أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

ميليشيا الحوثي توغل في جريمة محاصرة وتجويع أهالي تعز

يخلف حصار تعز منذ سبع سنوات معاناة يتجرعها ملايين السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر في بلد يعاني من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.

صنعاء – مرت أكثر من سبع سنوات منذ بدأت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، في اليمن، فرض حصارها الخانق على محافظة تعز جنوب غربي البلاد، مخلفة أزمة إنسانية وصحية متفاقمة في المدينة المكتظة بالسكان.
وعلى الرغم من انعقاد مشاورات متعددة بين الحكومة والحوثيين حول قضية تعز؛ إلا أن جميعها لم تفلح في فك الحصار عن المحافظة الأكثر سكانا في اليمن.
ومؤخرا، عادت قضية تعز إلى السطح، كواحدة من أهم القضايا التي شغلت الرأي العام، وسط حراك دولي ومحلي بهدف إنهاء الحصار المفروض من قبل الحوثيين المتحالفين مع إيران.
وفي بداية نيسان الماضي، أعلنت الأمم المتحدة عن سريان هدنة في اليمن، لمدة شهرين قابلة للتمديد، وسط ترحيب من قبل أطراف الصراع.
ومن أبرز بنود الهدنة، وقف إطلاق النار، وإعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، وفتح الطرق في مدينة تعز، وكذلك إدخال 18 سفينة نفطية إلى ميناء الحديدة.
وعلى الرغم من فتح مطار صنعاء الدولي وتدفق الوقود إلى ميناء الحديدة “غرباً”، لم يتم رفع الحصار عن تعز حتى اليوم، وسط احتجاجات شعبية متكررة رافضة للحصار.
وخلال الأيام الماضية، شهدت مدينة تعز وقفات احتجاجية طالبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على ميليشيا الحوثي لفك الحصار.

احتجاجات شعبية في مدينة تعز اليمنية تطلب بفك الحصار الذي تفرضه ميليشيا الحوثي على المدينة

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، في بيان إن “مليشيا الحوثي تواصل بإيعاز إيراني تقويض جهود التهدئة، ووضع العقبات والعراقيل أمام تنفيذ بنود الهدنة، بخرق وقف إطلاق النار، واختلاق الأعذار للتنصل من التزاماتها في رفع الحصار عن تعز”.
وطالب الارياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة “بالضغط على مليشيا الحوثي لتنفيذ بنود الهدنة، ووقف خروقاتها في مختلف جبهات القتال، ورفع الحصار بشكل فوري وغير مشروط عن مدينة تعز”.
ويخلف حصار تعز معاناة قاسية يتجرعها ملايين السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر في بلد يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
يقول المواطن محمد عبد الرب “قبل الحصار، كان الراغبون بالدخول إلى مدينة تعز من المحافظات الشمالية، يصلون إلى منطقة الحوبان شرقي المدينة، ومن ثم الانتقال خلال قرابة 10 دقائق إلى ربع ساعة حتى الوصول إلى شارع جمال وسط المدينة الواقعة تحت سلطة الحكومة”.
وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية “بعد فرض الحصار من قبل الحوثيين، اضطر المواطنون إلى اتخاذ طرق بديلة من أجل الوصول إلى تعز، تمر بمنطقة الحوبان وحتى مدينة دمنة خدير ومن ثم المرور بمناطق ريفية جنوبي المحافظة، وطرق وعرة حتى الوصول إلى وسط المدينة”.
وأردف “تستغرق مدة الوصول من الحوبان إلى مدينة تعز عبر هذه الطرق، حوالي سبع إلى ثماني ساعات، وفي بعض الأحيان قد تتضاعف المدة بسبب عوامل طبيعية مثل تضرر الطرق بسبب الأمطار الغزيرة والسيول”.
وتحدث بأن عددا من المواطنين لقوا حتفهم أثناء مرورهم بمركباتهم في طرق وعرة اضطروا إليها بسبب الحصار.
وذكر أن “آخر الضحايا كانوا اثنان من المواطنين توفوا بعد انقلاب سيارتهم قبل نحو شهر”.
وعلى الرغم من أن تعز تعيش ظروفا إنسانية صعبة، إلا أن ذلك لم يشفع لها في تخفيف معاناتها بفك الحصار.
ويقول تيسير السامعي، نائب مدير الإعلام في مكتب وزارة الصحة في تعز، إن المحافظة تعيش ظروفا إنسانية وصحية بالغة الصعوبة، بفعل الحرب وتداعيات الحصار.
وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية إن “الحصار المفروض على تعز، عمق من المأساة الإنسانية التي تعاني منها المحافظة الفقيرة، وزاد من ارتفاع الأسعار وتدهور مختلف الخدمات”.
ولفت إلى أن “الحصار أثر بشكل أكبر على المواطنين الضعفاء مثل المرضى والمعاقين، الذين ينهكون في سفرهم وهم في طريقهم إلى المدينة “.
وتحدث بأن “ثمة مرضى لم يستطيعوا تلقي العلاج، فيما آخرون رحلوا عن الحياة وهم في طريقهم إلى مستشفيات المدينة، بسبب بعد المسافة الزمنية جراء الحصار “.
وأفاد بأن “عديدا من الأسر التي تعمل في مدينة تعز اضطرت لاستئجار منازل رغم إنها تملك مساكن خاصة في الجهة الشرقية منها؛ لكن بسبب الحصار لم تستطع الإقامة فيها لطول المسافة التي كانت تستغرق دقائق فقط”.
وشدد على أن” ملف تعز إنساني بحت؛ حيث يفترض النأي به من سياق الصراع، فالخاسر هو المواطن البسيط “.
وعانى نساء ورجال وأطفال كثيرا من إغلاق الطرق في تعز، وربما معظم الأسر لديها قصص وحكايات مأساوية حول معاناة الحصار.
وتقول الناشطة الإنسانية هدى الأحمدي، إن الحصار المفروض على تعز، أثر سلبا بشكل قاس على ملايين اليمنيين.
وسردت حكايتها مع الحصار قائلة “في إحدى المرات كان لدي دورة تدريبية في مدينة تعز، حول الوقاية من سوء التغذية، فاضطررت إلى الانتقال إلى المدينة من الريف عبر طرق وعرة”.
وأضافت “مشيت على الأقدام وطفلي الرضيع في حضني لمدة ساعتين، متنقلة من جبل لآخر، حتى حصلنا على مركبة تقلنا من الريف إلى المدينة”.
وتابعت “مررت بعدة طرق وجبال وعرة حتى استطعت الوصول إلى المدينة بعد ساعات طويلة”.
وأردفت “وصلت إلى منزل أحد أقاربي في المدينة وأنا في حالة ضعف كبيرة بسبب الإجهاد الذي عانيته أثناء السفر”.
وشددت على أنه “لولا الحصار لوصلت من الريف إلى المدينة في وقت قصير بدون تعب أو هم “.
ولفتت إلى أن “أسرا باتت غائبة عن بعض في المحافظة نفسها بسبب الحصار، حيث يتطلب زيارة الأهل ساعات طويلة من السفر والمال والجهد، رغم إن المسافة الحقيقية مجرد دقائق”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى