ولي العهد السعودي يبدأ من تركيا حقبة جديدة في مواجهة النفوذ الايراني
المحللة السياسية غونول تول: السعودية تدفع باتجاه إقامة جبهة سنية تشمل تركيا في مواجهة نفوذ إيران.
اسطنبول– يصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأربعاء إلى تركيا في زيارته الرسمية الأولى لهذا البلد بعد تسع سنوات من الخلافات بدأت مع الربيع العربي وفاقمها اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول. فيما تشير قراءات سياسية الى أن زيارة ولي العهد السعودي قد تفتح حقبة جديدة في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وتتفق السعودية وتركيا على الخطر الذي تشكله الأذرع الإيرانية على دول المنطقة، خصوصا السنية منها.
ورأت غونول تول مديرة برنامج تركيا في معهد “ميدل إيست إنستيتوت” في واشنطن “أحد الدوافع الرئيسية للسعودية هي إقامة جبهة سنية تشمل تركيا في مواجهة نفوذ إيران في المنطقة”.
لكنها أضافت “هذا التقارب لن يسمح بحل المشاكل الاقتصادية الرئيسية” في تركيا.
وأكدت أيضا “يضاف إلى ذلك أن محمد بن سلمان لن ينسى بسهولة موقف تركيا خلال قضية خاشقجي. ففي تلك الفترة كان الأمير محمد يسعى إلى الترويج لصورته كرجل إصلاحات في البلاد وعلى الساحة الدولية. إلا أن تركيا بكشفها قضية خاشقجي الحقت ضررا كبيرا بهذه الصورة”.
ويستعد ولي العهد السعودي لطي صفحة التهميش الذي فرضه الغربيون عليه. فالرئيس الأمريكي جو بايدن سيزور خلال جولة له في الشرق الأوسط هي الأولى منذ توليه الرئاسة في منتصف تموز، المملكة حيث يلتقي الأمير محمد.
وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عند تأكيده زيارة الأمير محمد الحاكم الفعلي في بلاده “باذن الله سنرى إلى أي مستوى يمكننا الارتقاء بالعلاقات بين تركيا والمملكة العربية السعودية.
وكان الفصل الأول من المصالحة حصل في نهاية نيسان عندما زار اردوغان السعودية حيث بحث مع ولي العهد في سبل “تطوير” العلاقات بين البلدين.
ويقول محللون إن الأموال السعودية والعملة الصعبة قد تساعد أردوغان في حشد الدعم قبل انتخابات مشددة بحلول حزيران 2023.
وقال مسؤول تركي إن السعودية قد تكون مهتمة بشركات تابعة لصندوق الثروة التركي أو في أماكن أخرى أو بالقيام باستثمارات مماثلة لتلك التي قامت بها الإمارات في الأشهر القليلة الماضية.
وأضاف المصدر أن الزعيمين سيناقشان أيضا إمكان بيع طائرات تركية مسيرة مسلحة إلى الرياض.
وقبل ثلاثة أسابيع على ذلك، كان القضاء التركي قرر حفظ قضية اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي كاتب المقالات في صحيفة واشنطن بوست الذي قتل في تشرين الأول 2018 في قنصلية بلاده في اسطنبول التي اتاها للحصول على الوثائق الضرورية لزواجه من خطيبته التركية.
وأحالت انقرة هذا الملف على السلطات السعودية ما فتح المجال أمام تقارب مع الرياض.
ويأتي الفصل الثاني الأربعاء مع استقبال اردوغان للأمير محمد الذي يقوم بجولة اقليمية باشرها الاثنين في مصر وقادته أيضا إلى الاردن.
ولم يكشف عن برنامج الزيارة بعد إلا ان اتفاقات عدة ستوقع على ما أفاد مسؤول تركي رفيع المستوى لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مسؤول تركي كبير لوكالة رويترز طلب عدم نشر اسمه إن الزيارة من المتوقع أن تحقق “تطبيعا كاملا واستعادة فترة ما قبل الأزمة”.
وأضاف “حقبة جديدة ستبدأ”.
وأفاد المسؤول بأن المفاوضات بشأن خط مبادلة عملات محتمل- والذي يمكن أن يساعد في إنعاش احتياطيات تركيا الأجنبية المتناقصة- لا تتحرك “بالسرعة المطلوبة” وستتم مناقشتها على انفراد بين أردوغان والأمير محمد.
وأضاف المصدر أن اتفاقات في مجالات الطاقة والاقتصاد والأمن ستوقع خلال زيارة الأمير محمد، بينما يجري العمل أيضا على خطة لدخول الصناديق السعودية أسواق رأس المال في تركيا.
ورأى سونر كاغابتاي من معهد “واشنطن إنستيتوت فور نير إيست بوليسي”، “هذه الزيارة هي من الأهم في انقرة منذ قرابة عقد من الزمن”.
وساهم الحصار الذي فرضته السعودية على قطر حليفة تركيا مدة ثلاث سنوات ومن ثم قضية خاشقجي في السنة التالية في تسميم العلاقات بين انقرة والرياض.
في تلك الفترة اتهم الرئيس التركي “أعلى المستويات” في الحكومة السعودية بإعطاء الأمر لتنفيذ عملية الاغتيال على أيدي عناصر سعوديين، لكنه استبعد العاهل السعودي من التهمة.
ويكثر اردوغان قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية المقررة في منتصف حزيران 2023 وفي حين يقضي التضخم على قدرة الأتراك الشرائية، المبادرات لتطبيع العلاقات مع قوى إقليمية عدة ولا سيما السعودية والإمارات.
وقال كاغابتاي “اردوغان وضع كبرياءه جنبا بعض الشيء. فلديه هدف وحيد الفوز بالانتخابات المقبلة” مشيرا إلى ان الرئيس التركي الذي زار الإمارات في منتصف شباط “يسعى بشتى الطرق إلى استقطاب استثمارات خليجية”.
ويواجه الرئيس التركي تراجعا كبيرا في قيمة الليرة التركية وتضخما بلغ 73.5% بمعدل سنوي في أيار ما يلقي بظلال الشك على احتمال إعادة انتخابه بحسب استطلاعات الرأي.
وقال زعيم حزب المعارضة الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو “أحالتهم ملف خاشقجي إلى السعودية مقابل المال”.