أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الحكومة تكتفي بالوعود لمعالجة 10 آلاف طن من النفايات يوميًا في بغداد

الفساد الحكومي وغياب التخطيط والخدمات يتسبب بأزمات بيئية وصحية وسط ازدياد الكثافة السكانية في بغداد.

بغداد – الرافدين

تُصنَّف العاصمة بغداد من بين أكثر المدن في العالم التي تغطيها النفايات، بعد فشل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 بوضع خطة استراتيجية لمعالجة النفايات.
ولا يُخفي أهالي بغداد استياءهم من عجز السلطات في جمع النفايات، بل من إحراقها في مناطق قريبة من سكنهم وما يسبب لهم ولأطفالهم من ضرر صحي وبيئي.
وتبدو معضلة النفايات في بغداد واحدة من أزمات مستمرة من انسداد مجاري الصرف الصحي إلى رداءة الطرقات، فشلت الحكومة مع أمانة بغداد في معالجتها، على مدار 19 عامًا.
ويعزو عراقيون الفشل الحكومي في معالجة مثل هذه الأزمات الخدمية إلى الفساد المستشري، وتحول أمانة بغداد إلى منصب تحاصصي لا يفكر بالمحافظة على صورة بغداد.
معتبرين أن النفايات المنتشرة في الطرقات جزءًا من النفايات السياسية التي أفرزها الاحتلال الأمريكي. ولا يثق العراقيون بالوعود الحكومية عن إنقاذ المدن من النفايات، معتبرين أن تلك الوعود من باب التسويف والتبرير والذرائع، فلا أمل من حكومات غارقة بالفساد بالتفكير في تخليص المدن من النفايات.
ولم يستطع أمناء بغداد الذين شغلوا المنصب منذ احتلال العراق عام 2003 تقديم الخدمات للعاصمة، مع إقالة وتغيير العديد منهم بسبب افتضاح ملفات الفساد. ولا يبدو أن أمانة بغداد تمتلك خطة واضحة لمعالجة ملف النفايات، بالرغم من الوعود والتصريحات.
وكشف مدير الدائرة الفنية في وزارة البيئة عيسى الفياض أن معدل النفايات البلدية للشخص الواحد في العراق بلغت أكثر من كيلوغرام واحد يوميًا، ما يعني أنّ بغداد وحدها والتي يسكنها حوالي 8 ملايين نسمة، تنتج قرابة 10 آلاف طن يوميًا من النفايات البلدية. ولا تبدو وعود حكومة الكاظمي لحل أزمة النفايات واستخدامها لإنتاج الطاقة الكهربائية جديدة، فسبق أن تحدث وزير الكهرباء عادل كريم عن المشروع نفسه على أن يكون جاهزًا على الأرض خلال الصيف الحالي.
وكان عضو لجنة الخدمات النيابية جاسم البخاتي أكد نهاية عام 2020 اهتمام لجنته بمشروع تدوير النفايات، وتحويلها إلى مواد صديقة للبيئة، وإنتاج الطاقة الكهربائية، لكنّ المشروع واجه حينها غياب الجدوى الاقتصادية، وعدم رغبة وزارة الكهرباء دفع مبالغ إضافية لشراء تلك الطاقة من الشركات التي من المفترض أن تستثمر المشروع.
وتغرق معظم المدن العراقية وخاصة بغداد بين أكوام النفايات منذ الغزو الأمريكي عام 2003 بعدما أفرز حكومةَ المحاصصة التي يرى معظم العراقيين أنها لم تقدّم أي خدمات لهم، ما اضطر السكان لرمي النفايات في الساحات والأزقة وخلف جدران الأبنية المدمرة إثر غياب الحاويات، وعدم رفع أمانة بغداد لهذه النفايات من الشوارع.
ويضطر الأهالي وخاصة في مناطق الشعلة والحسينية وأبو غريب وضواحي بغداد، والفلوجة والتاجي والمدائن لاستنشاق الدخان والأبخرة الصادرة عن حرق النفايات المكدّسة في الشوارع، الأمر الذي يعرضهم لمخاطر صحية كبيرة تصل للإصابة بمرض السرطان بحسب خبراء أكدوا أن المواد المحروقة تعتبر فائقة السمّية.
ولا يقف الأمر عند حرق النفايات والأدخنة الصادرة عن المواد البلاستيكية المحترقة، فهناك نفايات من مخلفات المشافي وبعضها يحوي بقايا أعضاء بشرية مستأصَلة تسبب نشر الأمراض وانتشار القوارض داخل الأحياء السكنية.
ويرى مراقبون أن أزمة النفايات اليوم هي نتاج طبيعي للعشوائية السياسية والتخطيطية والفساد الحكومي حتى أضحت مشاهدة أكوام النفايات في الشوارع والأحياء السكنية أمرًا مألوفًا، وتعدَّى ذلك إلى تحول هذه الأكوام إلى مصدر رزق للفقراء الذين باتوا يبحثون فيها عن موادَ يمكن تدويرها إضافة لحرق بعضها واستخراج النحاس، وأكثر من كل ما سبق فقد أصبحت بعض هذه المكبَّات تحت إشراف مافيات وعصابات معينة.
وكانت وزارة التخطيط قد كشفت أن أكثر من ثلث السكان غير مشمولين بخدمة جمع ونقل النفايات خلال عام 2020، إذ أكَّد الجهاز المركزي للإحصاء التابع للوزارة حينها أن “أكثر من ثلث السكان في العراق غير مشمولين بخدمة جمع ونقل النفايات”، مضيفًا أن “كمية النفايات الاعتيادية المرفوعة بلغت قرابة 12 مليون طن عام 2020 في حين أنها لم تبلغ 11 مليون طن سنة 2019”.
وتفاقم أزمة النفايات ليس وليد غياب الخدمات وتقصير أمانة بغداد فقط إذ أقر الرئيس السابق للجنة التخطيط الاستراتيجي في مجلس محافظة بغداد نزار السلطان، أن “أمانة بغداد أخطأت كثيرًا لأنها لم تحُدّث التصميم الأساس للعاصمة بموجب المتغيرات التي حصلت، في حين أن المدينة في نمو مستمر خاصة في قطاع السكن، بحيث أدى ذلك إلى اختناق العاصمة، وباتت لا تستوعب الزيادة السكانية”.
وكشف السلطان أن “كل هذا خلّفته السياسة العبثية والإدارة غير المسؤولة لتنظيم الفعاليات في العاصمة”، مؤكدًا أنه “ليس من مسؤولية البرلمان تشريع قوانين لتمليك العشوائيات التي يروّج لها أيام الانتخابات”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى