أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

جدل النفط والغاز للحفاظ على ثروة العراق أم لتقاسم أموال الفساد

التنافس على حصص الحكومة بعد تعطل انتخاب رئيس الجمهورية أعاد ملف النفط كورقة ضغط سياسي بين بغداد وأربيل

بغداد- الرافدين

عزت مصادر سياسية واقتصادية الجدل المتصاعد ما بين بغداد وأربيل بشأن ملف النفط والغاز، إلى الخلافات حول تقاسم الأموال بين “لصوص الدولة”، معتبرة أن الذرائع لدى الطرفين لاتخفي الواقع المرير الذي يكتنف حال العراقيين، بينما تذهب مردودات النفط إلى جيوب الأحزاب والميليشيات الفاسدة.

وأكدت المصادر على أن العراقيين برمتهم لا يصدقون المزاعم الصادرة عن الحكومة الحالية والأكراد معًا، لأنهم لا يلمسون منذ عام 2003 انعكاس أموال النفط على بلدهم وحياتهم.

وقالت إن كل الأطراف في بغداد وأربيل مستفيدة من الوضع الحالي ولا ترغب في إصدار قانون ملزم يسيطر على ثروة العراق الوطنية.

وأشارت إلى أن عقود جولات التراخيص المختلف عليها وهي جزء من قضية النفط والغاز، تكشف عمليات الفساد الكبرى التي تدار من قبل القوى الحاكمة ودور الميليشيات فيها.

جولات التراخيص تكشف عمليات فساد كبرى تدار من قبل القوى الحاكمة والميليشيات

وأكدت على أن التنافس السياسي بعد تعطل انتخاب رئيس الجمهورية والاتفاق على رئيس الوزراء، أعاد قضية النفط إلى الواجهة، لاستخدامها ورقة ضغط بين الأطراف المتنافسة على حصص الاستحواذ على مغانم الحكم.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت في الخامس عشر من شباط، حكمًا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة كردستان العراق، الصادر عام 2007، وإلغاء القانون لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلًا عن إلزام أربيل بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.

وبدأت كردستان العراق قبل سنوات ببيع النفط بمعزل عن الحكومة، بعد أزمة مالية خانقة نتيجة انهيار أسعار النفط، فضلًا عن الخلافات مع بغداد التي دفعت الأخيرة إلى إيقاف صرف رواتب موظفي محافظات شمال العراق.

ومنذ ذلك الحين تعيش بغداد وأربيل حالة من الجدل والخلاف بشأن عائدات النفط ودقة أرقام الكميات المصدرة عبر كردستان العراق، فضلًا عن الصراع الدائر بشأن المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.

ورفعت وزارة النفط من درجة الخلاف بإعلانها هذا الأسبوع تأسيس شركة جديدة للنفط في شمال العراق.

وذكر بيان لوزارة النفط أن الهدف من الشركة الجديدة هو الدخول في عقود خدمة جديدة مع شركات النفط العاملة هناك حاليًا في ظل حكومة كردستان العراق.

وقال وزير النفط إحسان عبد الجبار إن الوزارة ستبدأ تنفيذ حكم المحكمة الاتحادية الصادر في شباط والذي عدّ الأسس القانونية لقطاع النفط والغاز في كردستان العراق غير دستورية.

فيما رفض رئيس حكومة كردستان العراق مسرور البارزاني الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية في بغداد بشأن أنشطتها في مجال النفط والغاز ووصفه بأنه “سياسي” وغير دستوري.

مسرور البارزاني: الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية “سياسي” وغير دستوري

ويجمع غالبية المراقبين على أن الخلاف بين الأطراف في النهاية لا يضع أموال نفط العراق في خزينة الدولة من أجل تقديم الخدمات اللائقة للشعب والانفاق على تطوير البنية التحتية للبلاد، وإنما ورقة سياسية للضغط، في وقت يستمر الانسداد بشأن تشكيل الحكومة.

وأصدر نشطاء وكتاب ومثقفون وسياسيون أكراد معارضون لاقتسام السلطة في كردستان العراق بيانًا حثوا فيه على توظيف الدعم الجماهيري الواسع لتثبيت قرار المحكمة الاتحادية وتطبيقه بحذافيره ليتسنى للحكومة المقبلة انتزاع ملف النفط والغاز من أيدي ميليشيات العوائل الحاكمة في شمال العراق نهائيًا.

إلا أن حكومة مصطفى الكاظمي الخاضعة لسطوة الميليشيات في بغداد هي الأخرى لا تعد جهة موثوقة لحفظ حقوق الشعب العراقي في المحافظة على الواردات الهائلة من عائدات النفط والغاز.

ويرى الخبير النفطي عباس الغالبي أن “المشكلة متراكمة ومتراكبة منذ سنوات ما بين بغداد وأربيل بشأن استخراج النفط في كردستان العراق وأحقية البيع والتصدير وهي تحمل في طياتها دوافع سياسية أكثر من جوانب فنية”.

وقال إن “المادة الدستورية 111 من الدستور واضحة، ولكنها اشترطت أن يشرع ذلك بقانون مما جعلها حمالة أوجه وقابلة للتفسير السياسي وهذا ما عملت عليه حكومة كردستان العراق منذ عام 2007”.

وأضاف أن “أسباب الأزمة والجدلية الدائرة بين بغداد وأربيل ترجع لعدم وجود تشريع قانون للنفط والغاز من قبل البرلمان العراقي الذي من شأنه أن يحسم النزاع”.

وقال المتحدث الإعلامي باسم شركة “سومو” للتسويق النفطي، حيدر الكعبي، “إننا ذاهبون نحو التطبيق الحرفي لقرار المحكمة الاتحادية بخصوص نفط كردستان العراق”.

وأشار الكعبي إلى أن “شركة النفط الوطنية العراقية ستكون مسؤولة عن إدارة ملف الطاقة داخليًا، ووزارة النفط ستكون المسؤولة عن التعاطي مع وزارة المالية والجهات الدولية والخارجية”.

وقدمت عبر الدورات السابقة لمجلس النواب الكثير من المسودات لتشريع قانون للنفط والغاز الاتحادي، ولكنها لم تبصر النور بسبب الخلافات السياسية.

وحثت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي”، السياسيين في العراق على “انتهاج الحوار لحل الخلافات” القائمة بين بغداد وأربيل.

ودعت المسؤولة الأممية في العراق جينين بلاسخارت في تقريرها المقدم للأمم المتحدة حول العراق كافة الأطراف المعنية إلى الاسترشاد بروح الشراكة والتعاون، بما في ذلك ما يخص الحكم الصادر مؤخرًا عن المحكمة الاتحادية العليا بشأن قانون النفط والغاز الخاص بكردستان العراق.

يذكر أن الدستور الحالي على الرغم من أنه شُرع بنية تقسيمية تخدم المحاصصة الطائفية، إلا أنه نص أيضًا بأن النفط ثروة يملكها الشعب العراقي وحده. غير أن القوى والأحزاب الحاكمة لا تعير بالًا لهذه الفقرة وهي تتقاسم هذه الثروة بينها وبين الشركات الأجنبية، في وقت يعيش 12 مليون عراقي تحت خط الفقر.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى