أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

مسجدي يحذر من تشكيل حكومة من دون ميليشيات وأحزاب إيران في العراق

الكتل السياسية تغض الطرف عن تصريحات السفير الإيراني ‬إيرج مسجدي التي تعد تدخلًا مكشوفًا في إدارة العملية السياسية في العراق.

بغداد – الرافدين

تمادى السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي في إدارة العملية السياسية، بإعلانه أن الوقت لم يحن بعد لحكومة أغلبية وطنية، في إشارة إلى الحكومة التي يطالب بها التيار الصدري

ومع أن مسجدي زعم “بصلافة” قل نظيرها في العمل الدبلوماسي بأن موقف طهران من تشكيل الحكومة الحالية لا يشكل تدخلًا أو إملاءًا أو محاولة فرض رؤية. إلا أن مراقبين سياسيين تساءلوا عن تعريف معنى التدخل في نظر مسجدي.

وتطالب إيران بفرض أتباعها من الإطار التنسيقي والميليشيات المنضوية تحته في تشكيلة الحكومة، لاستمرار نفوذها في صناعة مستقبل البلاد والتحكم بثروات العراق.

وعبر مسجدي الذي سيترك منصبه قريبًا ليحل مكانه محمد كاظم آل صادق، أحد قياديي الحرس الإيراني، عن حاجة السياسيين إلى التوافق فيما بينهم في تشكيل الحكومة. في إشارة واضحة إلى عدم إقصاء الميليشيات الولائية.

طهران تؤكد على لسان سفيرها ببغداد إنها لن ترضى بحكومة أغلبية وطنية في العراق

وطالما أعاد المرشد الإيراني علي خامنئي أمام السياسيين العراقيين وقادة الميليشيات الطائفية جملته “وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني عراقي” في وقت يحذر مسجدي من إقصاء أتباع إيران من حصة تشكيل الحكومة في بغداد.

ويوصف مسجدي بالمندوب السامي الإيراني في العراق أكثر من كونه سفيرًا، وظهر في اجتماعات حكومية في بغداد والمحافظات.
ويتساءل مراقبون سياسيون عما إذا كان بمقدور أي سفير عراقي في إيران ممارسة دور مسجدي في التأثير على تشكيل الحكومة الإيرانية.

وقال مراقب سياسي عراقي “لو صرح سفير أي دولة أخرى غير إيران بشأن تشكيل الحكومة في بغداد، ماذا سيكون رد فعل أحزاب إيران في العراق، وهل ستكتفي بالصمت الذي تتوارى خلفه عادة مع تصريحات مسجدي”.

وعد الباحث في الشأن العراقي رعد هاشم العزاوي، تصريحات مسجدي بأنها تعبر عن حقيقة نواياه التي مصدرها “إجرام الحرس الثوري الإيراني”، مؤكدًا أنها تبين بغضه للعراقيين.

وكتب العزاوي “أبى السفير الإيراني المنتهية صلاحيته إيرج مسجدي قبل مغادرته العراق إلا أن يكشف عن حقيقة نواياه التي لا تُغطى بواجهة الدبلوماسية المتستّر بها”.

وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري قد نصح في وقت سابق السفير الإيراني بالانخراط في دورة في الاحترام والدبلوماسية بعد تصريح للأخير عن قصف أربيل، وقبلها الضغط الإيراني لمنع قبول ترشح زيباري لمنصب رئيس الجمهورية.

وقال زيباري إن سفير إيران أعلن من كربلاء بأن قصف أربيل لا علاقة له بسيادة العراق، وهذا التصريح يؤكد بأن مسجدي بحاجة إلى دورة في القانون والعلاقات الدولية وحسن الجوار والاحترام المتبادل بين الدول.

إيران تخشى من إقصاء الأحزاب والميليشيات الموالية لها من المشهد السياسي العراقي

ولم تتوقف إيران بعد 19 عامًا على احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها، في الإشراف على عملية محاصصة طائفية تقسم الشعب العراقي، وتدفع بحكومات فاشلة تدير أكبر عملية فساد في تاريخ الدول.

وسبق وأن نشرت صحيفة نيويورك تايمز تسريبات تؤكد أن سفراء إيران في العراق ولبنان وسوريا يتم تعيينهم من الرتب العليا للحرس الثوري، وليس من وزارة الخارجية، بحسب ما قاله مستشارون للإدارات الإيرانية الحالية والسابقة.

وترى هدى رؤوف الكاتبة المتخصصة بالشؤون الإيرانية إن “طهران اعتادت على توظيف استراتيجية متعددة الأبعاد لتنفيذ سياستها الخارجية، فعملت على تعزيز نفوذها السياسي في العراق من خلال آليتين، الأولى هي التحكم في العملية السياسية، والثانية دعم الميليشيات والأحزاب الموجودة في العراق”.

ولا تخفي طهران قلقها من احتمال إقصاء الأحزاب والميليشيات الولائية من تشكيل الحكومة وسط الصراع القائم بين التيار الصدري والإطار التنسيقي.

وذكرت تقارير صحفية أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عقد اجتماعًا في طهران، بحضور السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي، لبحث الملف العراقي واختيار رئيس الحكومة العراقية.
وخلص الاجتماع الى الضغط على الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة وسط التأزم السياسي الذي يشهده العراق، جراء الفشل في تأمين النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية الذي يقوم بدوره في تكليف رئيس الحكومة.

وحذر مسجدي خلال اجتماع المجلس، من انتخاب رئيس وزراء عراقي جديد، وتشكيل حكومة خارجة عن التحالف الإيراني المتمثل بالإطار التنسيقي، عادًّا إياه محاولة لإضعاف الموقف الإيراني أمام الولايات المتحدة ودول الخليج العربي.

ويجمع العراقيون على رفض التدخل الإيراني في بلادهم، كما ينظرون بازدراء للأحزاب والميليشيات الولائية ويرون أنها سبب الفشل السياسي والفساد الذي ينخر البلاد منذ عام 2003.

وعبر العراقيون بشكل صريح عن موقفهم من إيران ومرشدها علي خامنئي في ثورة تشرين عام 2019 التي رفضت الأحزاب الفاسدة وتبعيتها للخارج فضلًا عن رفعهم لشعارات مناهضة للتغول الإيراني في العراق إبان ثورة 25 شباط 2011 التي قمعت من قبل رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي التي ارتكبت قواته فيما بعد مجازر ضد المعتصمين في الحويجة وديالى والأنبار والموصل.

ورفع الثائرون طوال عقد من حراكهم الشعبي في مختلف مراحله شعارات تندد بالميليشيات الولائية ودور قائد فيلق “القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق قبل أن يُقتل في غارة أمريكية في مطار بغداد الدولي مطلع عام 2020.

واقتحم المتظاهرون الغاضبون القنصلية الإيرانية في البصرة عام 2018 قبل عام من اقتحامهم للقنصليات الإيرانية في كربلاء والنجف عام 2019 وأقدموا على إحراق صور المرشد الإيراني علي خامنئي تعبيرًا عن رفضهم للتدخلات الإيرانية في العراق التي باتت مكشوفة للجميع.

مراقبون يرون أن إيران أفلست شعبيًا في محافظات جنوب العراق بعد اقتحام قنصلياتها

وشعرت إيران بالإهانة السياسية والشعبية التي لحقت بها وهي تشاهد إحراق صور خامنئي، من قبل المتظاهرين خصوصًا في المحافظات التي كانت تعتقد إنها حاضنة لعملائها.

ولا توجد مؤشرات واضحة على تراجع الدور الإيراني، على الرغم من الجدل والانسداد السياسي بشأن تشكيل الحكومة في العراق.

ويرجح مراقبون أن إيران تعد لدور جديد في العراق مع دفعها سفيرًا جديدًا من قادة الحرس الإيراني، إلا أنهم يؤكدون أن معركة طهران في بغداد المقبلة لن تكون كما كانت في السنوات السابقة، بعد أن عرى العراقيون الأحزاب والميليشيات الولائية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى