أخبار الرافدين
الأخبارتقارير الرافدين

السجون الحكومية تتحول إلى ساحة لتصفية المعتقلين في العراق

ارتفاع معدلات وفيات المعتقلين في السجون الحكومية بسبب التعذيب والإهمال الصحي ضمن محاولات تصفيتهم جسديًا.

بغداد – الرافدين

شكك ناشطون وصحفيون عراقيون بالرواية الحكومية بشأن إعلانها إصابة نحو 300 معتقل في سجن الكفل بمحافظة بابل بالتسمم الجماعي في التاسع من آيار 2022.

ونفى محافظ بابل حسن منديل، الأنباء عن وجود محاولة لهروب المعتقلين.

وقال مصدر أمني في المحافظة، إنه تم إحباط مخطط لتهريب محكومين بالإعدام من سجن الكفل، بعد افتعال حالات تسمم جماعية.

ولفت، إلى أن 25 معتقلًا تم نقلهم إلى المستشفى بسبب تدهور حالتهم، فيما توفي أحدهم قبل الوصول للمشفى.

وتؤكد منظمات ومراصد حقوقية ارتفاع معدلات قتل المعتقلين في السجون الحكومية بسبب التعذيب والإهمال الصحي ضمن محاولات تصفيتهم جسديًا.

وكشف مرصد “أفاد” الحقوقي، عن وجود انتهاكات جسيمة في السجون الحكومية، مما أودى بحياة العشرات من السجناء والمحتجزين.

ونقل المرصد، عن مصادر رفيعة في وزارة الصحة الحالية، تأكيدها “ارتفاع أعداد الوفيات داخل السجون التابعة لوزارة العدل وسجون التسفيرات (سجون الترحيل) ومراكز الاحتجاز (التحقيق)، منذ مطلع العام الحالي”، من جراء ظروف الاحتجاز السيئة واستمرار عمليات التعذيب الممنهجة وانعدام الظروف الإنسانية للاحتجاز”.

وذكر المرصد “وفقًا لدوائر الطب العدلي، ظهر على عدد قليل من الضحايا آثار ضرب مفرط على مناطق الخاصرة والأعضاء التناسلية وأسفل الظهر وكسور في الفقرات العنقية، وحالات وفاة أخرى بفعل ارتفاع ضغط الدم أو تسمم غذائي، وحالات نزيف داخلي لم تحدد أسبابها”.

وأوضح المتحدث باسم المرصد، زياد السنجري، أنّ “السجون العراقية تشهد ارتفاعًا في معدلات الموت بين صفوف نزلائها”.

وأضاف أن “السجلات تظهر بأن أكثر من نصف الضحايا من فئة متوسطي العمر بين 35 و50 عامًا، ولا يعانون مسبقًا من أي أمراض مزمنة أو أعراض جانبية”، لافتًا إلى أنّ “سجني الناصرية (الحوت) والتاجي في بغداد تصدرا أكثر السجون التي شهدت حالات وفاة”.

من جانبه، تحدث مدير مكتب حقوق الإنسان في محافظة ذي قار، داخل المشرفاوي، عن زيادة حالات الوفيات في الآونة الأخيرة داخل سجن الناصرية المركزي، وبشكل لافت للنظر.

وأكد، أن هناك عدة مؤشرات على أسباب زيادة حالات الوفيات داخل سجن الحوت.

وقال مصدر رفض الكشف عن اسمه، أن الوفيات في سجن الناصرية غالبيتهم من المحكومين بالإعدام، مبينًا أن “هؤلاء السجناء جميعهم مصابين بأمراض خطيرة كالتدرن والسرطان وغيرها من أمراض الجسد التي لا علاج لها حتى الآن”.

وقال خبير أمراض الوبائيات، حيدر حنتوش، أن “السجون هي أماكن مناسبة وخطرة لانتشار التدرن، حيث يعتبر النزلاء هم الأكثر عرضة الخطورة، لعدة أسباب أهمها اكتظاظ عدد النزلاء داخل الزنزانة الواحدة وقلة التهوية، فضلًا عن سوء التغذية، إضافة إلى الحالة النفسية المتأزمة للسجين”.

وأضاف أن “المؤشرات الخاصة بزيادة أعداد الوفيات داخل سجن الحوت بمحافظة ذي قار تتمثل بالاكتظاظ داخل غرف السجن، حيث أن البنية التصميمية للسجن توصي بوجود نزيل واحد داخل كل غرفة، بينما هي الآن تحمل قرابة 8 نزلاء فيها”.

وقال السنجري، أنّ “مراكز التحقيق في بعقوبة وتسفيرات الرصافة والرمادي والحلة تصدروا أكثر مراكز التوقيف في العراق من ناحية الضحايا الذين يلقون حتفهم جراء التعذيب”.

وشدد على أن “الظروف المأساوية وحالات التعذيب الشديدة تستدعي وقفة جدية من الحكومة لوقف مسلسل قتل السجناء، ووقف الإهمال الطبي المتعمد الذي يعاني منه النزلاء”.

وأوضح السنجري، أن “بعض أهالي الضحايا يتم تهديدهم والضغط عليهم لعدم تقديم دعاوى قضائية للتحقيق في حالة الوفاة”، مشددًا على أنّ “ظروف الاحتجاز تخالف القوانين والمواثيق الدولية”.

من جهتها، دعت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق في وقت سابق إلى وقف تنفيذ جميع مذكرات الاعتقال القضائية، وإعادة التحقيق في ملفات المعتقلين منذ عام 2003.

وقال عضو المفوضية (المرتبطة بالبرلمان) علي البياتي “إن ما يحدث من عمليات تعذيب يستوجب إيقاف كل مذكرات إلقاء القبض، والاقتصار على طلب الاستقدام لإكمال التحقيقات بوجود المحامين”.

وأوضح، أن هناك ضرورة لفتح كل ملفات التحقيق بعد عام 2003 من قبل لجنة وطنية تشكل عاجلًا تضم منظمات المجتمع المدني ومفوضية حقوق الإنسان وبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي).

وأفاد البياتي، بأن المطالبة بإيقاف جميع أوامر القبض الصادرة تأتي من باب تطبيق العدالة والضمانات ضمن المعايير الدولية.

وأضاف، أن هناك ضرورة لاستقدام المتهم مع محام خاص به، وفي حال ثبوت التهمة يتم تنفيذ أوامر الاعتقال، مشيرًا إلى أن “ما يحصل من عمليات تعذيب في السجون يتطلب إيقاف عمليات القبض كافة”.

وكشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة، استمرار ممارسات “التعذيب” للمحتجزين في السجون الحكومية في العراق، وغالبيتهم من المقبوض عليهم في قضايا تتعلق بالإرهاب، على الرغم من الضوابط القانونية التي تمنع هذه الممارسة التي قالت إنها منتشرة في السجون في جميع أنحاء البلاد.

وعدَّد تقرير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي”، الذي صدر تحت عنوان “حقوق الإنسان في تطبيق العدالة في العراق: الشروط القانونية والضمانات الإجرائية لمنع التعذيب والمعاملة السيئة”، عددًا من الحالات التي تم توثيقها “وتظهر استمرار هذه الممارسة رغم أن القوانين في العراق تجرم التعذيب وتنص على ضمانات إجرائية لمنعه”.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك “قدّم أكثر من نصف المحتجزين الذين قابلتهم بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روايات موثوقة وذات مصداقية عن تعرضهم للتعذيب، بما يتفق مع الأنماط والاتجاهات التي تم توثيقها في التقارير السابقة”.

ونقل دوجاريك عن الممثلة الأممية في العراق، جينين بلاسخارت، قولها إنه “ليست هناك ظروف، مهما كانت استثنائية، تبرر التعذيب أو أي شكل من أشكال الإفلات من العقاب”.

وأضاف، أن الممثلة الأممية “تشجع على بذل المزيد من الجهود من أجل الوقاية والمساءلة، بما يتماشى مع التزامات العراق بموجب القانون الدولي والمحلي”.

ويستند التقرير إلى مقابلات أجريت مع معتقلين، إلى جانب موظفين في السجون وقضاة ومحامين وأهالي معتقلين.

وقال حوالي نصف المعتقلين إنهم تعرضوا للتعذيب أثناء الاستجواب بهدف انتزاع الاعترافات.

وانتقدت جماعات حقوق الإنسان هذه الممارسة، قائلة إن المحتجزين ينتهي بهم الأمر في كثير من الأحيان إلى توقيع وثائق تعترف بجرائم لم يرتكبوها.

وأوضح التقرير أن أساليب الاعتداء تشمل “الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، والوضعيات المجهدة، والخنق”، ووردت “أنباء عن وقوع أعمال عنف جنسي”، وأشار بعض المحتجزين إلى معاملة “لا يستطيعون التحدث عنها”.

وقال أحد السجناء لموظفي الأمم المتحدة الذين ساعدوا في إعداد التقرير “لقد عشتُ أسوأ أيام حياتي. وما إن وصلتُ إلى السجن حتّى انهالوا عليّ ضربا بأنابيب معدنية. وفي الأيام التالية، استخدموا سلكَي كهرباء مكشوفَين وصعقوني بالتيار الكهربائي”.

وجاء في شهادة محتجز آخر “كبّلوا يدَي خلف ظهري وعلّقوني من أصفادي بسلسلة متدلية من السقف. لم يطرحوا عليّ أي سؤال، بل استمروّا في الصراخ مطالبين بأن أعترف”.

وأشار التقرير إلى عدم احترام الإجراءات القانونية المصممة لوضع الاستجوابات والاحتجاز تحت المراقبة القضائية في غضون 24 ساعة من التوقيف الأولي. ويتأخر الوصول إلى محام بشكل منهجي إلى ما بعد استجواب قوات الأمن المشتبه بهم.

وجاء في التقرير أن “عدم الامتثال للشروط القانونية والضمانات الإجرائية لا يجعل فقط من المستحيل توفير عدالة منصفة وشفافة، بل يتيح أيضا مساحة للممارسات البغيضة مثل التعذيب وسوء المعاملة”.

وقالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة “حقيقة أن العديد من المحتجزين يختارون عدم الإبلاغ عن مثل هذه المعاملة بسبب انعدام الثقة أو الخوف من الانتقام، تشير إلى عدم ثقتهم في النظام”.

ويشير التقرير إلى ظاهرة “الإفلات من العقاب” للمسؤولين الحكوميين وأفراد قوات الأمن الحكومية وميليشيات الحشد الشعبي وبعض الوحدات التابعة لأجهزة الأمن الداخلي التابعة لحكومة كردستان العراق.

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى