أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الأخطاء الطبية والإهمال يفتكان بالعراقيين

مستشفيات تدار بمسؤولين غير أكفاء حصلوا على مناصبهم وفق المحاصصة بين الأحزاب الحاكمة.

بغداد – الرافدين
أثارت وفاة امرأة في مستشفى البصرة التعليمي من جراء خطأ طبي، الخميس، عاصفة من الاستياء الشعبي، أعاد فتح ملف الأخطاء الطبية وانعدام الرقابة في المؤسسات الصحية العراقية.
وأوضح شهود عيان في مستشفى البصرة التعليمي، أن الإهمال تسبب بتبديل أوراق وتحليلات مرضية خاصة بمريضة في المستشفى بمريضة أخرى، ما شكل صدمة قاسية وغير متوقعة لذوي المرضى.
وتشهد المراكز الصحية المنتشرة في العراق، أخطاءً طبية من هذا القبيل أودت بحياة العشرات من المرضى، وتدهور الحالة الصحية لآخرين أو إحداث عاهة مستديمة.
ويقول مراقبون، إن الأخطاء الطبية في العراق تتكرر باستمرار، حيث تنتهي حالات مرضية بسيطة بفقدان المريض حياته، بسبب جرعات زائدة من التخدير أو نتيجة سوء التشخيص، ما عرض سمعة الأطباء العراقيين للكثير من الضرر، ودفع بعض العراقيين السفر إلى الهند وتركيا والأردن للعلاج.
ولا تقتصر كارثية هذه الأخطاء على الموت فحسب، فكثير من الضحايا تعرضوا لعاهات مستديمة كالعمى أو الشلل، كالحاج كاظم نعمة (67 عامًا)، الذي أجريت له عملية سحب المياه البيضاء من عينيه في مستشفى الإمام علي بمدينة الصدر في بغداد، إلا أن النتيجة كانت تعرضه لثقب بشبكية العين أدى لفقدانه البصر.
وتعزا أغلب الأخطاء إلى الإهمال وعدم وجود كوادر متخصصة، فضلًا عن انعدام الرعاية المناسبة وفشل إدارة المستشفيات بسبب إسناد هذه المواقع لمسؤولين غير أكفاء وفق المحاصصة بين الأحزاب.
وتفاجأ، أهل الشابة نسرين (21 عامًا) من بغداد، بالفريق الطبي المشرف على ابنتهم يخبرهم بوفاة نسرين بعد نحو أربع ساعات على دخولها غرفة العمليات، إثر خضوعها لعملية جيوب أنفية في مستشفى غازي الحريري في مدينة الطب في بغداد.
المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، قال إنه “لا بد من إثبات وقوع الخطأ طبيًا وقانونيًا قبل أن تشرع الوزارة باتخاذ إجراءاتها بهذا الشأن ، عن طريق تحديد نوع الخطأ والظروف المصاحبة له والمسؤولين عنه.
وأشار أحد العاملين في مستشفى حكومي في بغداد إلى أن “الجشع يسيطر على جميع العاملين في القطاع الصحي، فهم لا يحترمون تخصصهم ولا ينطقون بغير جملة لا نعلم واستشر غيرنا، فيجرّبون في المريض إلى حد التسبب بإعاقته أو وفاته”.
وأضاف هذا الموظف الصحي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن “آلاف المرضى توفوا نتيجة التشخيص الخاطئ وهذا سببه ضعف رقابة وزارة الصحة”.
وتابع، “المشرفون على وزارة الصحة جميعهم أطباء، ولكن لا يستطيعون محاسبة أي طبيب، فاللجان التحقيقية التي شُكلت برأت الأطباء وكتبت أن سبب موت الضحايا هو السكتة القلبية”.
وتنتشر، في بغداد، العديد من العيادات الطبية غير الرسمية التي تعمل بعيدًا عن أعين الأجهزة الرقابية، ويتردد إليها المئات رغم أنها تسببت بوفاة البعض.
وحذر، الطبيب عمر الخشان من وجود خطورة كبيرة على أرواح المواطنين الذين يراجعون العيادات غير الرسمية وهم لا يعلمون بأنها قد تكون طريقًا لهلاكهم، مؤكدًا، أنه يستقبل بين الحين والآخر ضحايا هذه العيادات، التي انتشرت بشكل كبير في بغداد خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن “هذه العيادات تتقاضى من العراقيين مبالغ مالية مقابل خدمات غير منضبطة طبيًا في أغلب الأحيان بسبب عدد كبير من العاملين في هذه الأماكن غير المرخصة من الممرضين الذين لم يحصلوا على شهادات من كليات الطب”.
ودعا الخشان، وزارة الصحة والجهات الأمنية إلى متابعة هذه العيادات التي يعمل كثير منها في المنازل، ما يزيد من صعوبة رصدها، كما أن الفساد الإداري يلعب دورًا كبيرًا عن طريق الرشى التي تدفع لبعض الجهات للتغاضي عن وجود تلك العيادات.
ووفقًا لمصادر برلمانية، فإن المستشفيات العراقية شهدت نحو أربعة آلاف خطأ طبي منذ عام 2003، تسببت بالعديد من الوفيات وحالات الإعاقة.
ووقعت هذه الأخطاء في مستشفيات حكومية وأهلية، وأدت للعديد من النزاعات بين أهالي الضحايا والكوادر الطبية المسؤولة عن هذه الأخطاء.
ورغم أن قانون حماية الأطباء الذي أقره البرلمان في العراق عام 2013 يتضمن حماية هذه الفئة من أي اعتداءات قد تطالهم، فإن العشرات منهم يتعرضون سنويًا إلى عمليات ضرب واحتجاز وقتل أحيانًا، بسبب اتهامات لهم بالتسبب في وفيات بعض المرضى.
وتعاني المستشفيات الحكومية في العراق من نقص كبير في المستلزمات الطبية والأدوية والكوادر العاملة فيها وقلة النظافة.
وأدت، عمليات الاغتيال التي استهدفت عشرات الأطباء بعد الغزو الأمريكي، إلى هجرة أعداد كبيرة منهم خارج العراق أو إلى مدن شمالي العراق، ما أحدث فجوة كبيرة لم تستطع الحكومات المتعاقبة سدها.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى