعض السلوكيات غير المفهومة وغير المبررة التي بدرت من بعض الجهات أو الأفراد أثناء الزيارة الحسينية الأخيرة، ولا سيما ممن يتزيَّ بزي العلماء وطلبة العلم.
ونبهت الهيئة إلى أن هذه التصرفات لم تأت غالبا في سبيل التعايش والتعاون بين أبناء الوطن، وإنما تحقيقًا للأهداف متقدمة الذكر، أو استجابة لنوازع داخلية ومصلحية، أو لضعف في الفهم والإدراك، ولا سيما بعد زيادتها عما كانت عليه في الأعوام السابقة، التي اقتصرت -حينها- على بعض (الجهات السنية) التي تتبنى أفكارًا (باطنية) مخالفة للمعتقد الصحيح لأهل (السنة والجماعة).
وحذرت الهيئة من الانجرار إلى ممارسات غير معهودة قد تؤثر على هوية أهل السنة والجماعة في العراق معتقدًا وتشريعًا وسلوكًا.
وذكرت الأمانة العامة للهيئة في رسالتها المفتوحة “مر بلدنا الحبيب العراق بصورة من صور اضطراب هذا التعايش المجتمعي بعد الاحتلال وتأسيس مشروعه السياسي فيه؛ حيث اشتغل دهاقنة الاحتلال والمتعاونون معه في هذا الموضوع كثيرًا، وسعوا ما أمكنهم لتفريق البلاد وتقسيمها؛ فابتدعوا لها نظام المحاصصة الطائفية والعرقية، وبنوا نظامًا سياسيًا على وفقه، وزرعوا بذور تفجير المجتمع من الداخل، وهو ما أورثنا مشاكل كثيرة كنا في غنى عنها؛ حتى بتنا لا نسمع عن التوافق والتعايش إلا في شعارات الأحزاب ومشاريعها لتقاسم السلطة وما يتبعها من مكاسب: مادية ومعنوية”.
وأضافت “لقد وعت هيئة علماء المسلمين في العراق هذا مبكرًا، قبل استفحال أدواء الاحتلال ومشاكله؛ فنص نظامها الداخلي في أهدافه على توعية الناس بعدم الاستسلام للواقع المر الذي تعيشه الأمة، والوقوف بحزم أمام أي قوة تريد سلخ العراق من هويته التاريخية وحضارته الإسلامية والحرص على وحدته واستقلال أراضيه، وإشاعة روح التفاهم والتسامح بين أبناء الشعب العراقي بمختلف انتماءاتهم الدينية والعرقية ونبذ كل ما يفرق وحدتهم”.
ونص “ميثاق الشرف الوطني” الذي أصدرته هيئة علماء المسلمين في الخامس عشر من تموز عام 2004 على الولاء لله أولًا ثم للعراق ثانيًا، وتقديم مصلحته على كل المصالح الشخصية والسياسية والمذهبية والعرقية وغيرها.
وقالت “لقد قمنا بواجبنا في ضوء المفاهيم والقواعد متقدمة الذكر، وما استقرت عليه مناهج الهيئة وأدبياتها، وتجنبنا الخوض في أي أمر له صلة بالمعتقدات والعبادات والتقاليد والأعراف، وهو ما نفعله اليوم، ونتواصى على مواصلة الأخذ به؛ امتثالًا منا لنهج الهيئة وأهدافها، وقبل ذلك التزامًا بقواعد التعايش في المجتمعات”.

ليس من التعايش بمكان الانخراط في سلوكيات مجموعة ما خوفًا أو طمعًا

وأوضحت “عندما يراد لهذه القواعد العامة الناظمة للسلوك الجمعي العام أن تتخذ مطية لتحقيق أغراض أخرى أبعد ما تكون عن سبل التعايش الحقة، وفي مقدمتها محاولات التسييس التي تقف خلفها أحزاب وقوى بعينها؛ لجر الشعب نحو أهداف خاصة، وسلوكيات معينة، وإلزام مؤسسات الدولة ودوائرها وإدارات المحافظات بالمشاركة في إحياء مناسبات خاصة بقسم من أبناء الشعب لا كله، فضلًا عن التغطية على ما قامت به هذه الأحزاب والقوى من جرائم بحق العراقيين، ولا سيما المستهدفين منهم بمحاولات التغليب غير الشعوري للأفكار والمعتقدات؛ فقد وجبت الإشارة إلى بعض السلوكيات غير المفهومة وغير المبررة التي بدرت من بعض الجهات أو الأفراد خلال الأيام الماضية أثناء (الزيارة الحسينية)، ولا سيما ممن يتزيَّ بزي العلماء وطلبة العلم”.
ونبهت هيئة علماء المسلمين من أن هذه التصرفات لم تأت في -غالبها الأعم- في سبيل التعايش والتعاون والشعور بمشاعر أبناء الوطن، وإنما -للأسف- تحقيقًا للأهداف متقدمة الذكر، أو استجابة لنوازع داخلية ومصلحية، أو لضعف في الفهم والإدراك، ولا سيما بعد زيادتها عما كانت عليه في الأعوام السابقة، التي اقتصرت -حينها- على بعض (الجهات السنية) التي تتبنى أفكارًا (باطنية) مخالفة للمعتقد الصحيح لأهل (السنة والجماعة).
وقالت “إن ما نشهده اليوم هو ليس حيرةً وترددًا، ولا ضعفًا في الشعور الوطني، كما إنه في الوقت نفسه لا يخدم مطلب تعزيز الهوية الوطنية، وترسيخ قواعد التعامل بين الهويات الفرعية الخاصة والهوية الجامعة، التي ننشدها جميعًا -وإن تم تصويره كذلك- وإنما هو اضطراب في فهم الواجب المطلوب، والطريقة التي تضمن التعايش بين المكونات العراقية. وهو في جزء كبير منه انجرار مع سلوكيات وأعراف خاصة؛ حيث ليس من التعايش بمكان الانخراط في سلوكيات مجموعة ما من مجموعات الوطن والمشاركة في طقوسها وتقاليدها -خوفًا ورهبًا أو طمعًا وتقربًا-؛ وإنما يكون التعايش في احترام خصوصية المكونات، وعدم التدخل فيها، والحرص على عدم تعارضها مع الهوية العامة الجامعة”.
وقالت “الموقف الصحيح، والسلوك السليم، والرؤية المطلوبة تحقيقًا لواجب الوقت -فيما نراه- هو في معرفة واقع الناس في العراق، وإدراك نقاط الضعف والقوة في نسيجهم المجتمعي، والحرص على حماية خصوصياتهم، والتصدي لحملات استهداف أبناء الوطن بسبب معتقدهم أو مذهبهم، والبحث عن سبل التعاون بين المجموعات والمكونات الفرعية بمختلف أنواعها للمحافظة على الهوية الوطنية العراقية”.
واختتمت الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين رسالتها بالقول “إن الاعتزاز بما نؤمن به كـ(أهل سنة وجماعة) في العراق: معتقدًا، وتشريعًا، وسلوكًا، ونظرة منصفة لتأريخ الأمة، واحترامًا وتوقيرًا لرموزها؛ يوجب علينا التحذير من الانجرار إلى ممارسات غير معهودة قد تؤثر على هويتنا، ويدعونا إلى الحرص على مقومات هذه الهوية والاعتزاز بها والدفاع عنها، من منطلق أنه: واجب شرعي، يمدح به الإنسان أو يذم في الدنيا، ويثاب أو يعاقب في الآخرة.”
وقالت “فضلًا عن كونه موقفًا لا يتعارض البتة مع مقومات التعايش والعلائق مع المجموعات والمكونات والهويات الأخرى؛ فهو عين ما تفعله تلك المجموعات والمكونات والهويات في العالم أجمع، وليس في العراق فحسب.”

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى