أخبار الرافدين
الأخبارتقارير الرافدين

ميليشيا الحوثي تنصاع للمطالب الدولية أم للأوامر الإيرانية

البرلمان العربي يحذر من استمرار تلاعب ميليشيا الحوثي بملف خزان ناقلة صافر وتغيير مواقفها واستخدامه كورقة ابتزاز سياسي وعدم السماح بالصيانة.

إسطنبول- ينشط مرة أخرى الحراك الأممي والدولي والإقليمي الرامي لحل أزمة ناقلة “صافر” النفطية قبالة سواحل محافظة الحديدة غربي اليمن، والتي باتت تشكل تهديدًا وشيكًا.

هذا الزخم يأتي عقب إعلان الأمم المتحدة في التاسع من نيسان الجاري، خطة طارئة بتكلفة 80 مليون دولار لإنقاذ خزان صافر العائم في مياه البحر الأحمر.

ووصفت الأمم المتحدة مساعيها الجديدة، بأنها قابلة للتنفيذ وتحظى بدعم أطراف النزاع، إلا أن ميليشيا الحوثي نفت تقديم الأمم المتحدة خطة معالجة الخزان، محذرة في ذات الوقت من تداعيات ذلك.

في المقابل أعلنت الحكومة اليمنية دعمها لإنجاح الخطة الأممية، مشددة على الانتقال لتنفيذ الخطة لتجنب الكارثة الوشيكة، وضرورة وضع حد لتلاعب الحوثيين في الملف وعدم استخدامه كورقة ابتزاز سياسية.

وفي الوقت الذي يتصاعد خطر السفينة التي تحمل على متنها شحنة 1.148 مليون برميل نفط ولم تخضع لأي صيانة منذ أكثر من سبع سنوات، يبقى الترقب سيد الموقف فيما ستفضي إليها نتائج الحراك الأممي والدولي، وموقف الحوثيين الذين يقع الخزان في مناطق سيطرتهم.

وتواجه الخطة الأممية لصيانة الناقلة صافر معضلة التمويل، ولتجاوز هذا التحدي توجه المنسق الأممي إلى اليمن ديفيد غريسلي، برفقة المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ، إلى السعودية وقطر والكويت والإمارات، لحشد الدعم.

ورغم الجولة الأممية الأمريكية لدول الخليج، لم يتم الإعلان بعد عن تعهدات مالية لدعم الخطة الأممية، إلا أن ليندركينغ، أدلى بتصريحات عقب اختتام المهمة، موجها شكره لأولئك الذين التزموا بتقديم منح مالية، دون مزيد من التفاصيل.

والسبت، أعلن غريسلي، أن الأمم المتحدة ستشارك مع هولندا في 11 أيار المقبل في رئاسة مؤتمر إعلان التبرعات للخطة التي تنسقها الأمم المتحدة لمواجهة التهديد من خزان صافر النفطي.

وتشمل الخطة استئجار وتركيب سفينة بديلة على المدى الطويل للناقلة لمدة 18 شهرًا، إضافة إلى تنفيذ عملية طارئة لمدة 4 شهور من قبل شركة إنقاذ عالمية بهدف القضاء على التهديد المباشر، ونقل النفط إلى السفينة المؤقتة.

وبالتزامن مع اختتام المباحثات الأممية والأمريكية في دول الخليج، دعا مبعوث واشنطن إلى اليمن الجمعة الماضية، ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران إلى التعاون مع الجهود الأممية والدولية المتحدة لمواجهة تهديد خزان صافر.

فيما حذر البرلمان العربي، من استمرار تلاعب ميليشيا الحوثي بملف الخزان وتغيير مواقفها واستخدامه كورقة ابتزاز سياسي وعدم السماح بالصيانة، مشددًا على ضرورة التحرك الدولي الفوري والعاجل لنقل الوقود إلى أماكن آمنة.

وطالب البرلمان في بيان، مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لإلزام الحوثيين بنقل الوقود قبل وقوع الكارثة.

وفي ذات السياق، أطلقت منظمة دولية معنية بحماية البيئة، حملة توقيعات عالمية دعما لنداء الأمم المتحدة من أجل الحصول على 80 مليون دولار لتمويل خطتها الطارئة لإنقاذ خزان صافر.

ودعت منظمة السلام الأخضر “جرينبيس” جميع الدول إلى دعم خطة الإنقاذ الأممية، مشددة أنه لا يمكن القبول أن يكون فشل ذلك نقص التمويل.

وحذرت من مخاطر تسرب النفط من الخزان الذي سيترتب عليه تداعيات وعواقب كارثيّة على سُبل عيش المجتمعات الساحليّة.

ومنذ أكثر من خمس سنوات وقضية خزان صافر حاضرة في المشهد، إلا أن جهود صيانة الناقلة ظلت متعثرة حتى اللحظة وسط اتهامات متبادلة بين مختلف الأطراف، رغم التحذيرات بالمخاطر البيئة والاقتصادية حال حدوث أي تسرب أو انفجار.

ومنذ 2020 تم العديد من التفاهمات والاتفاقيات لمعالجة أزمة الخزان، أبرزها إعلان الأمم المتحدة في 13 تموز 2020 تليها موافقة الحوثيين على فحص الخزان.

ولم يصمد ذلك التقدم أياما، إذ أعلنت في 22 من يوليو 2020 ميليشيا الحوثي، أن الأمم المتحدة خالفت اتفاق تقييم خزان صافر النفطي، مطالبة بتدخل طرف دولي ثالث لحل الأزمة.

وفي تشرين الثاني 2020، أعلن الحوثيون مجددًا الموافقة على إرسال خبراء إلى الناقلة والأمم المتحدة، تبعها تأكيد أممي يفيد بتلقي رسالة رسمية من ميليشيا الحوثي، بموافقتها على وصول فريق الخبراء.

وحددت الأمم المتحدة في 11 كانون الأول 2020، أن خبراءها سيصلون إلى الناقلة نهاية كانون الثاني 2021، إلا أن ميليشيا الحوثي أعلنت في 24 كانون الأول 2020 أن الأمم المتحدة أجلت موعد وصول الخبراء صيانة إلى 15 شباط المقبل.

بيد أن الأمم المتحدة أعلنت في 28 من كانون الثاني2021، أن خبراءها سيصلون إلى الناقلة مطلع آذار 2021، لكنها ربطت ذلك بأنه سيعتمد على التيسير المستمر من قبل سلطات الحوثي.

ولم تمض سوى ساعات، حتى لمحت ميليشيا الحوثي إلى اعتزامها منع الفريق الأممي من القيام بمهامه حال ثبت وجود صلات مشبوهة له بالولايات المتحدة.

وتبعه في اليوم الثاني، بيان للمتحدث ستيفان دوغريك، المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة عبر عن الأسف البالغ لعدم تقديم ميليشيا الحوثي الضمانات الأمنية المطلوبة لوصول الخبراء.

موقف الأمم المتحدة، دفع الحكومة اليمنية حينها، إلى اتهامها بانتهاج “سياسة الاسترضاء” حيال أزمة الناقلة “صافر”.

واعتبر وزير الإعلامي اليمني معمر الإرياني، الموقف الأممي جاء متأخرًا بعد 4 انقلابات للحوثيين على اتفاقات سابقة مشابهة بشأن صيانة الناقلة.

وفي مطلع حزيران 2021، أعلن الحوثيون أن الاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة وصل إلى طريق مسدود جراء انقلاب الجانب الأممي على معظم بنوده.

وعقب ذلك الإعلان خرج مجلس الأمن الدولي في الرابع من حزيران 2021، مؤكدا مسؤولية ميليشيا الحوثي، عن حالة ناقلة النفط صافر.

وعادت مرة أخرى الأمم المتحدة في الخامس من شباط الماضي، للحديث عن إحراز تقدم في جهود حلحلة الأزمة عقب عقد اجتماعات وصفتها بالبنّاءة مع ممثلين عن الحكومة والحوثيين.

وفي 8 آذار الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، توقيع مذكرة تفاهم مع جماعة الحوثي بشأن خزان صافر النفطي.

وقال الخبير الاقتصادي اليمني، مصطفى نصر، إن أزمة صافر تثار مرارًا، وهناك جهود أممية وغيرها، لكنها تصطدم بمعوقات كثيرة في نهاية المطاف، الأمر الذي أفشل كل التحركات الماضية وحتى الآن.

ويرى نصر الذي يرأس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، في تصريح لوكالة الأناضول، الخطة الأممية الأخيرة بأنها باتت متعثرة، متهما الحوثيين بالتعنت في معالجة هذه الإشكالية حيث أنهم يريدون الحفاظ على كمية النفط التي على متن الخزان.

ويعتقد أن قضية خزان صافر استخدمت كوسيلة وأداة في إطار الصراع ولم يتم النظر إليها باعتبارها تمثل خطرًا بيئيًا واقتصاديًا على البحر الأحمر واليمن والإقليم في حال تسرب النفط.

ويرجع نصر إحباط المحاولات السابقة لتجنب الكارثة، في استخدام هذا الملف كأداة سياسية من أدوات الصراع، مؤكدا أن الكرة في ملعب الجماعة الحوثية بحكم سيطرتها على الميناء.

وأشار إلى أن الميليشيا المدعومة من إيران تتعامل مع الخزان كورقة من أوراق الضغط التي تمارسها على الأطراف المحلية والأممية المتحدة والمنظمات الدولية.

ميليشيا الحوثي جعلت قضية خزان ناقلة صافر أداة سياسية للضغط على الأطراف المحلية والدولية

من جهته، يرى مدير فرع شركة النفط بمحافظة الحديدة التابعة للحكومة، أنور العامري، أنه لا جديد في التحركات الأممية الأخيرة لإنقاذ خزان صافر.

ونفى في تصريح للأناضول، وجود تحركات جدية من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للقضاء على هذا التهديد على الملاحة الدولية، موضحا أن الخطوات التي طالبت بها الأمم المتحدة في خطتها الأخيرة للمعالجة طويلة جديدة.

واعتبر المدة الزمنية والمبالغ المحددة لتنفيذ الخطة الأممية كبيرة جدا، مشيرا أنه إذا كانت هناك نوايا حقيقة فإنها ستكون سريعة وأكثر جدية.

وبين أن الخطة الجديدة ينقصها التمويل الذي إذا لم يتوفر لن يحصل شيء، متهما الأمم المتحدة بالتواطؤ مع الحوثيين الذين يحاولون استخدام الناقلة كرهينة وملف ابتزاز سياسي.

ولفت إلى أن الحوثيين تركوا صافر بهذا الحال من أجل اتخاذها كقنبلة موقوتة وتفجيرها في حال معاودة القوات الحكومية عملياتها لاستكمال السيطرة على محافظة الحديدة.

كما اتهم العامري، الحوثيين بمحاولة الضغط للحصول على مبالغ مالية وتحقيق مكاسب سياسية من ملف صافر، مشددا على ضرورة نقل الخزان من مكانه إذا كانت هناك رغبة أممية حقيقة لإنهاء المشكلة.

وأضاف “بدلا من جلب سفينة أخرى إلى جانب صافر لتصبح رهينتين بيد الحوثيين، الأصل أن يتم سحب صافر إلى مكان آمن وإحضار السفينة البديلة”.

وذكر أنه يفترض على الحكومة عدم الموافقة على الخطة الأممية، والمطالبة بضمانات أخرى من الأمم المتحدة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى