ما يحدث في العراق: عبث سياسي وتنافس على المغانم في ظل نظام هش
بغداد- الرافدين
كشف الجدل المتصاعد والخلاف القائم بشأن انتخاب رئيس الجمهورية بين الأحزاب والميليشيات، أن العملية السياسية القائمة منذ احتلال العراق عام 2003 لم تنتج إلا نظاما هشًا قائمًا على المصالح وتقسيم الحصص.
ومع الحديث المتواصل من قبل التيار الصدري عن حكومة إصلاحية، إلا أن كل المؤشرات تستبعد تشكيل حكومة وطنية بوجود نخبة سياسية غير مستعدة لتنحية خلافاتها جانبا من أجل المصلحة العامة.
وبفشل تحقق النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية في جلسة يوم الأربعاء الماضي، فإن الحديث عن مهلة قانونية تنتهي في السادس من شهر نيسان، تزيد من العبث السياسي المستمر في العراق.
وأعلن فائق زيدان رئيس مجلس القضاء أن استمرار برهم صالح رئيس البلاد الحالي في منصبه دون انتخاب رئيس جديد يعّد مخالفا للدستور. عقب إخفاق البرلمان العراقي ثلاث مرات في عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وقال زيدان: “الواقع السياسي العراقي يشهد مخالفة صريحة لقاعدة دستورية، باستمرار رئيس الجمهورية في منصبه، بعد انتهاء مدة أقصاها 30 يوما من انعقاد أولى جلسات مجلس النواب الجديد”.
وينتظر أن يعقد البرلمان يوم السادس من نيسان الجاري جلسة حاسمة لانتخاب رئيس جديد للعراق، وبخلافه سيدخل العراق في حالة الفراغ الدستوري لمنصب رئيس الجمهورية.

إلا أن غالبية المراقبين السياسيين إضافة إلى القوى الوطنية العراقية وثوار تشرين، يرون أن مناقشة المهل الدستورية، هو نوع من العبث السياسي الذي يبعدنا عن أصل مشكلة العراق الحقيقية المتمثلة بقيام عملية سياسية رثة وفقا لدستور كتب في زمن شاذ وتحت سطوة الاحتلال الأمريكي للعراق.
ويرون أن مناقشة التخريجات القانونية وفقًا للدستور وقرارات المحكمة الدستورية، تبعدنا عن أصل المشكلة المتمثلة في الخلافات بين القوى الحاكمة على توزيع الحصص بينهم قبل الاتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.
وأعتبر الصحفي العراقي كرم نعمة أن الدستور الذي كتب بعد احتلال العراق عام 2003 سقط ميتًا قانونيًا قبل ولاداته بقلم نوح فليدمان. في إشارة إلى فليدمان الأمريكي من أصول عراقية يهودية الذي استعان به حاكم الاحتلال الأمريكي بول بريمر للأشراف على كتابة الدستور.
وكتب كرم نعمة في تغريدة على حسابه الرسمي “أكثر من يستحق الشفقة المعرفية! أولئك المنهمكون في التحليل والبحث عن نصوص قانونية ودستورية وتفسيرها من أجل عكسها على الرثاثة التقسيمية المستمرة في العراق وكأن الدستور لم يسقط ميتا قانونيا لحظة ولادته بقلم نوح فليدمان، أو أن المحكمة الدستورية ليست كتلة فارغة لتبرئة لصوص الدولة”.
وأخفق البرلمان العراقي لثلاث مرات في عقد جلسة مخصصة لانتخاب رئيس البلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، ومقاطعة كتل سياسية أبرزها الإطار التنسيقي لجلسات البرلمان بسبب الخلافات على المنصب.
وينص الدستور وفق المادة “72 ب” على انتخاب رئيس جديد للعراق خلال مدة أقصاها 30 يوما من انعقاد أول جلسة للبرلمان المنتخب، والتي انقضت باعتبار أن البرلمان عقد أول جلساته في التاسع من كانون الثان الماضي.
في غضون ذلك يتصاعد الجدل بين الإطار التنسيقي المنضوية تحته الميليشيات الولائية والتيار الصدري في تبادل رسائل الاتهام على تعطيل جلسات البرلمان واختيار رئيس الجمهورية.
فبينما أعطى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مهلة 40 يومًا لقوى الإطار التنسيقي وحلفائها للدخول في حوارات مع الكتل النيابية الأخرى لتشكيل الحكومة تكون الكتلة الصدرية خارجها. طالبت قوى الإطار الكتلة الصدرية لتشكيل لجنة مشتركة بينهما للاتفاق على تسمية مرشح للحكومة المقبلة للخروج من حالة الانسداد السياسي.
ويرفض الصدر صاحب الكتلة النيابية الأكثر عددًا في البرلمان وضع يده مع الكتل الأخرى في الإطار بسبب تمسكه بتشكيل حكومة أغلبية وطنية.

ولا يعول غالبية العراقيون على التسميات المتبادلة بين الفرقاء في العملية السياسية، ويرون أن الخلاف القائم بينهم لا يمت بصلة للوطنية والمصلحة العامة وإنقاذ البلاد من الانهيار والفساد وحكم اللادولة والسلاح المنفلت. وإنما هو خلاف على المصالح والحصص وضمان عدم المحاسبة بعد إصرار ثوار تشرين على محاسبة القتلة ولصوص الدولة.
وجدد تحالف السيادة بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، التمسك بالشراكة مع الكتلة الصدرية لتشكيل حكومة عراقية.
في غضون ذلك كشف مصدر مطلع لقناة “الرافدين” عن قيام قادة ميليشيا الحشد باللجوء إلى مرجع ديني في النجف لإقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بعدم فتح ملفات الفساد المتورط فيها كبار قادة الميليشيات عند تشكيل الحكومة.
وذكر المصدر أن فتح ملفات الفساد الكبيرة واحد من أهم الخلافات بين الحشد والتيار الصدري. وهي أحد الشروط التي يطالب بتسويتها الإطار التنسيقي قبل الاتفاق مع الصدر.
ويأمل المرجع الديني الذي سيترأس وفدًا لزيارة الصدر في منزله خلال شهر رمضان، في محاولة لأقناعه بعدم التلويح بمحاكمات الفاسدين من قادة ميليشيا الحشد.
وشدد المصدر بقوله على أنه لو فتح ملف الفساد فلن يسلم منه كبار قادة ميليشيات أحزاب إيران في العراق، بما فيهم التيار الصدري.
وأشار إلى أن قادة ميليشيا الحشد يلوحون بإعادة فتح ملف مقتل عبد المجيد الخوئي المتهم به مقتدى الصدر، بمجرد فتح ملفات صفقات وسرقات كبرى من أموال الدولة.
 
						


