أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

هل بمقدور مرجعية السيستاني تبرئة نفسها من الانهيار السياسي والفساد الحكومي

أحمد الصافي، ممثل المرجعية يتراجع عن تصريحه من دون أن يغير حقيقة سلطة المرجعية في التأثير على العملية السياسية.

بغداد- الرافدين
انقلب تحذير أحمد الصافي، ممثل علي السيستاني، من أن الفشل السياسي القائم جاء نتيجة لعدم الاستماع إلى رأي المرجعية، إلى تساؤلات سياسية وشعبية عن دور المرجعية في صناعة هذا الفشل.
وتساءل عراقيون عما إذا كانت المرجعية بهذه الذرائع، تريد أن تبرئ نفسها مما وصل إليه العراق من انهيار سياسي واقتصادي وأصبحت دولة تتبوأ المراتب العليا في مؤشر الفساد العالمي.
ومع أن الصافي سرعان ما عدل عن تصريحه المعلن يوم الأربعاء، معتبرًا ما صدر عنه “إنما كان يعبر عن وجهة نظره تجاه الأحداث التي مر بها البلد، ولم يكن بتوجيه من المرجعية الدينية، ولا يعبّر عن موقفها بشأن الوضع السياسي الراهن” إلا أن ذلك لا يبرئ دور المرجعية المحرض والداعم والمشارك للأحزاب الطائفية والسياسيين الفاسدين في ما آل إليه العراق.
وتساءل الصحفي كرم نعمة عما إذا كانت المرجعية تستطيع تبرئة نفسها مما حدث منذ 2003، من القتل على الهوية والتهجير وإلغاء مفهوم الدولة الوطنية وحكم لصوص الدولة والتشريع للفساد؟

كرم نعمة: هل بمقدور المرجعية تبرئة نفسها

وكتب نعمة “مهما يكن من أمر، فإن السيستاني كما يعلن المقرّبون منه خلال السنوات الماضية من أنه فقد الثقة بكل الطبقة السياسية الفاسدة وأقفل باب منزله أمامهم، لكن تلك الطبقة مازالت متشبثة برضا السيستاني، وعادة ما يستنجد رؤساء الحكومات في المنطقة الخضراء بجملة (أثر توجيهات المرجعية الرشيدة) في كل قرار سياسي وعسكري مصيري. وجميعهم يحلم اليوم بزيارة منزله، لأن وضع أقدام أي مسؤول عراقي على عتبة تلك الدار الصغيرة، شهادة رضا وقبول لا تقدر بأي ثمن سياسي”.
وأضاف “مرجعية السيستاني هي دولة مستقلة عن الدولة العراقية تمتلك القوة والسلطة للتأثير في ما يحصل بالعراق، من إقرار الدستور مرورًا بقوانين الانتخابات حتى اختيار شخصية رئيس الوزراء. وتجربة السنين الماضية كشفت لنا بلا مواربة، أن من لا ترضى عليه مرجعية النجف لا يمكن أن يمر إلى رئاسة الحكومة في المنطقة الخضراء”.
واتخذت المرجعية مواقف صنعت رصيد النظام القائم على المستوى الشعبي. عندما دعت إلى عدم مقاومة الاحتلال الأمريكي، كما أنها حثّت أتباعها على التصويت على الدستور الجديد وبعده الانتخابات التشريعية. كما أن الحرب الأهلية ما كان لها أن تقع لولا غطاء المرجعية. يومها حرض السيستاني أتباعه على الانتقام للإماميْن اللذين تم تفجير ضريحيهما في سامراء.
ويرى مراقبون سياسيون أن المرجعية حينما رفعت يدها عن العملية السياسية، فإنها أزاحت الستارة التي كانت تختبئ وراءها الأحزاب الطائفية والكتل السياسية الحاكمة، وهو ما يعني أن المرجعية كانت عبر أكثر من عقد من الزمن بمثابة ورقة توت، ما إن اختفت حتى ظهر السياسيون العراقيون عراة، دفعهم عجزهم عن الدفاع عن ماضيهم الملوّث بالفساد إلى أن يضحّي بعضهم بالبعض الآخر، بعد أن تبيّن لهم أن الإرادة الشعبية التي ضللتها المرجعية التي نطقت في ظل الاحتلال بعد أن صمتت دهورًا صارت قادرة على الزج بهم في مناطق المساءلة الحرجة.
وقال الكاتب السياسي فاروق يوسف “كانت مواقف المرجعية في الكثير من اللحظات الحرجة التي مر بها العراق بعد الاحتلال الأمريكي تستدعي الشعور بالفجيعة. وكما أرى فإن تلك المواقف هي التي قادت العراق إلى الحالة الرثة والكئيبة التي انتهى إليها”.

فاروق يوسف: المرجعية لعبت دورًا خطيرًا في تدمير العراق

وأضاف “لعبت المرجعية دورًا خطيرًا في تدمير العراق وتمزيق وحدة نسيجه الاجتماعي. وهو ما استفاد منه السياسيون الطائفيون، فصاروا يزيّنون عمليات فسادهم بشعارات دينية ذات منحى طائفي مكشوف”.
وعبر يوسف عن اعتقاده بأن المرجعية فعلت الأسوأ في تاريخها حين دفعت بأتباعها إلى انتخاب مرشحي الحشد الشعبي أعضاء في مجلس النواب، ثم الدفع بهم للاستيلاء على السلطة.
وكتب “المرجعية التي اخترعت الحشد الشعبي تنفيذًا لأوامر إيرانية لا بد أن تكمل دورها من خلال تهيئة الشعب للقبول بفكرة أن يتولى زعماء الحشد السلطة من خلال إضفاء شيء من الشرعية على وجودهم المستحدث داخل التركيبة السياسية الحاكمة”.
وتخشى المرجعية أن يخرج العراقيون مطالبين بإسقاط الطبقة السياسية الفاسدة التي خرجت من تحت عباءتها ولم تخرج عن طاعتها.
وتبنت المرجعية في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي حصر المشكلة بوجود بعض الفاسدين على رأس السلطة وصارت تدعو لاستبدالهم وليس تغيير العملية السياسية برمتها كما يطالب ثوار تشرين.
وقال الكاتب أركان الكركوكلي، “أن المرجعية لم تكن نزيهة في تعاطيها السياسي ناهيك عن الطبيعة اللاوطنية لهذا التعاطي، هي تتدخل حتى النخاع بالسياسة وتدعي غير ذلك”.

أركان الكركوكلي: المرجعية ليست نزيهة سياسيًا

وأضاف “عندما يجدر بها التدخل لا تفعل وإن فعلت فإن الطائفية المبطنة والمغلفة بالتعميم يغطي على حقيقة منطوقها حفاظًا على مكاسبها السياسية والمالية”.
وأوضح، أن المرجعيات الدينية تعرف تمامًا أن علو الصوت الوطني العراقي سوف يؤدي إلى تحجيم دورها ودور الهويات الطائفية، وأنها على يقين أن أي ثورة شعبية عراقية حقيقية قائمة بمراجع وطنية أصيلة سوف تؤدي إلى سحق ونسف النفس الطائفي الذي تبنته.
وقال أكاديمي عراقي “لا خلاف في أن دور المرجعية الدينية قد اختلف عما كان عليه عام 2003، حيث كان دورها إفتائيًا وتعليميًا محضًا، أما بعد الاحتلال فقد باتت تتمتع بدور مؤسساتي كبير من حيث الإشراف المباشر على الشأن السياسي في العراق، وقد ساعدها في ذلك التهاون الخارجي والدعم الداخلي من القوى والأحزاب”.
وأضاف الأكاديمي الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريح لقناة “الرافدين “ساعدت الأموال الضخمة التي تتحصل عليها المرجعية، في تنفيذ مشروعها السياسي الطائفي، ودعمت ذلك بميليشيا حشد المرجعية المسلحة وغير الخاضعة لسلطة الجيش”.
وأكدّ على أن أي رئيس للحكومة لا يمكن أن يمر من دون موافقة المرجعية عليه.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى