الوطنية العراقية في هامش الصراع على المناصب بين الصدر والمالكي
بغداد-الرافدين:
خفف مصدر سياسي عراقي في تصريح لقناة “الرافدين” من وطأة ما سماها “المعركة الصوتية” بين مقتدى الصدر ونوري المالكي، مؤكدًا على أن ثيمة الخلاف لا تمت بصلة لأي مشروع وطني يتوق له العراقيون.
وقال المصدر الذي يتقلد منصبًا في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي: “إن الخلاف القائم بعد إعلان أسماء مرشحي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، هو على تقسيم المناصب والمواقع التي تدر أموالًا على الأحزاب الشيعية”.
وأعلنت الكتلة الصدرية، في مؤتمر صحفي ترشيح تحالف إنقاذ وطن، ريبر أحمد لمنصب رئيس الجمهورية، ومحمد جعفر الصدر لمنصب رئيس الوزراء.
وتصاعدت التصريحات والتهديدات بين الأحزاب والقوى الشيعية غداة إعلان الكتلة الصدرية وائتلاف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، الأربعاء، تشكيل تحالف باسم “إنقاذ وطن” وترشيح محمد جعفر الصدر وريبر أحمد.
وقال رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري: “إن تحالف إنقاذ وطن الأكثر عددًا، يرشح ربير أحمد من الحزب الديمقراطي الكردستاني لرئاسة الجمهورية، ومحمد جعفر الصدر ابن عم زعيم التيار الصدري رئيسًا للحكومة.

وأضاف: “أن تحالف إنقاذ وطن ماض نحو تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، متعهدين بإكمال المسيرة الإصلاحية”، مؤكدًا على “تشكيل الكتلة الأكبر عبر تحالف إنقاذ وطن”.
وأضاف المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلًا عدم ذكر اسمه لحساسية موقعه: “أن رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي قد ذكّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في المكالمة الأخيرة بينهما بوصية المرشد الإيراني علي خامنئي (وحدة الطائفة الشيعية فوق أي اعتبار وطني عراقي آخر)”.
وطالب المالكي الصدر بأن يحافظ على حكم الشيعة للعراق، لأنه بمجرد فقدان هذا الحكم يصعب علينا استعادته، وفق تعبير رئيس حزب الدعوة المدعوم من إيران.
فيما حذر بيان الإطار التنسيقي الذي يضم ميليشيات الحشد الشعبي والأحزاب الطائفية الموالية لإيران، من أن هذ الوضع “سيؤدي إلى التفريط بحقوق المكون الأكبر، وسيخلق فجوة كبيرة بين صفوفهم” في إشارة للشيعة وفق التقسيم الطائفي القائم بعد احتلال العراق عام 2003.
وشدد المصدر في تصريح لـ”الرافدين” على أن كل هذه الخلافات المعلنة لا تتعدى توزيع الحصص والمغانم، لأن التيار الصدري متمسك بوزارات الداخلية والمالية والإعمار، ومواقع متقدمة في الوزارات الأخرى من أجل الاستحواذ على ما حصلت عليه الميليشيات الطائفية إبان فترة رئاسة المالكي للحكومة العراقية.
وكان زعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي، قد تعهد بأنهم لن يخاطروا بـ “الاستحقاق الشيعي”. وقال في تصريحات تلفزيونية: “لدينا ما يكفي لنكون الكتلة الأكبر، لكننا لن نخاطر بالاستحقاق الشيعي؛ لأن ذلك يؤدي إلى ضياعه نهائيًا”.

وقال الخزعلي المتهم بارتكاب جرائم قتل على الهوية وعمليات فساد كبرى في صفقات مالية فرضتها ميليشيا العصائب على الوزارات العراقية: “إن كل القصة هي قضية التنافس السياسي، والتيار يرغب بالاستحواذ على الحصة الشيعية في الوزارات”.
وأكد المصدر على أن كل ما يحصل هو تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، الذي يسمح بهامش خلاف ضئيل بين الأطراف الشيعية المتصارعة على كعكعة الثروة في العراق.
وأشار إلى أن العراقيين برمتهم يدركون أن هذه المعركة الصوتية بين التيار الصدري والإطار التنسيقي لا تتعدى خشية خسران المغانم، وإن دورة الفساد مستمرة تحت حكم الأحزاب الطائفية. ولا يوجد أي أفق في الإصلاح والتغيير كما يزعم رئيس التيار الصدري.
وتحدى المصدر السياسي العراقي في تصريحه لـ “الرافدين” أن يفي الصدر بما تعهد به بتقديم الفاسدين الكبار إلى القضاء، قائلًا: “أتحدى السيد مقتدى أن يسائل المالكي عن التفريط بأكثر من مائة مليار دولار من ثروة العراق، ومحاكمته على تقديم الموصل لتنظيم داعش”.
واختتم تصريحه بالقول: “إن محاكمة الفاسدين الكبار من قادة الميليشيات المدعومة من إيران مقياس لاختبار التيار الصدري أمام العراقيين”.
واستخدم الصدر في خطبه مفردات الإصلاح والدولة المدنية، والسيادة، والعدالة الاجتماعية، وإنهاء الفساد ورفض التدخل الخارجي ومصادرة السلاح خارج سيطرة الدولة. وجميعها تمثل إدانة للتيار الصدري عندما ارتكب انتهاكات شنيعة سواءًا عبر الجرائم الموثقة لجيش المهدي أو بإدارة ماكنة الفساد من قبل ممثلي التيار في البرلمان العراقي أو داخل الوزارات.

ومثل هذا الكلام ليس مفاجئًا للشارع العراقي الذي يعرف جيدًا التأريخ الدموي للصدر، مثلما تحمّل نتائج فشل ممثليه في الحكومات العراقية، ويرى فيه العراقيون استمرارًا لتبرير الرثاثة السياسية القائمة على الأحزاب الطائفية منذ احتلال بلدهم.
ويوضح تحليل أجرته وكالة رويترز أن الوزارات التي شغل الصدريون أو حلفاؤهم مناصب فيها في الآونة الأخيرة تمثل ما بين ثلث ونصف موازنة العراق لعام 2021 البالغ حجمها 90 مليار دولار. لكن الحكومة العراقية لم تعلق على هذا الأمر.
وقال الكاتب السياسي العراقي مصطفى سالم: “مقتدى وتياره بلا رصيد معرفي، وهو لا يضيف للعراق شيئًا، وفوزه يعني أن مواجهة من يعارض الفساد ستكون أكثر وحشية”.

وأكد سالم “أن مقتدى لا يمكن أن يكون بلا سلاح، فهو رجل ضمن خاطفي الدولة”.
وأشار إلى أن “مقتدى ابن هذا النظام الفاسد الطائفي وتأريخه أسوأ من مجزرة، ولكنه ملتصق بإيران ويعرف حدوده وهي ستقضي عليه لأنها ليست بحاجة إلى الصدام الشيعي – الشيعي حاليًا”.
وقال: “لو اطلعنا على نتائج الانتخابات وأسماء الفائزين سنة وشيعة سنعرف أن هذا النظام لا علاج له إلا من خارجه”.
وقال مصطفى سالم: “بين عمامة السيستاني المتوارية وعمامة مقتدى الجاهلة تدفن الدولة ومعها القانون”.
ولا يمكن لجيش المهدي القيام بما يقوم به الحشد الشعبي لصالح إيران. وحاجة طهران إلى دور الميليشيات أكبر من أن تتخلى عنهم بصفقة إلا في مرحلة تسبق الانتحار.
بينما قال عائد الهلالي عضو الإطار التنسيقي: “إن التيار الصدري عندما بعث بمرشحه جعفر الصدر لرئاسة الوزراء، للإطار التنسيقي مع شروطه الاثني عشر، وافق عليها الإطار، وبالمقابل أرسل الإطار أربعة شروط لمعالجة بعض العقبات التي تقف حائلًا دون إتمام التوافق بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري الذي إلى الآن لم يُجب على النقاط الأربع”.
وعدّ أنه من المهم الاتفاق داخل البيت الشيعي على ما سماه حق المكون الشيعي في تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر.

فيما أعلن النائب المستقل باسم خشان في بيان “إنّ القناعة بأقل من الاستحقاق كنز بالنسبة لمن لا يعرفون قدر أنفسهم، وإن ما يستحقه المستقلون هو أن يقودوا الحكومة لا أن يحصلوا على فتات ما يتساقط من موائد التنافس والتحاصص خلف الأبواب الموصدة”.