أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

هدوء حذر في سنجار بعد مواجهات بين الجيش الحكومي وميليشيا حزب العمال الكردستاني

مستشار سابق في وزارة الداخلية: "بي كا كا" تعمل تحت إمرة وإشراف ميليشيات الحشد، وتتلقى الرواتب منها.

نينوى – الرافدين

يعيش قضاء سنجار، الواقع على بعد 115 كيلو مترًا غربي الموصل ضمن محافظة نينوى شمالي العراق، هدوءًا حذرًا عقب المواجهات الأخيرة بين قوات الجيش الحكومي ومسلحي ميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” الذين تسللوا سابقًا إلى سنجار وسيطروا عليها عبر ميليشيا “وحدات مقاومة سنجار” التي يطلق عليها اختصارًا “يي بي شي” في منطقة مفرق “دوو كري” في ناحية سنوني.

وتعود جذور حالة التشتت الأمني والسياسي والإداري، والأزمة التي يعيشها القضاء، إلى محاولات ميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” فرض سيطرتها الكاملة على سنجار وإقصاء كل مظاهر الدولة منها، حتى وصل الأمر إلى منع دخول القوات الحكومية لسنجار وقطع بعض الطرق الحيوية التي تستخدمها تلك القوات في القضاء.

وقُتل جندي وأصيب عدد آخر بجروح خلال الاشتباكات التي اندلعت، بين الجيش ومقاتلين مرتبطين بميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” ، كما أفاد مصدر عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويعد هذا الاشتباك الأعنف بعد ثلاث مواجهات سابقة خلال شهر نيسان الماضي، وأسفر عن مقتل ثلاثة من مسلحي الميليشيا وجندي واحد بحسب مصادر أمنية، وأظهرت لقطات تلفزيونية وصول تعزيزات عسكرية إلى منطقة الاشتباك، وسط تحليق مكثف للطائرات المروحية التي قصفت مقرات لتجمع القناصين الذين يتبعون للميليشيا في مجمع دوكري، فيما أزالت آليات الجيش الحكومي السواتر الترابية والحواجز التي وضعت لمنع دخول القوات إلى المدينة.

القوات الحكومية تعيد فتح طرق حيوية في سنجار بالقوة بعد إغلاقها من قبل “بي كا كا” 

وأعلنت “خلية الإعلام الأمني أن “ناحية سنوني شهدت اشتباكات ليلة الأحد وصباح الاثنين، الأول والثاني من أيار الجاري، عقب قطع مجموعة تُعرف باسم “يي بي شي” عددًا من الطرق التي تربط ناحية سنوني وخانصور بالمجمعات والقرى المجاورة، ونصب حواجز ومنع حركة المواطنين بين هذه المناطق”، مشيرة إلى أن “القطعات العسكرية في قيادة عمليات غرب نينوى والوحدات المتجحفلة معها تعرضت لدى شروعها بفتح الطرق، لرمي كثيف مع انتشار للقناصين على أسطح عدد من البنايات وزرع الطرق بالعبوات الناسفة.

وكان المقاتلون الموالون لميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” قد أقدموا قبل نحو أسبوعين على خطف جنديين حكوميين قبل الإفراج عنهما لاحقًا، إثر خلاف مع الجيش حول الانسحاب من ثكنة عسكرية.

وعلى خلفية ذلك حذر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل، من أن “ممارسات أعوان حزب العمال بلغت حدّ الاعتداء السافر على الأجهزة الأمنية، واختطاف عناصر أمنية ومدنيين في سابقة خطيرة تهدد السلم الاجتماعي في سنجار”، داعيًا إلى “جهود حكومية وتنسيق مع سلطات كردستان لإنهاء ملف الحزب في العراق، وإعادة نازحي سنجار إلى ديارهم، وتطهير القضاء بالكامل من الجماعات الخارجية الخارجة عن القانون، والخارجة عن سيادة الدولة العراقية”.

وتواجه القوات الحكومية صعوبة في إخراج الجماعات المسلحة الموالية لميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” من المدن والمناطق التي تسيطر عليها في إطار الاتفاقية المبرمة بين حكومتي أربيل وبغداد في تشرين الأول عام 2020 لتطبيع الأوضاع في سنجار.

وتقضي الاتفاقية بتطبيع الأوضاع في القضاء “المتنازع عليه” بين بغداد وأربيل بحسب التسميات الدارجة بعد الاحتلال، وإخراج الجماعات المسلّحة منه، تمهيدًا لعودة النازحين، إلا أن رفض تلك الجماعات حال دون قدرة حكومة بغداد على تنفيذها.

سيطرة “بي كا كا” على سنجار تمنع بغداد من تطبيق “اتفاقية تطبيع الأوضاع” في القضاء مع أربيل

وكان مرصد “أفاد” المعني بحقوق الإنسان، قد اتهم في تقرير مطلع الشهر الجاري “مسلحي ميليشيا حزب العمال الكردستاني بممارسة أنشطة مخالفة للقوانين في البلاد، بتعاون مشترك مع فصائل تابعة لميليشيا الحشد وميليشيا سوريا الديمقراطية المسيطرة على مناطق شرقي سوريا.

وأشار المرصد إلى أن ميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” متهمة بتلقيها تمويلًا إيرانيًا عن طريق فصائل ميليشيا الحشد.

وأكد المرصد أن ميليشيا الحزب افتتحت سجنًا لها في بلدة سنوني هو الثالث من نوعه، يجري فيه إيداع من يتم اعتقاله والتحقيق معه، ويخضع السجن لممارسات وحشية وغير إنسانية بحق مواطنين عراقيين.

وندّد المرصد بعمليات تجنيد الأطفال، كما طالب اللجنة المكلفة بالكشف عن المقابر الجماعية بالعاصمة بغداد، التدقيق بمعلومات عن وجود مقابر ضحاياها من أهالي القرى العربية المحيطة بسنجار، تم إعدامهم بين عامي 2016 و2017 من قبل ميليشيات مرتبطة بميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا”، بدوافع انتقامية وعنصرية، وأبرزها قرية (عين الغزال)، إحداها لسكان عائدين لمنازلهم وتحديدًا منتصف شهر كانون الأول من عام 2017، بينهم نساء وأطفال من عشائر المتيوت والجحيش تحديدًا.

وفي الوقت الذي حمّل فيه المرصد الحكومة الحالية وحكومة كردستان مسؤولية بقاء الأوضاع على هذا الحال، فإنه حذّر من موجات نزوح واتساع الجرائم في حال لم تطلق يد الجيش لبسط القانون والأمن بالمدينة وإنهاء كل التشكيلات غير الخاضعة للسيادة.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة في العراق “يونامي”، عن قلقها من تطورات الوضع في قضاء سنجار.

وقالت يونامي في بيان إنها تشعر بقلق بالغ إزاء الاشتباكات في سنجار وما لها من عواقب وخيمة على المدنيين.

المواجهات المسلحة وانهيار الأمن يجبران بعض سكان سنجار على النزوح منها

وبحسب مراقبين فإن المواجهات الأخيرة في سنجار تكشف عن عمق أزمة الهوية والانتماء لدى الميليشيات، فقد أسست بفتوى طائفية، ثم تمددت ضمن مشروع التبعية لإيران، ذلك المشروع الذي دفعها للتحالف مع ميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” الذي تصنفه العديد من دول العالم منظمة إرهابية لاسيما تركيا.

وكان المستشار السابق في وزارة الداخلية، علاء النشوع، قد أكد أن مسلحي ميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا”، يعملون بشكل مباشر تحت إمرة وإشراف ميليشيات الحشد الموالية لإيران، وأنهم يتلقون الرواتب منها.

وقال النشوع، إن مسلحي “بي كا كا” يتبعون لميليشيات الحشد وإيران، وإن القوات الأمنية لا تستطيع السيطرة على المحور الغربي لمدينة الموصل.

وأضاف أنه قبل عدة أيام، اجتمع قيادي في ميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا”، مع أحد زعماء ميليشيا الحشد، في حي صدر القناة بالعاصمة بغداد، واستلم منه رواتب كافة مسلحي الميليشيا، الذين يتمركزون في سنجار.

وأكد النائب الحالي ماجد خلف شنكالي من جانبه تلك المعلومات حينما قال في تصريح صحفي إنه “ليس من المنطقي أن تقاتل الحكومة قوة هي من تمولها وتوفر لها الدعم اللوجستي والمعدات”.

ونوّه شنكالي إلى أن “وحدات حماية سنجار هي جزء من الحشد الشعبي، وبدوره الحشد مرتبط بإيران، لهذا السبب تستخدم إيران حزب العمال الكردستاني كأداة ضغط، على كردستان والديمقراطي الكوردستاني، وحتى في مسألة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة”.

الحكومة تدفع رواتب مقاتلين تابعين لميليشيا الـ “بي كا كا” بحكم انتسابهم لميليشيا الحشد

وكان رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي قد أصدر قرارًا بتعيين محافظ نينوى نجم الجبوري بمنصب قائممقام لقضاء سنجار بهدف إيجاد حلول لأزمة القضاء، إلا أنه تراجع عن القرار بعد رفض قوى سياسية متنفذة في القضاء من بينها “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي يعتبر هذا المنصب عائدًا له بفعل نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

وجدد الحزب الديمقراطي الكردستاني دعوته لانسحاب القوات غير القانونية والمهربين والميليشيات من قضاء سنجار، مطالبًا بتوفير الأرضية الملائمة لعودة النازحين إلى ديارهم في القضاء بعد إحلال الاستقرار فيه.

وقال الحزب في بيان إن ” الحكومة أخلّت بوعودها بعد أن سلّمت مصير قضاء سنجار ووضعت قدَره وحكمه بيد مسلحي حزب العمال والمليشيات غير القانونية، والذين يقتصر عملهم على التهريب والمخدرات ومنع عودة النازحين والتلاعب بمصير المنطقة”.

وتشن القوات التركية بدورها على نحو متكرر عمليات ضد القواعد الخلفية لميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” في شمال العراق.

وكان الجيش التركي قد أطلق منتصف الشهر الماضي عملية عسكرية واسعة تحت اسم “المخلب – القفل” لملاحقة معاقل ميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” في جبال وقرى بمحافظة دهوك، وذكر مراقبون أن العملية تهدف إلى إنشاء “منطقة آمنة وقطع خطوط الإمداد والتواصل بين مسلحي الميليشيا في الجبال وأقرانهم في قضاء سنجار، وصولًا إلى الحدود مع سوريا”.

وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مقتل 61 من عناصر ميليشيا “بي كا كا” خلال عملية “المخلب – القفل” شمالي العراق، منذ منتصف شهر نيسان الماضي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى