أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

الأزمة السياسية واحتمالية إعادة الانتخابات البرلمانية

يبرز خيار حل البرلمان كمخرج طوارئ للقوى السياسية، في حال بقيت الأزمة السياسية قائمة.

 بغداد – الرافدين

تدخل الأزمة السياسية في العراق منعطفًا خطيرًا بسبب الخلافات الحادة بين تحالفي “إنقاذ الوطن” بزعامة مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” برئاسة نوري المالكي، بينما برز خيار حل البرلمان، كحل مطروح في الأوساط السياسية، والعودة إلى أصوات الناخبين.

ويرفض الصدر تأليف حكومة توافقية، بالتعاون مع قوى الإطار التنسيقي، التي تضم الأجنحة السياسية لميليشيا الحشد وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وبعض الأحزاب الصغيرة الأخرى.

غير أن عدم توصل الطرفين إلى حلول توافقية ورفض قوى “الإطار التنسيقي” تهميشها وإقصائها وعدم القدرة على انتخاب رئيس الجمهورية على الرغم من عقد ثلاث جلسات مخصصة لذلك، يجعل الأزمة في البلاد مستعصية، بينما تبرز عدة سيناريوهات لإنهاء هذا الاحتقان.

ويبرز خيار حل البرلمان كمخرج طوارئ للقوى السياسية، في حال بقيت الأزمة السياسية قائمة، خاصة في ظل قدرة تحالف “إنقاذ وطن” على تنفيذه دون العودة إلى الكتل السياسية الأخرى.

وينص الدستور العراقي على آلية حل البرلمان، وهي أن المجلس يُحل بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بخيارين؛ الأول بناء على طلب ثلث أعضائه، والآخر طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.

وينصّ أيضًا الدستور العراقي على أن رئيس الجمهورية يُنتخب خلال مدة 30 يومًا، من أول جلسة للبرلمان الجديد.

ويقول مراقبون إنه رغم خرق الكتل السياسية للدستور بشكل متكرر فإن تلك الخروق لم تكن بهذا الوضوح، إذ تبحث تلك الأحزاب عن مخارج قانونية وتفسيرات متعسفة، لكن ما حصل خلال مسألة انتخاب الرئيس، كان خرقًا فاضحًا.

وقال العضو في تحالف “السيادة” مشعان الجبوري، إن “خيار حل مجلس النواب قائم في ظل الانسداد السياسي الحاصل في البلاد وعدم تشكيل الحكومة الاتحادية رغم مضي أشهر عديدة على إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة”.

وأضاف الجبوري، في تصريح صحفي “ندرك الأعباء الكبيرة التي ستترتب على مفوضية الانتخابات وعموم الدولة لو صوت البرلمان على حل نفسه والدعوة لانتخابات جديدة”.

وأضاف أن “حديثنا عنها ليس مناورة أو من فراغ، لكنه الخيار الذي لا بد منه إذا استمر الانسداد السياسي”، متسائلًا: “ما نريد معرفته قبل الشروع بحل البرلمان، هو رأي الشارع في مثل هذه الخطوة”.

ويطلق أعضاء في الكتلة الصدرية، كذلك المنضوية ضمن تحالف “إنقاذ الوطن”، تصريحات بشأن حل البرلمان، لكن قوى الإطار التنسيقي ترى أن تلك التعليقات تندرج في سياق التهديد للنواب الآخرين.

وقال قيادي في تحالف “إنقاذ الوطن”، إن “الحديث عن حل البرلمان واقع بسبب الانسداد الحاصل، وهو خيار محتمل في الأزمة الراهنة، للعودة إلى أصوات الناخبين، التي ستعيد ترتيب الأوزان السياسية، وستميل إلى أحد المشروعين، فإما يكون هناك توجه نحو حكومة الأغلبية، وحينها سنحصد أصواتًا أكبر من التي حصلنا عليها سابقًا”.

وألقى الصدر الكرة في ملعب “الإطار التنسيقي” ودعاهم إلى تشكيل الحكومة، في مهلة قدرها 40 يومًا تجاوزت المدة نصفها، بدأت منذ اليوم الأول لشهر رمضان، وهي خطوة أراد منها الصدر إحراج شركائه.

وعلى الرغم من ذلك فأن سيناريو التوافق السياسي والذي قد يتوصل بموجبه الطرفان إلى حل وسط، قد يفضي أخيرًا، إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وما يدعم هذا المسار هو الضغط الحاصل من قبل الصدر، ورفع سقف مطالبه، ما يجعل القوى الأخرى تترقب قبوله بالحل الذي سيطرحه.

ويقول الباحث في الشأن السياسي العراقي، وائل الشمري، إن خيار التوافق قائم بشكل كبير، حيث تدرك الزعامات السياسية خطورة بقاء الوضع دون تشكيل حكومة، وصعوبة العودة إلى المربع الأول، وإجراء انتخابات جديدة.

وعقب إعطاء الصدر مهلة لقوى الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة، بدأت قيادات الإطار بالتحرك سريعًا نحو حلفائها، والقوى الأخرى، لتشكيل الحكومة، في مسعى لإحداث خرق في جدار تحالف “إنقاذ الوطن”.

وتحدثت تقارير عن أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي استضاف علي حاتم السليمان في بيته ببغداد على وجبة السحور، لكن المكتب الصحفي للمالكي نفى ذلك.

وقال مدير مكتب المالكي هشام الركابي: إن “بعض الأطراف تحاول تضليل الرأي العام عبر تسويق قضية إسقاط التهم عن (السليمان) وسبقها (رافع العيساوي) وإثارة الشارع حول الآخرين على اعتبار كان لهم دور في ساحات الاعتصام”، لافتًا إلى أن “الأطراف التي أثارت تلك القضايا هي منافسة لهؤلاء وفي الساحة السنية”.

وأعلن علي حاتم السليمان عن عودته إلى بغداد بعد غياب دام 8 سنوات، بعد اتهامه بالإرهاب عقب صراعات مع حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وصلت إلى الصدام المسلح.

علي حاتم السليمان يلمح للحلبوسي بانتهاء فرصته الأخيرة

وقال السليمان عبر حسابه على تويتر “بعدما عانت الأنبار من مشاريع التطرف والإرهاب وتحولت إلى مرحلة الهيمنة والدكتاتورية وتكميم الأفواه والفساد، نعلنها من بغداد أن هذه الأفعال ستواجه بردة فعل لن يتوقعها أصحاب مشاريع التطبيع والتقسيم ومن سرق حقوق المكون، وعلى من يدعي الزعامة أن يفهم هذه هي الفرصة الأخيرة”.

وعد مراقبون ومتخصصون في الشأن العراقي أن عودة السليمان إلى المشهد السياسي مجددًا تهدف إلى ضرب تحالف السيادة “السني”، الذي يضم كتلتي “تقدم” بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي و”عزم” بزعامة خميس الخنجر، ولعزل التيار الصدري، مؤكدين أن السليمان عاد بالاتفاق مع الإطار التنسيقي الذي يضم معظم القوى الشيعية البارزة ما عدا (الكتلة الصدرية) وبضيافة قياداته.

وفي تغريدة للعضو في تحالف “السيادة” مشعان الجبوري رحب بعودة حاتم السليمان، وأعرب عن قناعته بأنه كان مطاردًا أو مطلوبًا في قضايا كيدية اخترعتها الدولة العميقة صاحبة النفوذ في بعض أجهزة الدولة. وأضاف الجبوري “أما عودته وانتهاء القضايا ضده فهي من خصوم تحالف السيادة ويهدفون لإثارة المشاكل في الأنبار ولكني أعتقد أنهم لن ينجحوا لحكمة الفرقاء وتعقلهم”.

وقال رئيس حزب الحركة الوطنية العراقية أسامة النجيفي إن “الفشل والإخفاق يصلح لوصف العملية السياسية في العراق بعد أن دخلنا الشهر السابع بعد إعلان النتائج الانتخابية ولم تشكل حكومة لغاية الأن وعليه يجب إعادة النظر بقانون الانتخابات وتعديله من ثم تحديد موعد جديد لإعادة الانتخابات”.

أسامة النجيفي: الفشل والإخفاق يصلح لوصف العملية السياسية في العراق

بدوره، يرى المحلل السياسي، علي الشيخ، أن “انتهاء المهلة الدستورية، دون انتخاب رئيس الجمهورية، يمثل انتهاكًا خطيرًا للدستور، تتحمله جميع الكتل المشاركة في الانتخابات، وحصلت على مقاعد في المجلس النيابي”.

وأضاف الشيخ، أن “فترة ما بعد مهلة الأربعين يومًا ربما ستتجه الكتل السياسية نحو مسألة اختيار رئيس الوزراء، وتأجيل اختيار رئيس الجمهورية، مع إجراء تسوية قانونية، تتيح للبرلمان ذلك”.

إيران بدورها تلجأ إلى ألاعيب جديدة مختلفة مستخدمة أدواتها المتمثلة بالميليشيات الولائية التي قد تدفع بالوضع في العراق إلى انفجار شيعي- شيعي في الشارع عندما تصبح كل المخارج والأبواب مسدودة فحتى طهران تشعر بالضياع الذي يعبر عن نفسه في كل يوم في ظل هذه الدوامة التي يعيشها بلاد الرافدين.

وتعكس هذه التطورات المتسارعة حدة الخلافات السياسية التي يشهدها العراق منذ الانتخابات التشريعية التي أُجريت قبل زهاء خمسة أشهر، وانتهت بفوز الكتلة الصدرية وتراجع الكتل الموالية لإيران.

وطالب عراقيون، على المنصات الاجتماعية، الكتل السياسية بضرورة احترام الدستور والقوانين، خاصة أن تلك الأحزاب تنادي بشكل متكرر، بضرورة تطبيق القوانين وعدم تجاوز المهل الدستورية.

وفي خضم هذه التجاوزات على النصوص الدستورية، وبعد انتهاء المهلة المحددة لاختيار رئيس للجمهورية، أصبحت أحتمالية إعادة الانتخابات البرلمانية هو أحد الحلول المرشحة في الوقت الحالي.

ويرى المراقبون أيضًا أن الخطوة الصدرية بمهلة الـ 40 يومًا وضعت الإطار التنسيقي أمام مسؤولية النجاح أو الفشل أمام الرأي العام، في تشكيل الحكومة، خاصة أن الإطار نفسه يدرك جيدًا أنه لا يمكن تشكيل الحكومة من دون الكتلة الصدرية وتوحيد “البيت الشيعي”، الذي إذا اتفق بشكل نهائي سيكون هو الكتلة الأكبر، التي ما زال الخلاف عليها قائمًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى