أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مؤشر الانحدار الأمريكي بدأ في العراق وأفغانستان وسيبلغ ذروته باسترضاء إيران

حلفاء واشنطن في المنطقة يتساءلون: من يمنع الإدارة الديمقراطية من تكرار هزيمتها في أفغانستان  بدول أخرى مجاورة لإيران.

لندن- الرافدين

تصاعدت شكوك مراكز الأبحاث الاستراتيجية والأمنية الدولية بشأن استمرار السطوة الأمريكية على العالم، مرجحة أن تكون السنوات القادمة بداية مؤشر الانحدار الأمريكي.

ويضع محللون سياسيون عام احتلال العراق 2003 لبداية الفشل الأمريكي، فالانتصار الذي زعم به الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، تحول الى هزيمة شنيعة أضرت بالولايات المتحدة، بعد تحول العراق الى دولة فاشلة سياسيا واقتصاديا مع أنها من أغنى دول المنطقة.

ومثلت الهزيمة الشنيعة في أفغانستان بعد انسحاب القوات الامريكية على طريقة الهارب من مصيره، ذروة انهيار القوة الأمريكية المتغطرسة.

ويجمع محللون على فشل الولايات المتحدة في اختراع دول على شاكلتها، بينما يحاول الرئيس جو بايدن زرق حقنة في جسد الديمقراطية العليل، فالحرب على الإرهاب حولت حياة شعوب دول إلى مجرد علف لإنتاج عناوين عريضة في الصحف الأمريكية تحيي قوة القادة الغربيين وعملهم السريع وعزمهم.

ويبدو السؤال اليوم أكثر وضوحا في المؤشرات المبكرة عما إذا كانت الولايات المتحدة بحاجة حقا لمراقبة العالم، والتصرف السياسي وفق فلسفة جورج بوش الابن “أميركا تقود العالم”، أم أن عليها استبدال الدبلوماسية الجادة بالقوات المسلحة في تعاملها السياسي مع دول العالم.

ذلك ما دفع المحلل السياسي في صحيفة نيويورك تايمز عزرا كلاين إلى القول إن تفاخرنا بأننا أقدم ديمقراطية في العالم، وهذا صحيح بما فيه الكفاية بالمعنى التقني. ولكن إذا كنت تستخدم تعريفا أكثر حداثة للديمقراطية، وهو تعريف يتضمن حقوق التصويت للنساء والأقليات كشرط مسبق، فنحن إذن إحدى الديمقراطيات الأصغر سنا في العالم.

بينما وصف السويدي ستافان ليندبرغ رئيس معهد الديمقراطية مقولة “أميركا أقدم ديمقراطية في العالم” بالسخيفة.

وأظهر آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست وقناة “إيه.بي.سي نيوز” أن نسبة التأييد الشعبي للرئيس الأمريكي جو بايدن تراجعت.

وبلغ معدل التأييد العام للرئيس 41 في المئة، مقارنة بـ44 في المئة في استطلاع أجري في سبتمبر الماضي.

فالأمريكيون، بمن فيهم الكثير ممن صوتوا لبايدن، ليسوا سعداء به. يريدون منه أن يكون رئيسا مختلفا، كما يكون شخصا مختلفا، بعد أن كان يدفعهم هدف واحد يتمثل في التخلص من سلفه دونالد ترامب، الذي أدار تجربة سياسية مثيرة على مدار أربعة أعوام.

وبعد أكثر من سنة اكتشف الأمريكيون أنهم أساؤوا تقدير الرجل الذي دفعوه إلى البيت الأبيض. بينما الحلفاء الاستراتيجيون للولايات المتحدة في المنطقة لم يعودوا يعولون عليه، وهم يراقبون مسلسل الاسترضاء المستمر الذي يقدمه إلى إيران.

ولمس حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وخصوصا دول الخليج، بشكل كارثي الخيبة السياسية التي تركتها إدارة بايدن في أفغانستان، وأعيد إطلاق السؤال بحجم أكبر في التعبير عن المخاوف. فمن يمنع تلك الإدارة الديمقراطية من تكرار هزيمتها في أفغانستان في مناطق أخرى قريبة من إيران، عندما تدفع باتجاه إعادة الاتفاق النووي مع طهران وتبدو أكثر ودا مع تلك الدولة التي كانت في محور الشر.

ذلك ما شخّصه بوضوح الكاتب فيليب ستيفنز بمقال بصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية بتأكيده أن الولايات المتحدة لطالما كانت تتجاهل حلفاءها خلال السعي لتحقيق مصلحتها الوطنية، مشيرا إلى عدم الاكتراث والقسوة التي يمكن أن تتعامل بهما واشنطن مع حلفائها عندما لم تبتعد أبدا عن السعي وراء المصلحة الأنانية، بغض النظر عن تعارضها مع مصلحة حلفائها.

وعبر الزميل الباحث في معهد جيمس بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس كريستيان أولريشن عن اعتقاده بأن التصورات مهمة سواء كانت متجذرة في واقع بارد أم لا.. والتصوّر واضح جدا بأن الولايات المتحدة ليست ملتزمة تجاه الخليج العربي كما كانت في السابق، في وجهات نظر العديد من الأشخاص في سلطة صنع القرار في المنطقة.

ويرى الصحفي العراقي كرم نعمة أن الديمقراطية مريضة، لكنّ السياسيين الأمريكيين يرفضون إدخالها إلى غرفة العناية المركزة، منذ أن غابت الحقيقة بشأن الهزيمة المريعة للقوات الأمريكية في أفغانستان. وهي أكثر مرضا ومسببة للإحباط عند دول العالم التواقة لها، عندما يعول الرئيس الديمقراطي جو بايدن على ملالي إيران بوصفهم نظاما مقبولا للتحاور معهم وليس دولة مارقة.

وكتب نعمة “لا يتردد خبراء العلوم السياسية في إطلاق وصفة لتجنب الديمقراطية الأمريكية كي لا يصابون بأمراض أفغانستان والعراق”.

وتساءلت الكاتبة شيريل جاكوبس عن مدى إمكانية اعتماد الغرب على الولايات المتحدة لقيادة العالم الحر عندما يستنزفها الشك الذاتي؟

وقالت جاكوبس في مقال بصحيفة ديلي تليغراف البريطانية، بعنوان “الخوف والبغض يقضيان على أسس القوة الأمريكية” مع استياء واشنطن من موقف أوروبا البخيل في الإنفاق الأمني، فإنها تواصل حمل ثقل حلف الناتو على أكتافها. لكن إلى متى سيبقى هذا صحيحا؟

وتجيب شيريل بأن الرئيس جو بايدن، المريض، يبدو أنه تجسيد للارتباك والانحدار الأمريكي. بينما أصبح اليمين الأمريكي منهكا بسبب نوع جديد من السخرية التآمرية.

وترى الكاتبة أن “الأمر الأكثر رعبا على الإطلاق هو المعركة الفكرية المحتدمة في أمريكا حول المعنى الحقيقي للحرية نفسها. إن تسمية هذا بالحرب الثقافية لا يعبر عن عمق الخلاف الفلسفي في البلاد.

وتأسست الولايات المتحدة على أساس تعريف كلاسيكي للحرية، والذي يؤكد على الحقوق التي وهبها الله للإنسان ومنصوص عليها في الدستور، وريادة الأعمال، والحد الأدنى من التدخل الحكومي.

وتعلق شيريل بأن “ثمن تأسيس الولايات المتحدة هو القمع الجماعي، من استعباد السود إلى إبادة الأمريكيين الأصليين”.

وتوضح الكاتبة أن السؤال الملح هو ما إذا كان الغرب سيتمكن دائما من الاعتماد على أمريكا في حالة حرب.

وتشير إلى أنه إذا سادت الإيديولوجية اليسارية، “فإن قصة الحرية الفردية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من هوية الدولة يمكن أن تنهار، تاركة أمريكا تائهة وتنغمس في كراهية الذات”.

وتضيف أنه من ناحية أخرى، إذا استمر المحافظون في السيطرة، “فمن المرجح أن تصبح أمريكا أكثر قلقا وانعزاليا أكثر من أي وقت مضى”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى