أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

استمرار إيقاف عجلة الصناعة العراقية لإغراق السوق بالبضاعة الإيرانية

لم تضع حكومات ما بعد احتلال العراق أية استراتيجية لإعادة تأهيل الصناعة العراقية.

بغداد – الرافدين
انهارت الصناعة العراقية منذ احتلال البلاد من قبل القوات الأمريكية عام 2003، ولا توجد أي استراتيجية حكومية على مدار الأعوام الماضية لإعادة دوران عجلة الصناعة في بلد كان يعد من بين الدول الصاعدة في الصناعات الخفيفة والثقيلة على حد سواء.
وكان يوصف العراق بأنه يمتلك جيشًا صناعيًا وفنيًا قادرًا على تشغيل مصانع بلد عانى من الحصار الاقتصادي الدولي على مدار أكثر من عقد.
ومازالت عشرات المصانع العراقية مجرد هياكل منهوبة وبعضها تحول إلى معسكرات للميليشيات، فيما هربت معدات ومكائن ثمينة إلى دول الجوار العراقي وخصوصا إيران.
ولم تبادر الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 إلى وضع إستراتيجية لإعادة تشغيل المصانع والمنشآت، فيما يعاني مئات الآلاف من الكوادر الهندسية والفنية من البطالة، في بلد يعتمد اقتصاده على الاستيراد.

لا توجد خطط حكومية لإعادة تشغيل المصانع العراقية وتقليل نسبة البطالة

ويصف مهندسون واقتصاديون عراقيون استمرار إيقاف عجلة الصناعة العراقية بـ”المؤامرة السياسية” التي تبنتها الحكومات منذ الاحتلال بغية استمرار الاستيراد من إيران، بعد أن قامت الميليشيات الولائية بأكبر عمليات تهريب لمعدات مصانع ومصاف نفطية إلى إيران.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور صباح علو في مقابلة مع قناة “الرافدين” إن “تراجع وتدهور القطاعات الصناعية في العراق ساهم بزيادة معدلات البطالة والفقر بالبلاد، لذلك أصبح العراق بلدًا ريعيًا بسبب سوء السياسات الاقتصادية لحكومات الاحتلال المتعاقبة”.
وكانت واحدة من مطالب ثوار تشرين إعادة تشغيل المصانع العراقية وتشغيل الكوادر الهندسية والفنية العاطلة، من أجل دعم الاقتصاد العراقي.
وأشار النائب في البرلمان ياسر وتوت، إلى أن “واحداً من أبرز الأسباب التي أدت إلى ثورة تشرين عام 2019، هو البطالة التي كان أبرز أسبابها غياب المصانع والمعامل العراقية التي كانت تستوعب الخريجين والخبرات قبل الاحتلال الأميركي، والتي فشلت معظم الأحزاب العراقية في إعادة تأهيلها”.
وأكد على أن “هناك أجندات حزبية وإرادة سياسية وأخرى اقتصادية لمتنفذين تمنع إعادة تشغيل المعامل العراقية، أو تطوير المعامل التي تعمل حالياً لإنتاج مواد غذائية أو أدوات احتياطية وإنشائية متأخرة مقارنة بما تصنعه دول العالم”.
وسعى ناشطون وتجار ومستثمرون عراقيون، خلال العامين الماضيين، لإعادة الحياة للصناعة المحلية، لكن الحملة لم تستمر بسبب قلة الدعم المالي للمصانع من قبل الحكومة الحالية.
ويقدر اتحاد الصناعات العراقية، أن حوالي أربعين ألف مشروع وأكثر من 80 بالمائة من المصانع متوقفة بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد، بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء وغياب الدعم الحكومي، ما يعرض البلد إلى خسائر مادية كبيرة بعد أن شرعت أبوابه للاستيراد من دول الجوار بدلًا من الاكتفاء الذاتي والتصدير.

80 بالمائة من المصانع العراقية متوقفة بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003

وأدى تبني نهج سياسة إغراق السوق بالسلع المستوردة منذ عام 2003 ولغاية الآن إلى تعليق العمل بمئات المصانع وتسبب في انتشار مستوى البطالة في المجتمع، فضلًا عن عدم استيعاب الخرجين الجدد من الجامعات العراقية.
وطالب أصحاب المصانع في العراق بأن تكون هناك اتفاقيات مع دول الجوار، لكن يجب أن تكون اتفاقيات صناعية لتطوير وإنشاء صناعة في الداخل، وليس لخلق سوق للدول المجاورة لترويج سلعها”.
ولفت الخبير الاقتصادي بشير الجواهري، إلى أن “العراق يحتاج في السنوات المقبلة إلى مدن صناعية كاملة، وليس فقط إلى معامل ومصانع، وذلك بسبب كثرة الخريجين سنوياً، إضافة إلى الحاجة إلى مزيدٍ من المنتجات والمواد الغذائية”.
وأضاف أن “فتح المصانع العراقية يحتاج إلى إرادة سياسية جامعة قوية وحازمة تجاه إنقاذ الوطن، ومن دون ذلك، فإن جميع التحركات السياسية أو البرلمانية لن تصل إلى نتائج”.
وكانت المدن في غربي العراق قد شهدت أكبر عملية تهريب لمعدات المصافي والمصانع بعد أن اجتاحتها الميليشيات في عمليات عسكرية عام 2014.
ويمثل تهريب معدات مصفى بيجي إلى إيران مثالًا على التواطؤ الحكومي مع عناصر الميليشيات التي قامت بتهريب تلك المعدات إلى إيران.
ويعد مصفى بيجي النفطي الذي يقع شمال مدينة بيجي بمحافظة صلاح الدين، المصفى النفطي الأكبر في العراق، إذ كانت تقدر طاقته الإنتاجية بمعالجة 310.000 برميل يوميًا، قبل أن يتم نهبه من قبل الميليشيات الموالية لإيران.

مصفى بيجي تعرض لعملية نهب متعمدة من قبل الميليشيات الموالية لإيران

وقالت مصادر مسؤولة في الحكومة خلال العمليات العسكرية في الأنبار، إن عشرات المصانع والمعامل في المحافظة قد نُهبت بشكل كامل.
ويقدر عدد العاملين في تلك المصانع بأكثر من عشرة آلاف عامل وفقًا لمصادر حكومية، غالبيتهم من سكان محافظة الأنبار، حرمتهم هذه الميليشيات من مصدر قوتهم بعد أن نهبت وفككت هذه المصانع.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى