أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

القوات الدنماركية بعد الأمريكية والبريطانية، تفلت من عقاب تعذيب المدنيين العراقيين

السجناء العراقيون تعرضوا لتعذيب ومعاملة غير إنسانيّة في منطقة الزبير العراقية عام 2004.

بغداد- الرافدين

أثار إلغاء المحكمة العليا في الدنمارك، قرار محكمة استئناف يلزم كوبنهاغن بدفع تعويضات إلى 18 مدنياً عراقياً تعرّضوا للتعذيب خلال غزو العراق، استياء منظمات دولية، منددة بازدواجية المعايير في دول ترفع شعار الديمقراطية.
ولم يكن القرار الدنماركي الأول، فسبق وأن أعلنت بريطانيا بأن التحقيق المستقل في أكثر من 1200 شكوى ضد عسكريين بريطانيين متهمين بارتكاب جرائم حرب في العراق بين عامي 2003 و2009 انتهى من دون ملاحقات.
وارتكبت القوات الغربية جرائم حرب مكشوفة ضد العراقيين المدنيين أثناء احتلال العراق عام 2003، وذهبت كل المطالبات بإدانة مرتكبي هذه الجرائم أدراج الرياح، من جريمة تعذيب المعتقلين في سجن “أبوغريب” من قبل القوات الأمريكية، حتى جرائم اعتقال المدنيين في البصرة من قبل القوات البريطانية، إلى الجرائم التي ارتكبت بحق أهالي الفلوجة والأنبار من قبل القوات الأمريكية.
ولجأ 23 عراقياً إلى القضاء الدنماركي بعد اعتقالهم وتعرّضهم لتعذيب ومعاملة غير إنسانيّة خلال عمليّة “الصحراء الخضراء” في منطقة الزبير بمحافظة البصرة، عام 2004.
وعام 2018، حكمت محكمة استئناف على الدولة الدنماركية بدفع تعويضات إلى 18 منهم.
لكنّ المحكمة العليا كسرت هذا القرار، وقضت أن وزارة الدفاع غير ملزمة بدفع تعويضات بما أنّ القوات الدنماركيّة لم تتورّط في عمليّات التعذيب ولم تكن على علمٍ بها.
وقالت المحكمة في بيان إنّه “لم يكن للقوات الدنماركيّة أسبابٌ ملموسة.. للاعتقاد بأن عراقيين سيتعرّضون للتعذيب”.
وكانت محكمة الاستئناف رأت أنّ الجنود الدنماركيين “فشلوا في منع عمليّات التعذيب، وإن لم يشاركوا فيها”.
وقدّرت المحكمة أن القوات الدنماركيّة كانت على علمٍ بأنّ السجناء معرّضون “لتهديدات حقيقيّة” بالتعذيب من القوات العراقيّة. وأمرت الدولة الدنماركيّة بدفع تعويضات بقيمة 4300 دولار لكلّ منهم.
وأضيفت القوات الدنماركية إلى قائمة المحتلين من الأمريكيين والبريطانيين، الذين فلتوا من العقاب على الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين العراقيين أبان الاحتلال عام 2003.وسبق وأن كشفت وثائق سريّة لوزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عن انتهاكات وإخفاقات متكررة في شنّ غارات جوية مميتة من قبل الجيش الأمريكي ضد المدنيين في العراق.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت في تقرير مطول نشرته باللغة العربية في موقعها الإلكتروني “قطعت الوعود بحرب تنفّذها طائرات مسيّرة ذات قدرات رصد فائقة وقنابل دقيقة التوجيه، لكنّ الوثائق تكشف عن معلومات استخباراتية مغلوطة، وعمليات استهداف خاطئة، وسنوات من سقوط القتلى بين صفوف المدنيين وأقلّ القليل من المساءلة”.
وقبلها أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس، أن التحقيق المستقل في أكثر من 1200 شكوى ضد عسكريين بريطانيين متهمين بارتكاب جرائم حرب في العراق بين عامي 2003 و2009 انتهى من دون ملاحقات.
وقال بن والاس إن الجهاز المسؤول عن التحقيق المستقل، الذي اطلع على 1291 ادعاء منذ تموز عام 2017، أغلق أبوابه رسمياً.
وأضاف أنه على الرغم من توجيه 178 تهمة والتحقيق فيها عبر 55 آلية منفصلة، لم تتم في النهاية مقاضاة أي جندي.
وتابع أنه تمت إحالة خمسة أشخاص على النيابة في عام 2019، ولكن لم توجه أي تهمة إليهم.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن إغلاق التحقيق بشأن جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات البريطانية في العراق هو كيل بمكيالين في ميزان العدالة الدولية.
وأوضح كلايف بالدوين المستشار القانوني في المنظمة، أن الحكومة البريطانية أبدت اهتمامًا ضئيلًا بالتحقيق والملاحقة القضائية بشأن الفظائع التي ارتكبتها قواتها، وكانت المدعية العامة في “المحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا” أعلنت عن إغلاق ملف التحقيق بشأن ارتكاب القوات البريطانية جرائم حرب بين عامي 2003 – 2008 في العراق رغم إقرارها بأن جنودًا بريطانيين ارتكبوا جرائم قتل عمد وتعذيب معتقلين واغتصاب وانتهاكات إنسانية أخرى خطيرة بحق العراقيين عقب احتلال البلاد عام 2003.
وبعد أكثر من 19 عاما على احتلال العراق لازالت الدول بقيادة الولايات المتحدة التي ارتكبت جريمة الاحتلال وفق مزاعم أثبت كذبها عن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، خارج المساءلة الدولية.
وقالت الباحثة السياسية هبة الفدعم إن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين والإقليميين لا يودون الاعتراف بالجرائم المتركبة بحق الشعب العراقي لأن ذلك سيشكل وصمة عار في تاريخهم ولكل من ساهم ودعم وشارك في احتلال العراق.
وأضافت الفدعم في حوار مع قناة “الرافدين” أن الاحتلال عمد إلى تفكيك المنظومة الاجتماعية بالكامل وتقسيم العراق إلى فئات وأعراق جديدة لم نكن نسمع بها في السابق من أجل سلب الهوية العراقية وخلق ولاءات متعددة ليعيش العراق في شتات إلا أن ثورة تشرين أحيت الأمل من جديد بتوحيدها لكل مكونات الشعب العراقي حيث يمكن اعتبارها البداية الحقيقية لاستعادة الهوية العراقية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى