أخبار الرافدين
تقارير الرافديندولية

تصاعد قلق واشنطن مع تزايد المخزون الصيني من الرؤوس النووية

وزارة الدفاع الأمريكية تتوقع تسارع التوسع النووي الصيني بامتلاك 700 رأس حربية بحلول عام 2027.

نيويورك- عندما أجرت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” تقييمًا للترسانة النووية الصينية في تقريرها السنوي للكونغرس بشأن القوة العسكرية للصين في تشرين الثاني 2020، توقعت أن المخزون الصيني من الرؤوس النووية، الذي قدرته الوزارة آنذاك بأنه يزيد قليلًا عن المائتين، سوف “يتضاعف حجمه على الأقل” خلال العقد المقبل.

كما قدرت البنتاغون أن الصين “تتبع مسارًا ثلاثيًا نوويًا”، ما يعني مجموعة من القدرات النووية البرية والبحرية والجوية.

وتقول المحللة السياسية الأمريكية جوديث بيرغمان في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إنه بعد عام فقط، في تشرين الثاني 2021، اعترفت البنتاغون نفسها بأن الحشد النووي الصيني يتم بسرعة مذهلة، مع إمكانية تضاعف مخزون الرؤوس الحربية النووية أربع مرات عما تم تقديره في عام 2020″.

وتتوقع وزارة الدفاع الأمريكية أن “المعدل المتسارع للتوسع النووي الصيني قد يُمكن الصين من امتلاك ما يصل إلى 700 رأس حربية بحلول عام 2027، ومن المحتمل أن تعتزم الصين امتلاك ألف رأس حربية، على الأقل، بحلول عام 2030، مما يفوق المعدل والحجم الذي توقعته وزارة الدفاع الأمريكية في 2020”.

وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد الصين “تتبع” مسار ثالوث نووي، ولكن يبدو أنها حققت أساسياته “فمن المحتمل أن تكون بكين قد رسخت بالفعل (ثالوثًا نوويًا) جديدًا مع تطوير صاروخ باليستي يتم إطلاقه من الجو وله قدرة نووية، وتحسين إمكانياتها النووية البرية والبحرية”.

ووفقًا لتقرير البنتاغون، تقوم الصين أيضًا “بتشييد البنية التحتية الضرورية لدعم هذا التوسع في القوة، بما في ذلك قدرتها على إنتاج البلوتونيوم وفصله بإقامة مفاعلات توليد سريعة ومنشآت لإعادة المعالجة”، مع “بناء المئات من الصوامع الجديدة للصواريخ العابرة للقارات”.

وتقول بيرغمان، وهي من كبار الزملاء البارزين في معهد جيتستون، إن المعدل المتسارع للحشد النووي الصيني مقلق في حد ذاته، ولكن ما يزيد القلق هو أن الحشد العسكري يشكل جزءًا واحدًا فقط، لكنه جزء مهم من الحشد والتحديث العسكري الصيني العام. ففي الصيف الماضي، على سبيل المثال، اختبرت بكين أول سلاح صيني أسرع من الصوت.

وفي الفضاء، تطلق الصين أقمارًا اصطناعية بضعف معدل الولايات المتحدة، “وتنشر أنظمة تشغيلية بمعدل لا يصدقه عقل”، وفقًا لما ذكره الجنرال ديفيد تومسون، النائب الأول لرئيس العمليات الفضائية بسلاح الفضاء.

وزادت الأصول الصينية الروسية الفضائية في المدار مجتمعة بنسبة 70 بالمئة تقريبًا خلال عامين فقط، في أعقاب زيادة بنسبة أكثر من 200 بالمئة في الفترة ما بين عامي 2015 و2018، وفقًا لما ذكره كيفين رايدر، كبير محللي وكالة المخابرات العسكرية لشؤون الفضاء والعمليات الفضائية المضادة في الولايات المتحدة.

ووفقًا للجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة “لم تكن الصين تمتلك قبل أربعين عامًا أي أقمار اصطناعية، ولم يكن لديها أي صواريخ عابرة للقارات أو أي أسلحة نووية، ولم تكن تمتلك مقاتلات من الجيل الخامس أو حتى مقاتلات متقدمة، ولم يكن لديها أسطول بحري”.

ولننظر لما تمتلكه الصين اليوم، وإذا نظرت إلى الأمر كله، فإن هذا الاختبار للسلاح الأسرع من الصوت منذ أسبوعين هو مجرد جزء من صورة أوسع نطاقًا للقدرة العسكرية للصينيين.

وهذا أمر مهم للغاية، فنحن نشهد أحد أكبر التحولات في القوة الجيو استراتيجية العالمية التي يشهدها العالم.

ووفقًا لتيموثي هيث، أحد كبار الباحثين الدوليين والعسكريين بمؤسسة راند الأمريكية للبحث والتطوير “من المهم النظر إلى تحديث الترسانة النوية على أنه جزء من صورة أكبر، يقوم فيها الصينيون بتعزيز قدراتهم في الفضاء، والفضاء السيبراني، وفي القوة التقليدية. وكل ذلك يحدث في وقت واحد”.

وترى بيرغمان أن التحديث النووي الصيني ليس هو كل شىء على الإطلاق، إذ يضاف إليه حاليًا احتمال اشتراك الصين وروسيا في تنسيق عسكري.

ففي شباط الماضي، أعلنت الدولتان أنهما ستدخلان في شراكة استراتيجية بلا حدود وبدون مناطق محظورة في اتفاق قالتا إنه يهدف إلى مواجهة نفوذ الولايات المتحدة.

وشهد هذا التعاون بالفعل تقويض الصين للعقوبات الغربية ضد روسيا وتزويد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشريان الحياة الذي يحتاجه لمواصلة حربه في أوكرانيا.

فالصين لن تقدم فقط دعمًا ماديًا من خلال مجموعة من الصفقات مع روسيا، بل امتنعت أيضًا عن إدانة الغزو الروسي وانتقدت العقوبات.

وفي آذار الماضي، وصف وزير الخارجية الصيني وانج يي روسيا بأنها “أهم شريك استراتيجي” بالنسبة للصين.

وفي نيسان الماضي أكدت الصين لروسيا أنها ستواصل زيادة التنسيق الاستراتيجي.

وأشارت بيرغمان إلى أن الأدميرال تشارلز ريتشارد، المشرف على الأسلحة النووية الأمريكية، صرح أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ في مطلع آذار الماضي إن التعاون الصيني الروسي سوف يؤثر على الردع الاستراتيجي الأمريكي وأن الولايات المتحدة في حاجة إلى خطط لسيناريوهات تتعاون فيها الصين وروسيا عسكريًا.

وتؤكد بيرغمان أن تسريع الصين للتحديث النووي والعسكري، ووضع الردع ثلاثي الأقطاب الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه لأول مرة، يتطلب زيادات من جانب الولايات المتحدة في البحث والتطوير، والاستحواذ والمشتريات.

وفي الوقت نفسه، فإن الميزانية العسكرية المقترحة من جانب بايدن تخاطر بالتعجيل بهزيمة الولايات المتحدة لعدم المراعاة الكافية للتضخم الحالي المتصاعد، كما اعترف بذلك في مطلع الشهر الماضي الجنرال ميلي، ووزير الدفاع لويد أوستن والمراقب المالي في البنتاغون مايك ماكورد.

وقال ميلي  “تفترض هذه الميزانية معدل تضخم 2.2 بالمئة وهو من الواضح غير صحيح لأن المعدل هو 8 بالمئة تقريبًا”.

وقال النائب مايك روجيرز عضو لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب “إن كل دولار زيادة في هذه الميزانية سوف يفترسه التضخم، وسيبقى القليل للغاية، إن بقى أي شىء فعلًا، لتحديث وزيادة القدرات”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى