أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

من ينفذ القانون في العراق بعد هدم وحرق حسينيات واعتقال أتباع الصرخي؟

الأحزاب والميليشيات الحاكمة تتذرع بالدستور الديمقراطي، لكنها تنتهكه عندما يتعلق الأمر بمن يختلف معها في الأفكار والمعتقدات

بغداد- الرافدين

أثارت حملة اعتقالات للعشرات من أنصار رجل الدين محمود الصرخي في عدة محافظات عراقية، سبقتها حملة من قبل عناصر ميليشيات بحرق مقرات وحسينيات لأتباع الصرخي، تساؤلات بشأن تنفيذ القانون عندما يتعلق الأمر بالأفكار والمعتقدات المختلفة.

وتساءل مراقبون سياسيون عن جدوى تشدق الأحزاب الحاكمة بالنظام الديمقراطي والدستور، لكن هذا النظام تحول إلى أداة قمع واعتقال لمجرد أن أتباع الصرخي اختلفوا مع تلك الأحزاب.

وأضرم محتجون، الثلاثاء، النيران في مكتب المرجع الديني محمود الصرخي، في محافظة بابل على خلفية دعوى بهدم المراقد الدينية والقبور في البلاد.

حرق المقار التابعة للمرجع الديني محمود الصرخي بذريعة الإساءة للمراقد الدينية

وذكر شهود عيان، بأن عشرات من المتظاهرين الرافضين لتصريحات خطيب “حسينية الفتح المبين” التابع للصرخي، في بابل أضرموا النيران بمكتبه في المحافظة.

واعتبر المحلل السياسي الدكتور علي الربيعي، الهجوم على الصرخيين رد فعل عصبي شديد تحت ضغط أوضاع تفكك المنظومة السياسية الحاكمة وتفشي الفساد فيها وفشلها حتى بعيون أتباعها وانهيار وعودها.

الدكتور علي الربيعي: قمع الصرخيين يكشف فشل المنظومة الطائفية

وقال الربيعي في تصريح لقناة “الرافدين” يكشف هذا الهجوم على (الصرخية) لمجرد اختلافهم في الأحكام والفتاوى الفقهية، وعلى الرغم من أنها جماعة محدود الإمكانيات عن مدى تعفن قانونهم بالعنف وعدم تحوطهم في الدماء كما يطالب الفقه الشيعي”.

وأصدرت محكمة تحقيق العمارة مذكرة قبض بحق رجل الدين محمود عبد الرضا محمد الملقب بمحمود الصرخي.

وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، في بيان أن “المحكمة أصدرت مذكرة القبض وفق أحكام المادة 372 عقوبات التي تنص على معاقبة من يعتدي بأحد الطرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية أو حقّر من شعائرها”.

إلا أن ذريعة القضاء بالقبض على الصرخي تثير تساؤلات بشأن استقلال القضاء، عندما يكون أداة لقمع أفكار مختلف عليها بين تيارات دينية- طائفية.

ويتساءل مراقبون سياسيون: كيف للقضاء أن يخالف أحكام الدستور (الذي يتم التشدق به حسب الحاجة) والذي كفل حرية التعبير والآراء والمعتقدات لجميع العراقيين. لمجرد أن تلك الأفكار مختلفة عما تريده الأحزاب الحاكمة.

وقال سياسي عراقي “كيف للقضاء أن يتدخل ويصدر مذكرة باعتقال رجل دين، لمجرد إيمانه بأفكار مختلفة عما تريده الأحزاب الحاكمة ويحقق مصالحها.

وأضاف السياسي في تصريح لـ”الرافدين” أن “الهجمة الميليشاوية المدعومة من قبل الحكومة، تؤكد أن الصرخي وأتابعه يسيرون خارج الخط الذي ترسمه أحزاب إيران في العراق، الأمر الذي أثار مخاوفها”.

وقال إن “كان هناك من خلل يستوجب التدخل لإيقافه. فمن يفعل ذلك… أجهزة الدولة المختصة أم الميليشيات وجماهير الأحزاب؟”.

وأشار السياسي مفضلًا عدم ذكر اسمه إلى وصية المرشد الإيراني علي خامنئي لقادة الأحزاب الطائفية في العراق “وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني عراقي” الأمر الذي يؤكد أن تلك الأحزاب والميليشيات، وإن زعمت أنها تمثل المذهب، فإنها تدرك اليوم بأن تفككها صار واقعًا سياسيًا وشعبيًا، وبدأ التفكك من داخلها. فيما يستمر الانسداد السياسي والاختلاف على توزيع الحصص بين الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الأحزاب والميليشيات الولائية، مع التيار الصدري.

وعرف رجل الدين محمود الصرخي الحسني، بمواقفه السياسية والدينية المثيرة والتي لا تتفق مع مرجعية النجف ويطالب بمرجعية عربية لإدارة شؤون الحوزة، ورفض الولاء لعلي خامنئي في إيران.

أفكار المرجع الصرخي تخالف مرجعية النجف وترفض الولاء لإيران

وينحدر الصرخي من بيئة تعليمية مختلفة لأنه حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة بغداد، إلا أنه أكمل دراسته الدينية ضمن مدرسة محمد صادق الصدر والد مقتدى الزعيم الحالي للتيار الصدري.

وبحسب ما نشر في منصاته الإلكترونية عن سيرته الذاتية فإنه ولد بمدينة الكاظمية عام 1964، وتخرج من كلية الهندسة في جامعة بغداد عام 1987، وعمل كمهندس مدني قبل أن يلتحق بحوزة النجف عام 1994.

ويعتبر الصرخي نفسه داعيًا للاعتدال ونبذ الطائفية ويتبنى فكرة دولة محايدة “يعيش فيها الجميع بغض النظر عن مذهبه أو ديانته أو قوميته”.

وينتشر أتباعه المعروفين بـ “القلة” في محافظات عراقية مختلفة أبرزها كربلاء والناصرية والقادسية والبصرة وبابل وميسان.

ويتبنى الصرخي آراء تختلف عن مواقف بقية رجال الدين، ويقول عن نفسه إنه يتبع المدرسة العلمية التجديدية أي مدرسة الصدرين محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر.

إلا أن مقتدى الصدر طالب الصرخي التبرؤ من بعض أتباعه الداعين إلى هدم بعض المراقد والقبور، لكن الصرخي لم يصدر تعليقًا أو بيانًا حتى الآن حول الأمر وأن مواقعه الإلكترونية متوقفة عن النشر منذ فترة.

ونبّه زعيم التيار الصدري، من انتشار عقائد فاسدة في المجتمع، مشيرًا إلى أن آخرها ما صدر ممن ينتمي بالتقليد إلى الصرخي.

ويكشف الموقف الجديد للصدر عن تناقضات وازدواجية مواقفه عندما يتعلق الأمر بمصالح سياسية وشخصية، فقد سبق وأن دافع عن الصرخي، مدينًا السلطات بقمع تظاهرة قام بها أتباعه.

الصدر يكرس تناقضاته المعهودة في موقفه الأخير من المرجع الديني محمود الصرخي

وأعلنت السلطات الحكومية الأربعاء عن اعتقال 29 شخصًا من أتباع الصرخي في عدة محافظات.

وأعلن جهاز الأمن المرتبط برئيس الوزراء الحالي”إلقاء القبض على شخص دعا إلى هدم المراقد الدينية، عبر فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وذكر بيان للحكومة الحالية أنه “تنفيذًا لأوامر قبض قضائية يواصل جهاز الأمن الوطني حملته الموسعة لملاحقة واعتقال عناصر الحركات المتطرفة التي تحاول الإساءة إلى المعتقدات والرموز الدينية وتهديد السلم المجتمعي، إذ تمكنت مفارز الجهاز من إلقاء القبض على 29 متهمًا بالانتماء إلى تلك الحركات المتطرفة في محافظات بغداد، ذي قار، بابل، القادسية، المثنى، البصرة، ميسان، واسط، النجف الأشرف”.

وأعلنت مديرية شرطة البصرة، إلقاء القبض على 14 متهمًا بترويج فتوى “هدم المراقد”.

وفي وقت سابق، أعلنت وكالة الاستخبارات، القبض على ستة أشخاص يتهجمون على الرموز الدينية في محافظات البصرة وكربلاء وميسان.

القوات الأمنية تنفذ حملة اعتقالات واسعة ضد أتباع الصرخي بتهمة نشر “الفتنة”

وأمر قائد شرطة محافظة بابل خالد تركي جهاد الشمري، في وقت سباق، بغلق جميع الحسينيات والمكاتب التابعة لأتباع رجل الدين محمود الصرخي.

وطالب عشرات المحتجين في محافظة بابل، مساء الاثنين، بإغلاق حسينية في المحافظة طالب خطيبها بهدم المراقد الدينية.

وبحسب فيديو متداول على مواقع التواصل، فإن العشرات تجمعوا أمام حسينية “الفتح المبين” بمنطقة الحمزة الغربي، احتجاجًا على خطبة ألقاها إمام الجامع طالب خلالها بهدم المراقد الدينية، مطالبين بإغلاق الحسينية وتحويلها إلى دائرة حكومية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى