أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

استمرار الذرائع الحكومية للارتهان إلى الغاز الإيراني

وزارة الكهرباء تعترف بتراجع ساعات تزويد البيوت وتشدد على حاجة العراق للغاز الإيراني لعشر سنوات مقبلة.

بغداد – أكدت وزارة الكهرباء الحالية في العراق حاجتها إلى الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، لفترة ما بين 5 – 10 سنوات، مشددة على أن ساعات التجهيز في موسم الصيف ستكون أفضل من المواسم السابقة.

وقال وزير الكهرباء الحالي عادل كريم، في تصريح رسمي، إنه “تم الاتفاق مع الجانب الإيراني على تزويد العراق بخمسين مليون متر مكعب يوميًا من الغاز”، مبينًا أن “العراق بحاجة إلى الغاز الإيراني لفترة ما بين 5- 10 سنوات، والأمر يعتمد على إيجاد البدائل المطلوبة لتقليل عدد السنوات”.

وأضاف أن “إيران تستطيع في هذا الفصل توفير الكميات التي يطلبها العراق، وهي تزودنا الآن بما بين 35- 38 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز”، مشيرًا إلى أن “ديون العراق إلى طهران كمستحقات عن الغاز تبلغ 1.692 مليار دولار، وأن قانون الدعم الطارئ إذا ما أقر، فسيمكننا من دفع الديون اعتبارًا من مطلع حزيران المقبل، وفق ما اتفقنا عليه مع إيران”.

وأكد على أن “الغاز المحلي يمكننا من توليد 3500 ميغاواط يوميًا وهو غير كاف، ونأمل بالوصول لإنتاج 25 ألف ميغاواط يوميًا، مع وصول تدفقات الغاز من إيران للكميات المتفق عليها”.

وأعلنت وزارة الكهرباء في وقت سابق أسباب انخفاض ساعات التجهيز للكهرباء الوطنية، بتخفيض معدلات الغاز الوطني وانحسار إطلاقات الغاز المورد وإطفاء الخطوط الإيرانية.

ويعاني العراق من انقطاع الكهرباء منذ أكثر من عقدين، على الرغم من المبالغ الضخمة التي تم صرفها على قطاع توليد الطاقة منذ عام 2003 ولغاية اليوم، تقدر وفقًا لخبراء، بأكثر من 80 مليار دولار.

ويولد، العراق أقل من 20 ألف ميغاواط قبل عام 2022، وفقًا لبيانات وزارة الكهرباء العراقية.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن العراق كان ينتج 5.5 آلاف ميغاواط قبل عام 2003، يعني ذلك أنه لم يتمكن من إضافة أكثر من 15 ألف ميغاواط خلال العقدين الماضيين.

وقال الخبير الاقتصادي العراقي باسم جميل أنطوان إنه “وفقا للمعايير العالية فإن صرف مليار دولار يمنحك القدرة على توليد ألف ميغاواط، لكن العراق صرف نحو 80 مليار دولار على ملف الكهرباء منذ عام 2003 ولم يتجاوز حجم الإنتاج 19 ألف ميغاواط”.

وأضاف، أن العراق لا يزال بحاجة لنحو 28 ألف ميغا واط من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في توفير الطاقة لمنازل المواطنين”.

وأوضح أنطوان في حال أرادت البلاد استخدام الطاقة الكهربائية لتشغيل القطاعين الصناعي والزراعي والسياحة وغيرها فيحتاج لمثل هذه الأرقام.

وتعاني شبكة الكهرباء الرئيسية في العراق من انقطاعات تستمر لساعات يوميًا على مدار العام، لكن الأمر يتفاقم خلال شهور الصيف عندما تسجل درجة الحرارة عادة 50 مئوية ويزيد استخدام مكيفات الهواء.

وفشل جميع وزراء الكهرباء الذي شغلوا هذا المنصب بعد عام 2003، في معالجة هذه المشكلة مع حلول كل صيف، الأمر الذي دفعهم للاستقالة تباعًا، وخصوصًا مع القاء الحكومة المسؤولية على وزير الكهرباء، عند كل موجة احتجاجات.

ويتفق أستاذ الاقتصاد عبدالرحمن المشهداني مع هذا الطرح ويضيف أن عمليات الفساد عرقلت إنهاء أزمة الكهرباء في العراق.

وقال المشهداني، إن “هناك أكثر من 30 مليار دولار ضاعت نتيجة سوء الإدارة والفساد في قطاع الكهرباء”.

وواجه العراق خلال صيف 2021، أزمة كبيرة بتوفير الطاقة الكهربائية، بسبب عدم التزام الجانب الإيراني بتصدير كميات الغاز المتعاقد عليها مع العراق، لتشغيل محطاته الكهربائية، إذ تم قطع الغاز وتقليل كمياته المصدرة للعراق ولعدة مرات.

وأعلنت، إيران أن سبب توقف خطوط إمدادها للعراق بتأخر سداد مستحقات مالية واجبة الدفع، إلى جانب أن إيران تمر بفصل ذروة وتحتاج لمزيد من الطاقة.

وشهدت المحافظات العراقية العام الماضي وخاصةً العاصمة بغداد، انقطاعًا شبه تام لتيار الكهرباء الوطني بعد فقدان 7600 ميغاوات من إنتاج الطاقة الكهربائية. ما تسبب بموجة تظاهرات وغضب شعبي في البلاد.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية مع استمرار الانقطاع شبه التام وانهيار أجزاء واسعة من المنظومة الوطنية بالتزامن مع ارتفاع قياسي في درجات الحرارة في أغلب المدن.

وقال وزير الكهرباء العراقي السابق، كريم عفتان إن “قطاع الكهرباء في العراق يمثل نظامًا متكاملًا بمسؤولية تضامنية لا تتحملها وزارة الكهرباء وحدها إذ أن وزارات النفط والمالية والداخلية هي أيضًا مسؤولة عن الأزمة”.

ويرى عفتان، أن هذه الوزارات الأربع تتحمل مسؤولية الأزمة التي تتنوع أسبابها بين “فنية تتعلق بوزارتي الكهرباء والنفط وأخرى أمنية تتحملها وزارة الداخلية وتتمثل بحماية أبراج نقل الطاقة فضلاً عن الجانب المالي الذي هو من اختصاص وزارة المالية المسؤولة عن توفير المخصصات اللازمة”.

كما يرى عفتان أن اعتماد العراق على الغاز الإيراني وإهمال الغاز الطبيعي في مناطق عديدة من البلاد هو أحد الأسباب غير المباشرة في تراجع إنتاج الكهرباء.

من جانبها، قالت خبيرة الاقتصاد الدكتورة سلّام سميسم، إن “اعتماد العراق على إيران في استيراد الغاز كان أبرز الأسباب الحالية لوجود جملة من المشاكل تتعلق بالإنتاج والنقل فضلًا عن عامل العقوبات الأمريكية على طهران”.

وتشير الخبيرة الاقتصادية، إلى أن “التجاوز على الشبكات وتهالك خطوط النقل عوامل ساعدت في تفاقم الأزمة”.

وقال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة ومقرها باريس فاتح بيرول إن “تعطل شبكة الكهرباء العراقية يترك الملايين دون مورد الطاقة الذي يحتاجونه لتحمل درجات الحرارة القصوى تلك”.

وكتب “علينا التعامل مع مرونة النظم في عالم يزداد سخونة، لكن اليوم يجب أن نركز على تجنب كارثة إنسانية تزيدها إمدادات الطاقة غير الآمنة، سوءا”.

وحذرت سميسم، من تداعيات هذه الأزمة على العراق ككل لارتباطه بحياة العراقيين اليومية في بلد يمتاز بمناخ صحراوي حار في فصل الصيف فضلًا عن تأثيراته على الجوانب الاقتصادية، والإنسانية، والصحية وغيرها.

من جانبها، اقترحت الوكالة الدولية للطاقة على العراق مؤخرًا، الاستعانة بطرق بديلة لتوفير الكهرباء من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وقالت الوكالة إن رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة إلى 30 بالمئة من إمدادات الكهرباء بحلول عام 2030، سيحقق للعراق مكاسب بيئية، بالإضافة إلى أنها ستوفر نحو 9 مليارات متر مكعب من الغاز، يمكن استغلالها في استخدامات أخرى.

لكن الخبير الاقتصادي أنطوان، يعتقد أن هذه الخطوة تحتاج لكثير من الوقت، فيما تتصاعد الاحتجاجات ضد الحكومات نتيجة نقص الطاقة.

ويطرح أنطوان بدائل منها تقليل الاعتماد على إيران في استيراد الكهرباء والغاز، والاتجاه بدلا عن ذلك لدول إقليمية أخرى كالأردن ومصر والسعودية.

ومع ذلك يرى أنطوان أنه “لا توجد إرادة حقيقية سياسية في العراق لحل ازمة الكهرباء وإيجاد حلول جذرية لها، وكل الخطوات التي يقوم بها القائمون على هذا الملف مجرد حلول ترقيعية”.

وبالإضافة لذلك يشدد عبد الرحمن المشهداني أن “العراقيين لن ينعموا بصيف بارد مالم يتم القضاء على الفساد الذي تسبب بهدر مليارات الدولارات التي صرفت على الكهرباء”.

وسبق أن وعدت وزارة الكهرباء بتحسين الطاقة وزيادات ساعات التجهيز، خلال موسم الصيف المقبل، مؤكدة إدخال طاقات توليدية من 3.5 آلاف إلى 4.5 ميغاواط جديدة إلى المنظومة الوطنية، وخطوط نقل استراتيجية ناقلة بين المحافظات كانت في السابق معطلة.

وخلال اجتماع لخلية الأزمة الطارئة التي شكلتها الحكومة لمعالجة وضع الكهرباء، أقر رئيس الحكومة مصطفى لكاظمي بصعوبة حل أزمة الطاقة في العراق، وقال إن “كل خطوة لحل مشكلة الكهرباء بالعراق تتطلب سنوات، لأن العراق لم يبدأ فعليا بأي خطوة طوال السنوات السابقة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى