أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مفكرون يردون على مزاعم التجديد المنفلت الساعي لتسوية السنة النبوية باجتهادات البشر

الدكتور مثنى حارث الضاري: مكانة الفلسفة بين العلوم الشرعية عانت من مشكلة مزمنة في طرائق التدريس.

إسطنبول – الرافدين

أجمع باحثون ومفكرون على أهمية التجديد في الدراسات الإسلامية، مطالبين بفهم السنة النبوية وفق القواعد الأصولية التي أخذ بها العلماء على امتداد العصور للرد على مزاعم التجديد المنفلت والفوضوي الذي يسعى لتسوية السنة النبوية باجتهادات البشر وجعلها تراثًا غير ملزم.
وشددوا في ختام أعمال المؤتمر العلمي الرابع الذي أقامه القسم العلمي في هيئة علماء المسلمين في العراق، على رصد الدراسات والكتب التي تناولت التجديد الفوضوي في الدراسات بغية الرد عليها والتحذير منها. والتصدي للبدع المعاصرة في العقيدة ومنها بدعة الدين الإبراهيمي لمصادمتها الثوابت الشرعية وتوظيفها للمصالح السياسية والتطبيعية.
وطالبوا في بحوث فكرية وفلسفية قدمت على مدار يومين في المؤتمر الذي عقد في مدينة إسطنبول، بالتجديد في علم الفقه، وفقا لحاجة التراث الفقهي إلى توسعة علمية وتبويب الموضوعات وتذليل الصعوبات التي يواجهها الدارسون في كتب التراث.
وخلص المؤتمر الذي مثل انتقاله فكرية في البحث الإسلامي المعتدل، إلى ضرورة التركيز على منهج درس المبادئ والنظريات العامة في الفقه الإسلامي وضرورة وضعه في دائرة الأولويات وتقديمه قبل دراسة الجزئيات لغرض فهم الجزء في ضوء الكل لأن الشريعة نسيج محكم متكامل ومتناغم لا تتنافر جزئياته مع كلياته، وربط الأحكام بعللها وغاياتها عند التطبيق في عصر الاجتهاد الفقهي.
وشدد المشاركون القادمون الى اسطنبول من مختلف الدول الاسلامية على تدوين المسائل ووضع ذلك في الاعتبار في عصرنا بحكم تغير قسم من الأحكام بسبب تغير المآلات والغايات.
ومن أوجه التجديد في الدراسات الفلسفية والمنطقية، أوصت نتائج المؤتمر بنقد الفكر الفلسفي غير المنضبط والمتعلق بقضايا التجديد. ومراعاة مستويات الخطاب القرآني ولا سيما المعاني العميقة المعبرة عن الاستراتيجية القرآنية التي تمكن من النجاح في الاستخلاف والاستعمار في الأرض.
وقال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري “إن موضوع الفلسفة وموضِعه بين العلوم الشرعية عانى من مشكلة مزمنة في طرائق التدريس، التي أوجدت فجوة معرفية عند قسم من الدارسين، وأوهمت بأن الفلسفة مصادمة للدين بالكلية، وليس في بعض أقسامها فحسب”.
وعلى مدار عدة جلسات في المؤتمر الذي جمع نخبة من المفكرين، ركزت الأوراق البحثية على التجديد في الدراسات الإسلامية، وتسليط الضوء على مفهوم ومقاصد وضوابط وتطبيقات التجديد.
وناقشت أوراق الجلسة الثانية من اليوم الثاني للمؤتمر مفهوم التجديد بالعقائد والأديان والفرق، وقدّم فيها الدكتور عمار طالبي نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بحثًا بعنوان “التجديد في المغرب الإسلامي” سلّط فيه الضوء على علماء المغرب الذين تركوا بصمة كبيرة في التجديد بالاعتماد على مصادر التشريع الإسلامي، ومنهم الإمام المجدد عبد الحميد بن باديس الذي كانت له بصمة واضحة في هذا المسار.
وقال الدكتور يوسف محمود الصديقي عميد كلية الشريعة الأسبق بجامعة قطر، في بحثه “التجديد في الفلسفة” ضمن الجلسة نفسها “إن المسلمين اتجهوا نحو أسلَمَةِ الفلسفة، وأنتجوا علومًا وفنونًا وصناعات، لافتًا إلى أن الاجتهاد بالرأي في الأحكام الشرعية، يُعد أوّل نظر عقلي عند المسلمين، والذي تقدّم وترعرع في أحضان مصادر التشريع الإسلامي.
وفي هذا الشأن ألقى الدكتور إدريس ربوح ملخصًا لبحث الدكتور أبو يعرب المرزوقي أستاذ الفلسفة العربية واليونانية بجامعة تونس “بنية القرآن أو منطق استراتيجيته في تربية الإنسان، وحكمه بوصفه مستعمرًا في الأرض بقيم الاستخلاف” أكّد فيه على وجوب مراعاة مستويات الخطاب القرآني، ولا سيما المعاني العميقة المعبرة عن الاستراتيجية القرآنية، التي تمكّن من النجاح في الاستخلاف والاستعمار في الأرض.
وقال عضو مجلس الإفتاء في المملكة الأردنية الهاشمية الدكتور محمود علي السرطاوي، في بحثه المعني بالتجديد في الدراسات الإسلامية، الفقه وأصوله، والسياسة الشرعية، إن التركيز على المبادئ والكليات والنظريات العامة في الفقه الإسلامي يقع في دائرة الأولويات وهو مقدم على دراسة الجزئيات، لأن الشريعة نسيج محكم متكامل ومتناغم لا تتنافر جزئياته مع كلياته.
وشدد السرطاوي على تعزيز مبدأ الاعتدال والتسامح ونبذ التطرف وغرس القيم والتوابت الإسلامية في نفوس الأجيال.
وشارك أستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة البحرين سابقًا الدكتور عمر العاني، ببحثه الذي يحمل عنوان النهضة الفقهية في العصر الحديث.
وتطرق العاني إلى دور العديد من الدراسات الإسلامية والتي بينت ريادة الفقه الإسلامي على ما كتبه الباحثون في علمي القانون والاقتصاد، وأظهرت أنه المورد الأساس لتلك القوانين.
وتناول الدكتور الحسان شهيد أستاذ التعليم العالي في كلية أصول الدين في المغرب، في بحثه “التجديد الأصولي: الإمكانات والمداخل” الذي قدّمه بواسطة منصّة إلكترونية؛ موضوعَ التجديد الأصولي الذي كان تاريخيًا تراكميًا، استند إلى فهم مقصدي، ومعرفة فكرية، بهدف تحسين أوضاع الأمة وتغيير واقعها.
ونبه عدد من المشاركين والضيوف على أن أهمية هذا المؤتمر تنبع من تركيزه على ضرورة قراءة النص الديني بطريقة معاصرة للواقع وبدون التخلي عن ثوابت النقل وبشروط صحيحة تتصدى لفوضوية وعبثية دعوات التجديد التي في حقيقتها تضرب ثوابت الأمة الإسلامية.
وأشاروا إلى أن التجديد مصطلح فضفاض له نتائج كارثية إذا اعتمد على قراءة خاطئة وشكلية للنصوص الدينية ولذلك لابد من وضع قواعد صحيحة ومرتكزات ضرورية حتى يحقق مقاصد الشريعة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى