أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

لبنان يترقب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للخروج من الانهيار السياسي والاقتصادي

محللون يشككون بقدرة السياسيين اللبنانيين على اتخاذ الخيارات الصعبة لإنقاذ البلاد من سطوة حزب الله.

بيروت – قال مستشار لرئيس الوزراء اللبناني الجمعة إن الجانب الأكبر من حزمة إصلاحات يريد صندوق النقد الدولي سنها قبل الموافقة على صفقة تمويل للبلاد سيُترك للبرلمان الجديد لدراستها، في إشارة إلى أنه قد لا يتم عمل شيء يُذكر قبل الانتخابات العامة المقررة في 15 أيار.

وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن الخميس مسودة اتفاق التمويل، لكنه قال إن مجلس إدارته لن يقرر ما إذا كان سيوافق عليها حتى تسن بيروت مجموعة من الإصلاحات بما في ذلك إجراءات تعجز القوى الحاكمة عن تنفيذها منذ فترة طويلة.

ويُنظر على نطاق واسع إلى اتفاق صندوق النقد الدولي على أنه سبيل لبنان الوحيد لبدء الخروج من الانهيار المالي والاقتصادي الذي يمثل أكبر أزمة قوضت استقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى 1990.

وفي حين أشاد القادة اللبنانيون بالاتفاق المبدئي وقالوا إنهم مستعدون لإنجاحه، شكك محللون كثيرون في إقدام الأطراف المتعنتة بلبنان على إصلاحات ظلت تجد طويلًا عزوفًا أو صعوبة في الاتفاق عليها.

ويُنظر إلى الانتخابات التشريعية على أنها عقبة أخرى أمام تنفيذ الاتفاق. وبعد الانتخابات سيتعين تشكيل حكومة جديدة، وهي عملية تمتد عادة لشهور طويلة.

وأشار نيقولا نحاس، أحد كبار المشرعين ومستشار رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، إلى أنه لم يتبق سوى أسابيع قليلة قبل الانتخابات وإلى انشغال النواب بحملاتهم الانتخابية.

فشل سياسي واحتجاجات مستمرة

وعن الإصلاحات قال نحاس لوكالة رويترز “لم يكن من المفترض أن يتم ذلك في غضون أسابيع قليلة، ولن يقول أي شخص جاد إنه ينبغي القيام به في هذا الإطار الزمني”، مضيفًا أن البرلمان قد يوافق على قانون وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية (الكابيتال كنترول) وقانون الموازنة قبل الانتخابات.

وأضاف “الاتفاق هو نوع من المعايير لما يجب أن يأتي بعد الانتخابات. لذلك، بعد الانتخابات سيبدأ البرلمان في دراسة هذه الإجراءات بسرعة وبعد ذلك سنرى كيف نمضي قدمًا”.

وقبل إحالة الاتفاق إلى مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، قال الصندوق إن السلطات وافقت على استكمال إجراءات تشمل موافقة مجلس الوزراء على إعادة هيكلة البنوك التي تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها، مع حماية صغار المودعين والحد من اللجوء إلى الموارد العامة.

وكانت النخبة السياسية والمالية في لبنان على خلاف حول مثل هذه الخطة لمدة عامين، لا سيما مسألة كيفية توزيع حوالي 70 مليار دولار من الخسائر بين البنوك والدولة والمودعين.

وقال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة لرويترز إنه يأمل في تلبية شروط صندوق النقد الدولي وإن المصرف المركزي “تعاون وسهل مهمة الصندوق، واصفًا الاتفاق بأنه “حدث إيجابي للبنان”.

وقال سلامة لرويترز “الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيسهم في توحيد سعر الصرف”

وذكر بنك الاستثمار الأمريكي غولدمان ساكس إن الإصلاحات صعبة اقتصاديًا وسياسيًا “لكن ليس أكثر من إعادة هيكلة البنوك المحلية من وجهة نظرنا”.

اللبنانيون لن ينسوا ضحايا انفجار بيروت

وأضاف في مذكرة “توزيع الخسائر بين الحكومة ومساهمي البنوك والمودعين هو سؤال ينطوي على تحديات سياسية ومن غير المرجح أن يتم حله بسهولة (أو بسرعة) من وجهة نظرنا”.

وقال إن الاتفاق “خطوة مهمة إلى الأمام”، لكنه تلويح بشيء مأمول “أكثر من كونه وعدًا بمساعدة مالية على المدى القريب”.

وقال مايك عازار الخبير في الشؤون المالية في لبنان إن الصفقة تفتقر إلى التفاصيل بما في ذلك أي حلول، وسيجري الترويج لها بين الناخبين على أنها “نصر بينما هي في الواقع بيان نوايا غير ملزم لا يرافقه شيء ملموس”.

وأضاف “من المؤسف أن صندوق النقد الدولي وافق على منح الحكومة نصرًا أجوف قبل الانتخابات مباشرة”.

ويريد المانحون أن يعالج لبنان الأسباب الجذرية للأزمة بما في ذلك هدر الدولة والفساد، قبل الإفراج عن المساعدات.

ورحبت الولايات المتحدة بالاتفاق وحثت بيروت على إجراء إصلاحات. ووصفته فرنسا بأنه “خطوة أولى مهمة”

وأعلنت الكويت والسعودية اللتان كانتا يومًا من المانحين الرئيسيين للبنان أن مبعوثيهما سيعودان إلى بيروت، في تحسن للعلاقات التي توترت بسبب نفوذ حزب الله المدعوم من إيران.

وربط البطريرك بشارة بطرس الراعي عقب لقائه بالرئيس ميشال عون اتفاق صندوق النقد الدولي بعودة المبعوثين الخليجيين قائلًا إن الخطوات “تكمل بعضها البعض”.

وتابع “هذا الأمر يصب في الاتجاه ذاته، خصوصًا وأن دول هذا المجلس يعبرون دائمًا عن استعداهم للوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته، إذًا ليس هناك من تناقض بل تكامل”.

وقال آندرو تابلر، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الخطوتين تعكسان نفس الشيء “ألا وهو أن القلق من حدوث انهيار للدولة اللبنانية يتزايد في الغرب وبالمنطقة”.

وأضاف “أشك أن السياسيين اللبنانيين سيتخذون الخيارات الصعبة. هم عادة لا يفعلون”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى