أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

القضاء في العراق يكافئ وزير سابق أدين بالفساد

القرار القضائي يتذرع بعدم سجن وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب المدان بالفساد بأن ماضيه يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود لارتكاب جريمة ثانية.

بغداد– الرافدين

ارتفعت تساؤلات متهكمة بين أوساط شعبية ووطنية عراقية، عما إذا كان الحكم بالسجن مع وقف التنفيذ على وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب، حكمًا قضائيًا أم مكافأة للصوص الدولة في العراق.

وبرر القرار القضائي الحكم بأن “المُدانين لم يسبق الحكم عليهم عن جريمة أخرى وأن الظروف الجرمية وظروف المدانين بماضيهم تبعث على الاعتقاد بأنهم لن يعودوا لارتكاب جريمة ثانية لذا قررت المحكمة إيقاف تنفيذ (…) وإلزام المحكوم عليم بالتعهد بحسن السلوك خلال مدة إيقاف التنفيذ”.

وتكشف ذريعة المحكمة لتبرير قرار وقف التنفيذ، الانهيار الذي وصل إليه القضاء العراقي، باعتباره آخر حصون مؤسسات الدولة، وبانهيار القضاء تنهار الدول.

وأعلنت هيئة النزاهة العراقية الخميس الحكم بالسجن مع وقف التنفيذ على وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب، وفرض غرامة قدرها 700 دولار مقابل عقد قيمته 808 مليون دولار تشوبه مخالفات ما أثار استياءًا في بلاد يستشري فيها الفساد.

وبحسب قرار قضائي صدر في السابع من نيسان وحصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه، حُكم على الوزير السابق لؤي الخطيب وثلاثة مسؤولين كبار بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ وبدفع غرامة قدرها مليون دينار (حوالي 700 دولار).

وأوضحت هيئة النزاهة الاتحاديَّة أن الحكم صدر بحق الوزير السابق وثلاثة من المسؤولين في الوزارة لارتكابهم عمدًا ما يخالف واجباتهم الوظيفيَّة وكان القصد من هذه الانتهاكات “منفعة أشخاصٍ على حساب الدولة”.

وتتعلق القضية بعقد قيمته نحو 808 مليون دولار، مع إحدى الشركات العربيَّة لتأهيل محطة الدورة الحراريَّة في بغداد وتشغيلها وصيانتها.

إلا أنَّه تبين أن الشركة المُتعاقد معها هي “شركةٌ تجاريَّةٌ وغير مُتخصِّصة في صيانة وتأهيل المحطات”. كما أوضح البيان أن “الشركة المحال عليها العقد ليس لها أعمالٌ مُماثلة في الوزارة”.

وسبق وأن كشفت مصادر صحفية أنّ الفساد في المشاريع المتلكئة والوهمية كلّف العراق أكثر من 450 مليار دولار.

وأوضحت أنّ عدد المشاريع المتلكئة والوهمية يزيد عن 8000 مشروع أغلبها يتعلق بقطاعات خدمية مثل الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والإسكان والجسور فيما لم يكشف عن الجهات التي أحالتها إلى شركات وهمية أو شركات تركت العمل بعد أن تسلّمت قيمتها المادية.

وقال عضو مجلس مكافحة الفساد السابق سعيد موسى إن حجم الأموال المهدرة نتيجة الفساد يبلغ أكثر من 300 مليار دولار.

وأضاف أن البحث جارٍ عن مبلغ 360 مليار دولار وهو عبارة عن تكاليف الفساد في المشاريع الاستثمارية الوهمية والمتلكئة.

يشار إلى أن العراق تصدر لأكثر من مرة قوائم مؤشرات الفساد العالمية حيث يتم إغلاق العديد من قضايا الفساد الكبيرة والمرتبطة بمسؤولين حكوميين دون محاسبتهم رغم تسببها بإهدار مبالغ ضخمة من أموال البلاد.

وأعلنت هيئة النزاهة أن أعداد المتهمين بالفساد خلال العام 2021 وصلت إلى 12 ألف متهم بينهم عشرات الوزراء.

وأشارت الهيئة في تقريرها السنوي لعام 2021 إلى أنَّ عدد المُتَّهمين في تلك القضايا بلغ 11605 مُتَّهمين بينهم 54 وزيرًا ومن بدرجته وأن 422 مُتَّهمًا من ذوي الدرجات الخاصَّة والمُديرين العامِّين ومن بدرجتهم.

ولفتت إلى صدور 632 حكمًا بالإدانة من بينها حكمٌ واحدٌ بحقِّ وزير و42 حكمًا بحقِّ 23 من ذوي الدرجات الخاصَّة والمُديرين العامِّين ومن بدرجتهم.

وأثار حكم تبرئة الخطيب ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي. واعتبر الكاتب مصطفى سعدون وهو مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان، على تويتر “هذه مكافآت تشجيعية وليست عقوبات للفاسدين”.

بدوره، قال الباحث السياسي شاهو القره داغي على تويتر “هل هذه عقوبات حقيقية ورادعة لمواجهة الفساد والفاسدين؟ أم إغراء يشجع على الفساد والاحتيال والكسب الغير مشروع؟”.

وحلّ العراق في المرتبة 157 من أصل 180 دولة في ترتيب البلدان الأكثر فسادًا، بحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية للعام 2021.

وعلى الرغم من عائدات النفط غير المتوقعة، يعيش 40% من العراقيين تحت خط الفقر، وفقًا للأمم المتحدة.

وخلال تظاهرات ثورة تشرين في خريف 2019، اعتصم آلاف المتظاهرين في الشوارع على مدى أشهر للتنديد بسطوة الميليشيات الطائفية وتدهور الخدمات العامة وبطالة الشباب وكذلك الفساد المستشري وأوجهه المتعددة.

وغالبًا ما تستهدف المحاكمات في حال حصلت، مسؤولين في مراكز ثانوية. ففي كانون الثاني، حُكم على مسؤول كبير في وزارة الكهرباء بالسجن ست سنوات بتهمة الرشوة.

ويمكن اعتبار العراق درسًا ومثالًا واضحًا على سرقة الدولة وفق الصحافي روبيرت وورث في صحيفة نيويورك تايمز.

وكتب وورث في تقرير مطول “لقد أدار قادة الميليشيات والسياسيون عملية فساد كبرى يصعب مع استمرارها احتساب ما تم سرقته من العراق منذ عام 2003، فقد أبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني إلى خارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى