أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

هل بقي بين العراقيين من يثق بعمار الحكيم؟

رئيس تيار الحكمة يسعى لجمع أحزاب إيران في العراق الفائزة والمنهزمة في الانتخابات، في محاولة لإعادة إنتاج نفس منظومة المحاصصة التي ثار ضدها الشارع العراقي.

بغداد- الرافدين

ازادت النقمة الشعبية العراقية على الممثلة الأممية جينين بلاسخارت، بعد لقاء جمعها مع رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، هدفت حسب بيان مقتضب الى مناقشة تطورات المشهد السياسي في العراق.

وتجمع غالبية القوى الوطنية والشعبية ونشطاء ثورة تشرين، على ان بلاسخارت فقدت مصداقيتها منذ تعويلها على قادة ميليشيات ولائية مرتبطة بإيران ومقابلتهم كسياسيين وتناسي دورهم في عمليات الاختطاف والقتل على الهوية.

ويبحث الحكيم عن دور في المشهد السياسي بعد هزيمة تياره في الانتخابات البرلمانية ولم يحصل إلا على مقعدين بعد حملة انتخابية أنفق عليها مبالغ طائلة.

ويرى مراقبون سياسيون ان لقاءات “الحكيم المهزوم” بدأت بالسفير الأمريكي الأسبق زلماي خليل زاد في دهوك، ثم ببعض سفراء الدول الأجنبية، لتقديم نفسه كخيار للأحزاب والميليشيات الولائية. ولن تنتهي بممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق.

ويتساءل مراقبون أن كان بمقدور الحكيم التعويل على ما تبقى من حاضنته الطائفية، لإعادة تأهيل تياره، مع انه لم يتراجع عن خطابه الطائفي المنصاع لوصية المرشد الإيراني علي خامنئي الذي يرى أن وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني عراقي.

وسبق وان طرح الحكيم مبادرة للخروج من الأزمة التي تعصف بالقوى والأحزاب المتنافسة على تقسيم حصص تشكيل الحكومة الجديدة، على خلفية رفض القوى الخاسرة في الانتخابات، ولاسيما الفصائل الموالية لإيران، التسليم بالنتائج.

ودعا إلى الخروج من حالة الانسداد الحالية عبر “مبادرة سياسية موسعة تجمع القوى الفائزة على مستوى المقاعد أو الأصوات والقوى المتقبلة للنتائج أو المعترضة عليها”.

وذكر أن الانتخابات لم تنتج توازنات سياسية واضحة لتشكل أغلبية مريحة ومتفاهمة على منهاج حكومي متين، في إشارة لهزيمة ميليشيات وأحزاب إيران في العراق.

وطالب بمعالجة تبعات العملية الانتخابية بمراجعة جادة للقانون الانتخابي والمفوضية وإجراءاتها.

وأكد على وجوب “رفع أي فيتو سابق على الأطراف السياسية”، داعيا إلى “احترام خيارات الأطراف التي ترغب بالمشاركة في الحكومة أو المعارضة”.

بلاسخارت فقدت مصداقيتها

ويعد الحكيم أبرز الخاسرين في الانتخابات التي جرت العام الماضي، حيث لم يحصل سوى على مقعدين.

ويتبنى الحكيم مزاعم بوجود عمليات تزوير شابت الانتخابات، بيد أن شخصيته البراغماتية تجعله أكثر واقعية وأقل اندفاعا من باقي القوى المنهزمة، وخاصة الفصائل الموالية لإيران التي لا تقبل بالمطلق الرضوخ لنتائج الانتخابات.

ويرى مراقبون أن الحكيم يسعى للإمساك بالعصا من المنتصف بين جناحي التيار الصدري الفائز في الانتخابات والإطار التنسيقي الذي يضم حزب الدعوة وتحالف الفتح. ويحاول تدارك وقع الهزيمة الانتخابية من خلال عرض لعب دور الوساطة.

ويشير المراقبون إلى أن المبادرة السياسية التي يطرحها الحكيم بجمع قوى إيران في العراق الفائزة والمنهزمة، هي محاولة لإعادة إنتاج نفس منظومة المحاصصة التي انتفض ضدها الشارع العراقي، ما عجل بإجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها بأشهر.

ويلفت هؤلاء إلى أن هذا ما تضغط باتجاهه الميليشيات ومن خلفها إيران، التي ترى أن تشكيل حكومة توافقية بين جميع الأطراف، سيضمن بقاء أذرعها ضمن المعادلة السياسية وسيقطع مع أي خطوات لحصارها.

وينظر العراقيون إلى عمار القادم إليهم من بيئته الإيرانية بعد عام 2003 وفق المرويات عن جده المرجع محسن الحكيم الطباطبائي المتوفى عام 1970 في النجف.

وكان عمار البذرة التي بقيت بعد مقتل عمه محمد باقر الحكيم في انفجار دامٍ في السنوات الأولى من احتلال العراق، ومن ثم وفاة والده عبد العزيز في أحد المستشفيات الإيرانية متأثرا بالمرض.

وكان رجل الدين في العراق يحظى بنوع من الاحترام، لكن نموذج “العميل الإيراني” الذي جسده بامتياز عم ووالد عمار أسقط ما تبقى من هذا القدر وتحول رجل الدين إلى ذيل يعبر عن الفساد والعمالة. فالرجلان قاتلا مع القوات الإيرانية في الحرب التي يفترض كانت ضد بلدهم وأهلهم (دعك من أصلهما الطباطبائي) ووصلت الصلافة بوالد عمار أن يطالب العراق بتعويض إيران مئة مليار دولار عن سنوات الحرب.

وورث عمار تركة عمه ووالده “المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق” لكنه بعد “استلام الحكم”، وفق تعبير صولاغ جبر أحد أكثر الأبناء المخلصين لهذا المجلس الذي تأسس في أروقة المخابرات الإيرانية وقاتل ضد العراقيين في صف إيران، صار عليهم في المجلس إلغاء كلمة “الثورة” من الاسم.

ووجد عمار نفسه بين من يسعى إلى الحصة الكبيرة من غنيمة العراق المختطف، فميليشيات المجلس الأعلى المتمثلة بفيلق بدر استحوذ عليها هادي العامري الأكثر إخلاصا من عمار وأسرته لإيران، ومعممي المجلس من همام حمودي وجلال الدين الصغير وأفنديته من عادل عبدالمهدي وصولاغ يتنافسون على ذهب العراق بعد أن تركوا فضته لغيرهم.

وهكذا عاد عمار إلى أصله في “تيار الحكمة” مشتقا من اسم أسرته، فليس من السياسة بشيء اختيار أصل اسم الأسرة الفارسية الطباطبائي الذي كان يجهر به جده وعمه في العراق إلى غاية سبعينات القرن الماضي.

ولم يقض عمار من عمره الذي دخل العقد الخامس، سوى ثمانية عشر عاما في العراق، الأمر الذي يدفع إلى سؤال متعلق بمنسوب ولائه لإيران مقارنة بالعراق بلده المفترض.

وعبر الحكيم في واحد من أهم تصريحاته الأخيرة التي تعبر بامتياز عن طريقة تفكيره الطائفي عندما فند كل مزاعمه الانتخابية عن “عبور الطائفية” و”محاربة اللاّدولة” التي تمثّلها الميليشيات، ودافع عما سمّاه الأغلبية الطائفية.

ويجمع غالبية المراقبين على ان الدور السياسي للحكيم، قد انتهى منذ خروجه من المجلس الإسلامي الأعلى وتأسيس تيار الحكمة. وقبلها فقدان ثقة العراقيين مع والده عبد العزيز الذي لم يخف ولائه المطلق لإيران.

ويعود التنافس بين عائلي الصدر والحكيم الى عقود تاريخية، وأن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لا يمكن أن يقبل بعمار في أي شراكة سياسية أو اجتماعية.

الأهم من ذلك، حسب تعبير الصحفي كرم نعمة، أن التنافس بين أسرتي الحكيم والصدر على مجد طائفي تحول إلى موقع سياسي لاحقا وكراهية شديدة عادة ما يتعلمها رجال الدين الطائفيون من المرويات التاريخية.

وكتب نعمة “لو اجتمعت كل مخاتلة عمار وهمجية مقتدى للإجابة عن سؤال: هل أنتما رجلا دين أم سياسة؟ لعجزا معا، لأن أي إجابة يمكن الرد عليها بسهولة بأن السياسيين الكبار هم كذابون كبار. فكيف تسمحان لصورة رجل الدين الورع أن يكون كذابا!”.

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى