أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الإفلات من العقاب ظاهرة سياسية تسود في العراق

هيئة علماء المسلمين: الوعود الوهمية للحكومات المتعاقبة بمساءلة المجرمين دلالة على حالة الاستهتار بدماء العراقيين

بغداد – الرافدين
جدد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين دعوته إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المتظاهرين والنشطاء وإلى وضع حد للسلاح المنفلت التي يفتك بأرواح العراقيين، وذلك في تقرير لها أصدرته في العشرين من حزيران الجاري وذلك تزامنًا مع اقتراب الأحزاب السياسية المتحكمة بالعراق من إكمال عقدها الثاني وإصرارها على مبدأ الإفلات من العقاب وتعزيزه بكافة الوسائل.
وأكد التقرير أن الاحتلالين الأمريكي والإيراني عززا من سطوة الميليشيات والطبقة السياسية غير الوطنية ليعيش العراق باضطرابات وحالة من الفوضى الخلاقة.
وأشار إلى أن “الشعارات الوهمية للحكومات المتعاقبة بضرورة تحقيق العدالة والوعود المتكررة بمساءلة المجرمين وتحقيق القصاص العادل لم ير منها الشارع العراقي أي خطوة حقيقية في مشهد يدلل على حالة الاستهتار الحكومي بدماء العراقيين الذين كانت أسمى شعاراتهم (نريد وطنًا) خصوصًا وأن عمليات القتل كانت بشكل علني وموثقة بعدسات الكاميرات ومن السهولة التعرف على القتلة والمجرمين، ولكن لم تتم مقاضاة أي أحد”.
وأوضح أن “أبناء العراق الأحرار يتعرضون إلى اعتقالات تعسفية واخفاء قسري إلى جانب التهديدات والاعتداءات وعمليات النفي وكل ذلك بمرأى ومسمع الجهات الحكومية التي تتواطأ مع الميليشيات في مخططاتها أو قد تتخذ بعض الإجراءات الشكلية باعتقال بعضًا ممن شاركوا في عمليات القتل لكن سرعان ما تتم عمليات إطلاق سراحهم بصورة هادئة أو إدخال القتلة بنطاق القضاء وإخراجهم بأطر قانونية.
وبيّن التقرير أن “الشعب العراقي أصبح على يقين تام بتستر الجهات الحكومية بكامل مؤسساتها على الجناة وتتجاهل تمامًا المناشدات الحقوقية للمنظمات الدولية والمحلية التي تنادي بمعالجة المخاوف المتعلقة بمحاسبة منتهكي القانون والمجرمين”.
وأكد على “عدم جدية الجهات الحكومية لتغيير نهجها ووضع حد لدوامة الانتهاكات والجرائم المتسلسلة وأن المسؤولين يسيرون وفق أهوائهم وبما تقتضيه المصلحة الحزبية والشخصية”.
وذكر أن “المشاركين في العملية السياسية منذ 2003 أثبتوا فشلهم الذريع سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا مما أدى إلى فقدان الشعب العراقي الثقة بكل من شارك في حكومات الاحتلال في ظل غياب المشروع الوطني الحقيقي لإنقاذ البلاد من الواقع المأساوي المعاش على الرغم من الفرص الكثيرة التي سنحت لهم بالإصلاح، ولكنهم كانوا معول هدم في كل مؤسسات الدولة القائمة على المحاصصة الطائفية الفجة بل وبذلت الجهود في مصادرة حرية الشارع العراقي بشتى الطرق من خلال التسويات السياسية والاحتيال على النصوص القانونية وبدعم دولي”.

د. أيمن العاني: حكومات الميليشيات تغذي الفوضى

وقال مسؤول قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين الدكتور أيمن العاني في تصريح لقناة “الرافدين” إن “الحكومات التي أسستها الميليشيات تفتعل الأزمات وتغذي الفوضى المستمرة المتفاقمة في البلاد وليس من صالح أي طرف من أطراف العملية السياسية أن يتم تفعيل القوانين ومحاسبة المرتكبين للانتهاكات أو قضايا الفساد لأنهم يريدون لهذا البلد الهلاك والدمار والخراب”.

وأكد العاني أن “مبدأ فرق تسد هو ما بنيت عليه العملية السياسية لأن المراد أن يتم التحكم بالعراق من قبل الأطراف الخارجية وهذا لا يكون إلا بإثارة الفرقة بين مكونات الشعب العراقي فالطائفية أمر طارئ على المجتمع العراقي والأحزاب التي جاءت مع الاحتلال هي من جلبت مفهوم الطائفية لتفرقة الشعب لتتسيد المشهد”.
وأشار إلى أن “القضاء في العراق حاله كحال بقية القطاعات تعرض لمسألة المحاصصة حيث تم إقصاء أغلب الكوادر القانونية الفذة وجيء بأفراد مجرد أدوات لتنفيذ الرغبات الحزبية داخله”.
وأضاف أن “ثورة تشرين وما أعقبها من أحداث بينت للعراقيين أن الأحزاب التي تتحكم بمصير البلد ونهبت ثرواته لا تأبه بمسألة الدم العراقي الذي ينزف كل يوم ولم تكن لها أي إجراءات حاسمة لإنصاف أسر الضحايا”.
ويرى مراقبون أن ” اللجان التحقيقية في قضايا الخطف والقتل أو حتى اللجان المكونة في قضايا الفساد لا تتم متابعتها من قبل الجهات الحكومية عبر أجهزتها التنفيذية بالشكل المطلوب”.
وأشاروا الى أن رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي قد أخلف كل الوعود بمحاسبة المتورطين بتلك الجرائم، وأصحبت تلك اللجان مجرد تشكيلات فارغة يتهكم عليها الشارع العراقي.

عادل الخزاعي: القوات الأمنية تحمي المجرمين

وقال المتحدث باسم المرصد العراقي للحقوق والحريات عادل الخزاعي إن “أول حماية يتم توفيرها للقتلة والمجرمين حماية الغطاء السياسي ومحاولة تسويف أي جريمة، وإن كانت كبيرة ووضعها في غير مسمياتها كنزاع عشائري أو المساس بالشخصيات الدينية”.
وأضاف الخزاعي في تصريح لقناة “الرافدين” أن “المجرمين يتلقون الحماية الأمنية أيضًا من خلال الأفراد المنتمين للميليشيات الذين تم اقحامهم بالمؤسسات الأمنية للتعامل مع أي حالة اعتقال لعناصر الميليشيات”.
وأشار إلى أن “توفير الحماية القضائية للقتلة يهدف إلى تذويب القضايا وإفلاتهم من العقاب”.
وأوضح “الإفلات من العقاب أصبح ظاهرة سياسية، وكثير من المجرمين الذين كان من المفترض أن يتم زجهم في السجون، نشاهدهم أحرارًا ويتمتعون بالسلطة المطلقة”.
وقال “لو تم التحقيق الفعلي في كل الجرائم المرتكبة لشاهدنا رؤوسا كبيرة من الزعماء السياسيين والعسكريين في أقبية السجون”.
ولفت الخزاعي إلى أن سياسة الإفلات من العقاب زادت من جرائم القتل وانتشار السلاح، لعدم وجود قوة ردع حقيقية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى