أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

المالكي ورقة فاسدة ومحروقة يعاد تأهيلها لرئاسة الحكومة

مقتدى الصدر يغلق الباب أمام مبادرة الإطار التنسيقي لحثه عن التراجع، ويتوعد بأزمة أخطر من الانسداد السياسي.

بغداد- الرافدين

وصف مصدر سياسي عراقي “الحماسة” التي تظهرها الأحزاب والميليشيات الولائية بدفع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لرئاسة الحكومة الجديدة بعد انسحاب نواب التيار الصدري، بصناعة الفشل.
وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح لقناة “الرافدين “لا يحدث إلا في العراق، عملية تدوير وصناعة الفشل بالفشل”. معبرا عن عدم استغرابه أن تقف قوى وميليشيات في الإطار التنسيقي خلف المالكي أو أحد الذين يخرجون من تحت يده لرئاسة الحكومة الجديدة.
وتساءل عما إذا كانت تلك القوى والميليشيات قادرة على الإجابة على سؤال العراقيين برمتهم، إن كان المالكي نجح بإدارة ملف واحد على مدار دورتين في رئاسة الحكومة، كي يعاد تقديمه لرئاسة الحكومة الجديدة.
وقال الا يكفي انه أدار أكبر عملية فساد في التاريخ السياسي المعاصر بضياع 200 مليار دولار من ثروة العراق.
في غضون ذلك عبر سياسيون مقربون من الإطار التنسيقي عن مخاوفهم من حماسة المالكي أو نوابه بشأن رغبته في العودة إلى السلطة بنفسه أو بمرشح آخر تحت مظلته.
ولا يرى سياسيون في الإطار “ضررا في المالكي نفسه، بقدر مخاوفهم من نهاية حكم الطائفة، بسبب الرفض الشعبي للمالكي كشخصية فاسدة ومكروهة بين غالبية العراقيين”.
ويفضل هؤلاء التمسك بحكم الطائفة وفق مفاهيم المحاصصة التي شرعها الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003 وبرعاية إيرانية، على اختيار المالكي في رئاسة حكومة ستسقط لا محالة بسبب الغضب الشعبي.
ويعدّ نوري المالكي واحدا من أكثر سياسيي المشهد العراقي الذين يعانون من الازدراء الشعبي، بينما ينظر إليه نشطاء ثورة تشرين بوصفه أكبر “تفاهة سياسية” في تاريخ العراق المعاصر.
ويقول الكاتب فاروق يوسف إن المالكي ليس رجل سياسة بالمعنى المعاصر، بل هو سياسي في إطار ما تسمح به السطوة الطائفية من تحرر من القواعد الواقعية. لذلك كان الفساد الإداري والمالي الذي لم يعرفه العراق من قبل هو معجزة المالكي.
يأتي ذلك في وقت رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الاطلاع على بنود مبادرة، من قبل الإطار التنسيقي في محاولة لحثه عن التراجع عن قرار استقالة نوابه من مجلس النواب.
وذكرت مصادر إعلامية أن الصدر أغلق الباب على “من كان يرغب بزيارته لشرح أهمية هذه المحاولة”.
وقالت إن “الصدر اتخذ قراره بشكل نهائي”، مشيراً إلى أن بيئة زعيم التيار تتحدث عن “انسحاب يسبق أزمة أخطر من الانسداد الراهن”.
ولا يخضع العداء بين المالكي والصدر للمعايير السياسية التقليدية، فهو ثابت ولا يمكن أن يطرأ عليه أي تغيير. ذلك لأن أسباب العداء ليست وقتية وليست مرتبطة بواقعة بعينها.
ويقول مراقبون سياسيون “الصدر والمالكي كائنان متنافران، يحمل كل واحد منهما للآخر قدرا من الكراهية يود معها لو محاه من الأرض. ولقد سبق لهما أن خاضا حربين”.
وعزا المحلل السياسي العراقي علي رسول الربيعي الصراع المستمر بين المالكي والصدر إلى ما أسماه الذهنية الضدية التي تحكم قادة القوى الطائفية الحاكمة، لأنهم ضد الآخر بصرف النظر عن مواقفه السياسية التي تتعلق بالدولة والحكم. الأمر الذي يعبر عن بؤس اللغة السياسية السائدة في العراق.
وقال الربيعي إن “كل ذلك يظهر للمواطن العراقي غياب خطاب سياسي وطني يحمل رؤية استشرافية لمستقبل العراق، وكذلك غياب الإرادة السياسية لإنجاز تغيير جدي وراديكالي في أوضاع البلاد المنهارة على كافة الأصعدة والقطاعات”.
وأضاف “إنه صراع ينتج عنه إبعاد كل كفاءة وأهلية لصالح تمكين ذوي العلاقات الولائية والقربى من مناصب الدولة لاستمرار الانهيار والتلاعب بمصير العراق”.
وينظر العراقيون الى حقبتي المالكي في رئاسة الحكومة “2006 -2014” بأنها أسوأ ما مر على العراق بعد الاحتلال أثر تصاعد عمليات القتل على الهوية وتسيد الميليشيات الطائفية سلطة القرار في مؤسسات الدولة فضلا عن الفساد الذي نخر الدولة وبتشجيع من المالكي نفسه.
ويرى يوسف أن إيران تحتاج، إلى استعادة خدمات المالكي الذي صار وجوده شبحيا بعد أن تم الاستغناء عن خدماته على المستوى المحلي.
وعما إذا كان المالكي سينجح في مسعاه برئاسة الحكومة، قال يوسف إن ذلك ليس مضمونا بسبب أن الكثير من رجال حزب الدعوة قد انفضوا من حول المالكي واعتبروه ورقة محروقة، مشددا على أن إيران لن تخسر شيئا فالمالكي ليس رهانها الوحيد.
ويعتقد الكاتب مسار عبدالمحسن راضي بأن المالكي لن يستطيع أن يُغلِق جميع ثقوب الخسائر الانتخابية المفزعة لـ”الإطار التنسيقي”، كما تظن القوى الميليشياوية المهزومة والموهومة به. فقد حقق المالكي نصرا مجّانيا، من خلال هذا الإطار الهلامي، حيثُ كَشَفَ على الملأ، أنهم لا يستطيعون الحياة السياسيّة من دونه.
وبدأ المالكي ولايته الأولى في رئاسة الحكومة عام 2006 بمجازر القتل على الهوية وانتهت ولايته الثانية بكارثة ضياع ثلث الأراضي العراقية بيد تنظيم داعش.
وتم تأهيل المالكي في سياق تسوية أمريكية إيرانية من خلال إزاحة إبراهيم الجعفري من زعامة حزب الدعوة، وكان مستعدا لتمزيق الخارطة الاجتماعية العراقية بقسوة جزار وصلافة محتال وبرودة قاتل.
ما يعرفه الإيرانيون عن المالكي وقد خبروه أثناء إقامته في إيران أدركته سلطة الاحتلال متأخرة، ولكن في الوقت المناسب، فوجدت فيه الرجل المستعد داخليا لتنفيذ الفقرة الأساسية في مشروعها الاستعماري.
فرئيس حزب الدعوة -وفق يوسف- لا ينظر إلى العراق إلا من جهة توزعه بين مذهبين وسيكون وجوده في السلطة مناسبا لتكريس الثقافة الطائفية، التي لن يكون بعدها الحديث عن عراق موحد إلا نوعا من الخيال التاريخي.
وبلغ الفساد في عهدي حكم المالكي ذروة غير مسبوقة على المستوى العالمي وهو ما دفع بالعراق إلى احتلال المرتبة الأولى في الدول الأكثر فسادا في العالم.
ووصف مختصّون ذلك الفساد بأنه ظاهرة تاريخية لم تقع منذ أن وطأت قدما آدم الأرض.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى