أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

عمالة أطفال العراق كارثة تكبر بالحاجة والإهمال الحكومي

أطفال العراق أسرى ظروف اقتصادية صعبة تدفعهم إلى العمل لإعالة أسرهم على حساب مستقبلهم

بغداد ـ الرافدين

 عمالة الأطفال في العراق، واحدة من الكوارث الخطيرة التي تهدد المجتمع العراقي.

فقد بلغ حجم هذه العمالة وفقًا للعديد من المنظمات المعنية بالطفولة أو تلك المعنية بشؤون العمل في العراق، نحو “900” ألف طفل، بنسبة قد تصل إلى “4” بالمائة، فيما لاتزال وزارة التخطيط الحالية تشير (تقديرًا) إلى أن عدد الأطفال الذين يمارسون أعمالًا لاتتناسب مع أعمارهم نحو نصف مليون طفل.

وعبرت منظمات حقوقية عن قلقها من استفحال ظاهرة عمالة الأطفال في العراق خلال الفترة الأخيرة وما رافقها من تسرب عدد كبير من طلبة المدارس، موضحة أن السلطات الحكومية لا تكترث لهذه الظاهرة التي تتطلب وجود برامج حقيقية للمعالجة، وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات وإطلاق التصريحات فقط.

عمالة الأطفال تشكل 4 بالمائة من مجموع السكان وفقًا لتقديرات المنظمات المعنية بالطفولة

وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إلى أن نحو 90 بالمائة من الأطفال العراقيين لا تتاح لهم فرصة الحصول على التعليم المبكر.

وتؤكد في تقاريرها عن واقع الطفولة في العراق، إن نحو ثلث أطفال العراق يعيشون في ظل ظروف اقتصادية صعبة تضعهم أمام متطلبات العمل لإعانة عائلاتهم.

وتوضح المنظمة أن أطفال العراق يواجهون أعلى زيادة في معدلات الفقر، حيث يوجد طفلان فقيران بين كل خمسة أطفال.

مشيرة إلى أن الظروف الحياتية الصعبة التي يعيشها أطفال العراق في ظل الإهمال الرسمي جعلهم من بين أمثر الأطفال فقرًا ربما في العالم وليس على مستوى المنطقة، حيث أن هناك اليوم نحو “40” بالمائة من أطفال العراق يعيشون في ظل فقر متقع.

وقالت صحيفة إندبندنت عربية، إن مشهد الأطفال في سن المدرسة وهم يتجولون في الشوارع وبين السيارات، حاملين عبوات المياه والمشروبات، والمناديل الورقية، أصبح من المشاهد المعتادة في العراق دون أن تحظى باهتمام الحكومات المتعاقبة بعد 2003.

وقالت مفوضية حقوق الإنسان، إن عمالة الأطفال شهدت ارتفاعًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، مؤكدة وجود ملايين الأطفال في سوق العمل خارج إطار القانون، حيث يتم استخدامهم في الأعمال والشاقة الخطرة، والتي وصل قسم منها، حد الاتجار بالبشر.

وبينت المفوضية، أن زيادة نسب عمالة الأطفال، سببها المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأسرية، ما يجبرهم على التسرب من المدارس  والاتجاه إلى سوق العمل، الذي بات يعج بالأطفال بحثًا عن لقمة العيش.

أطفال العراق ضحية الأعمال الشاقة بعد أن سلب الفقر طفولتهم وأبعدهم عن مقاعد الدراسة

وتتسع ظاهرة عمالة الأطفال في العراق لتصل إلى حد “الأسوأ” في تاريخ العراق بحسب ما وصفته وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الحالية في ظل القوانين المشلولة وضعف عمل لجان الرقابة لمكافحة هذه الظاهرة، والظروف الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي تسود البلاد.

ويضطر العديد من الأطفال إلى ممارسة أعمال لا تتناسب مع أعمارهم ولساعات طويلة من أجل الحصول على بضعة آلاف من الدنانير لإعانة عائلاتهم في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي انعكست سلبًا على الأوضاع المعيشية في البلاد بأشكال مختلفة منها توسع ظاهرة عمالة الأطفال في البلاد.

ويعد ملف عمالة الأطفال من الملفات التي تسجل أرقامًا قياسية، وقد عزا مختصون ذلك إلى الظروف الاقتصادية والأمنية التي مرت بالبلاد، وعدم اتخاذ الحكومات المتعاقبة منذ 2003 لأي خطوات علاجية للحد من هذه الظاهرة.

ويشير علي رحيم الساعدي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، إلى أن ” سبب تفشي هذه الظاهرة هو كثرة الصراعات والحروب التي مرت على البلاد وانتشار البطالة والفقر وإغلاق المعامل والشركات وخروج قطاع عمل غير منظم وغير مسيطر عليه سواء نقابيًا أو حكوميًا”.

وكشفت وزارة التخطيط الحالية، أن نسبة عمالة الأطفال في البلاد اقتربت من نحو نصف مليون، مؤكدة أن ارتفاع نسبة الفقر أسهمت بزيادة أعداد الأطفال العاملين.

وأكدت الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل، سعاد الشيخلي، لصحيفة “العربي الجديد” أن “أرقام عمالة الأطفال أكبر من الأرقام التي أعلنتها وزارة التخطيط الحالية، وأن هناك إحصائيات غير رسمية تؤكد أن الأرقام تزيد عن 900 ألف”.

وأوضحت أنه “من مهام وزارة التخطيط والجهات الحكومية معالجة هذا الملف الخطير والذي يتنامى في البلاد بشكل متسارع، لا أن تعلن عن الإحصاءات فقط”. وأكدت أن “الإحصاءات غير دقيقة، وأن الأرقام أكبر بكثير من تلك التي أعلنتها الوزارة”.

وشددت على أنه “في حال استمر التجاهل الحكومي لهذا الملف، وعدم وضع حلول مناسبة له، فإن نسبة العمالة ستتصاعد بشكل أكبر، محملة الحكومة مسؤولية ذلك.

ثغرات في القانون المحلي تحول دون تجريم منع الأطفال من الالتحاق بالمدارس وإتمام التعليم الأساسي

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” أن أطفال العراق أسرى ظروف اقتصادية صعبة تدفعهم إلى العمل لإعالة أسرهم، “وتلك فاتورة باهظة يسددها هؤلاء على حساب مستقبلهم”.”

ويقول الخبير القانوني، علي التميمي، إن قانون العمل “37” لعام 2015 الأخير، منع تشغيل الأطفال دون سن الـ15، وحصر السماح بتشغيل من هم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة وفق شروط ورقابة ومهن محددة، وقد حدد القانون عقوبة لأصحاب العمل إذا تم خرق القانون.

لكن التميمي يرى أن هذه القوانين ولدت مشلولة في الأصل، ولا تطبق على أرض الواقع.

ويرى مراقبون أن هناك الكثير من الأفعال التي تشكل انتهاكًا لحقوق الطفل ولكن لم يجرمها القانون المحلي، في حين أن تلك الأفعال تعد انتهاكًا صارخًا، وفق الاتفاقية الدولية المصادق عليها، مثل منع الطفل من التعبير عن رأيه، وعدم تجريم عمالة الأطفال حتى سن 18 عامًا، وعدم تجريم منع الأطفال من الالتحاق بالمدارس، أو إتمامهم التعليم الأساسي، وعدم تجريم سوء معاملة الطفل بأشكاله كافة، والتحرش الجنسي.

وأكدت المديرة الإقليمية لمركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان حنان عبد اللطيف في مداخلة لقناة الرافدين، بأن تدهور الوضع الاقتصادي والأمني وراء اتساع ظاهرة عمالة الأطفال، بالإضافة إلى وجود مافيات تقوم بخطف الأطفال واستخدامهم في عمليات التسول في ظل غياب الرقابة الحكومية.

ظاهرة التسول تديرها مافيات متخصصة توزعهم فجرًا في المناطق المكتظة

ويرى رئيس مركز الشرق الأوسط للتنمية والحريات الإعلامية صلاح العبودي، أن ظاهرة التسول في بغداد مهنة تجارية تقف خلفها أحزاب ومافيات للكسب غير المشروع.

وقال العبودي في تصريحات صحفية، إن المتسولين موجودون في جميع مناطق العاصمة، تقودهم شبكات مافيات تقوم بتوزيعهم عند إشارات المرور وأماكن أخرى تجارية تشهد إقبالًا من المتبضعين.

ويؤكد العبودي أن هناك بعض الأحزاب تدفع المتسولين للقيام ببعض أعمال السخرة، على غرار تنظيف السيارات لتحقيق أرباح مالية تصل يوميًا إلى نحو 15 مليون دينار عراقي وربما أكثر بحسب الكثافة البشرية والسيارات في بعض المناطق.

وكشف ضابط من استخبارات وزارة الداخلية، بأن “هذه الظاهرة تديرها العصابات المنظمة عبر إيواء الأطفال المتسولين “ذكورًا وإناثًا”، وبمختلف الفئات العمرية في خانات ضمن منطقتي الكاظمية والعلاوي.

وتشرف هذه العصابات على توزيعهم فجرًا حسب المناطق المتفق عليها، في التقاطعات المرورية والساحات، لضمان تمركزهم في أماكن مكتظة بالمارة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى