أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

سجن “أبو غريب”.. انتهاكات صارخة لا تغيب عن ذاكرة المعتقلين

المعتقل السابق حسن عبد الستار المشهداني يروي فصولًا من التعذيب في سجن "أبو غريب"

بغداد ــ بعد 17 عامًا من اعتقاله في سجن “أبو غريب” لازال العراقي حسن عبد الستار المشهداني الذي عاد إلى ذات السجن عام 2008، يتذكر فظائع التعذيب التي شهدها فيه وكأنها شريط يمر أمام ناظريه يوميًا.
وسجن “أبو غريب” حاليًا اسمه سجن “بغداد المركزي” يقع قرب مدينة أبو غريب والتي تبعد 32 كلم غربي العاصمة العراقية بغداد واشتهر باستخدامه من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وإساءة معاملة السجناء داخله.
والمشهداني (51 عامًا) حاليًا من العشائر العراقية في الفلوجة التابعة لمحافظة لأنبار (غرب)، متزوج وله 7 أبناء، تعرض للاعتقال في سجن “أبو غريب” عام 2005 وخرج بنفس العام، وهناك شهد تعذيبًا نفسيًا وكان شاهدًا على فظائعه.
كما تعرض المشهداني للاعتقال مرة ثانية عام 2008 لأكثر من 4 سنوات، من قبل “العمليات المشتركة الحكومية والأمريكية”، وهناك أيضًا كان شاهدًا على عمليات التعذيب التي حصلت في ذات السجن، معربًا عن “أسفه للحال التي آل إليها العراق”.
وأقرت الأمم المتحدة بتاريخ 26 حزيران 1987، اتفاقية مناهضة التعذيب، وبعد 10 أعوام من ذلك التاريخ أعلنت عبر جمعيتها العمومية، 26 من حزيران، يومًا دوليًا لمساندة ضحايا التعذيب.
المشهداني المتواجد في مدينة إسطنبول التركية روى لوكالة للأناضول تفاصيل اعتقاله والتهم التي وجهت له وما شاهده بسجن “أبو غريب”.
وقال المشهداني، إن “في العام 2005 اقتحمت قوات أمريكية مدججة بالسلاح والعتاد بيتي على الرغم من علمهم أنه بيت شيخ من مشايخ العراق، وفجروا الأبواب وكنت في المنزل مع والدي فاستغربنا واعتقدنا أنه قصف للمكان”.
وأضاف المشهداني، أن “بعد لحظات دخل الأمريكيون المنزل وتقريبًا كل غرفة دخل بها 30 جنديًا، وتم اعتقالي ووالدي وأخي.
ويشير المشهداني إلى أن “عملنا الرئيس هو التجارة، كنت مقيمًا في الأردن وهناك خط تجاري بين الأردن والعراق في المعدات والسيارات التجارية”.
وحول التهم التي وجهت له قال “في ذلك الحين لا يوجد شيء ملموس يتهموننا به، وبعد الاعتقال والتحقيق المبدئي الأولي كانت تهمتي مصنّع أسلحة الدمار الشامل، حسب مذكرة الاعتقال، وهو أمر نستغربه ولكن هذا ما قرأته وبعد تحقيق وعذاب في السجون لم يثبت شيء”.
وروى المشهداني فصولًا من التعذيب في سجن “أبو غريب” قائلًا إن “أول 3 أيام دخلت فيها السجن لم أتذوق الطعام أبدًا، وأسلوب التعذيب هو تعذيب نفسي حيث وضعوني في زنزانة متر بمتر”، مشيرًا إلى أن هذا ما حدث أيضا لوالده وشقيقه.
وأردف المشهداني، “قبلها كانت هناك خزانات كالتوابيت بقينا فيها لمدة 3 أيام، يخرجونا فقط للتحقيق ويرجعونا إليها وهي خزانة تنام بها واقفًا على قدميك”.
وتابع المشهداني، “بعد 3 أيام نقلونا إلى زنازين متر بمتر وكانوا لا يسمحون لنا بالتبول ويسكبون الماء على الأرض والبرودة عالية جدًا.
وزاد المشهداني، “هذا نوع من التعذيب النفسي والتجويع والتبول والبرودة العالية دون أغطية أو ملابس تفرقنا أبي في جهة وأخي في جهة وأنا في جهة”.

سجن أبو غريب توابيت جاهزة لضحايا التعذيب

وأشار المشهداني، إلى أن “التحقيق كان يتم بطريقة محددة، المحقق يوجه المترجم بالصراخ علينا، وهو لا دخل له سوى الترجمة، إلا أن له صلاحية بالصراخ وضرب الطاولة ويهم بالضرب إن لم ترد”.
وأشار المشهداني إلى أن “الفظائع في سجن أبو غريب كبيرة، هو سجن مقسم لمخيمات ومبنى شهد أمورًا لا أخلاقية ولا إنسانية، من تعرية السجناء والرش بالماء شتاء، وإطلاق الكلاب على المعتقلين، وهناك صورًا سربت عكست الأمر وهي صحيحة وواقعية حصلت في ذلك المبنى وغرف التحقيق”.
وأضاف المشهداني، “سمعنا بحالات القتل التي حصلت بالسجن، ويتم العزل عندما تحصل أي حالة وسمعنا أن رجلًا انهارت أعصابه وفارق الحياة، ولكن هناك أناس لا تتحمل ما يحصل، وخاصة العراقيين ناس شرفاء وقضاياهم إما مقاوم أو لا يريد الاحتلال، السجون مملوءة بهم وليسوا سارقين أو معتقلين بجرائم أخلاقية”.
وأوضح المشهداني بحرقة، أن “سجن أبو غريب عبارة عن مبنى سجن داخلي على شكل قاعات لها ممر عريض، في هذا المكان بحسب نظراتنا رأينا النساء (مجندات من التحالف) باللباس الداخلي فقط، يدخلون الكلاب على المعتقلين، ويقمن بأعمال غير أخلاقية، وحدثت بهذه القاعات أحداث كثيرة بمساعدة عراقيين معاونين لهم”.
وأردف: “خرجت من سجن أبو غريب في نفس العام، واعتقلت مرة أخرى في العام 2008 من قبل العمليات المشتركة أي العراقية والأمريكية”.
المشهداني تحدث عن تجربته بالقول: “الاعتقال الثاني كان دون مذكرة اعتقال عن طريق ما يسمى المصدر وبعد التحقيق والتنقلات من مكان لآخر وصلنا لغرف التحقيق”.
وأضاف “بدأ توجيه الاتهامات لنا من ناس مأجورين ومنها شهادة أحدهم ضدي بقوله رأيته فجر العبوة الفلانية، وضرب السيارة الفلانية وهكذا، وبفضل الله خرجنا منها لأن لا دليل عليها”.
وزاد المشهداني “القاضي يريد دليلًا ولو صغيرًا حيث لم تثبت الجريمة فخرجنا براءة، ولكن أخذت منا 4 سنوات و4 أشهر، الاعتقال الأول ولد الاعتقال الثاني، رأينا أناسًا متعطشين لتعذيب المعتقلين”.
ولفت إلى أن هناك “أشكال من التعذيب يصعب الحديث عنها من فظاعتها، ومنها تقطيع أجزاء من الجسد وقد رأينا أناسًا حصل لهم ذلك وقمنا بمساعدتهم، وهناك أناس تعرضوا لما هو أسوأ وأناس قتلوا تحت التعذيب”.
وأردف المشهداني “في سجون العمليات المشتركة الحكومية يتفننون بالتعذيب، بأشياء لا تخطر على البال أبدًا”.
وأضاف: “بالنسبة للقتل كانوا يدخلون إلى قاعات المساجين المعتقلين وكل قاعة تحوي 75-100 معتقل، يختارون من يريدون حسب الشكل وأناس تأتي كمعرفة من نفس المنطقة فيقول للحرس أعطوني هذا فيذهب بلا رجعة”.
وتابع المشهداني “في نقطة التحقيق هناك غرف خاصة عندما يذهب المساجين لها يعذبون جسديًا وفي أماكن حساسة فضلًا عن الجلد الذي من شدته كانت تحصل تقرحات بالجسم والأرجل”.
وختم المشهداني بالقول: “الوضع النفسي يمكن تجاوزه فالمؤمن مبتلى، ولكن أسفي وحزني على العراق وما آل إليه بوجود هذه الطغمة الفاسدة التي لم تؤد شيئا للعراق والعراقيين، مرتزقة الأمريكان وسارقوا العباد والبلاد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى