أخبار الرافدين
د.عبد الوهاب القصاب

ملاذ العراق الأخير التحالف العربي

يحتار المرء وهو ينظر لحال العراق بعد عقدين من سيطرة زمرة العمالة المزدوجة والذيلية على البلاد، وتنفيذها خطة محكمة لتدمير وتفكيك هذا البلد تطبيقًا لما أسمته كونداليزا رايس “الفوضى الخلاقة”.
وكما أشار إليه كتاب “محو العراق” لمايكل اوترمان وريتشارد هيل وبول ولسن الذين أشاروا إلى أن ما يجري هو اقتلاع العراق المعروف وزرع عراق آخر منقطع عن تراثه وماضيه وقيمه.
أوغل هؤلاء العملاء المزدوجون في نهب البلاد لصالح جار شرقي حاقد، وسيد مطاع لأولئك الذين تحولوا إلى مخالب مزقت النسيج المجتمعي العراقي، ودمرت منظومته القيمية الموروثة، وقبضت ثمن ذلك مالًا سحتًا حرامًا مسروقاً بعد أن تسلم سيدهم حصته منه.
وما يبعث على الاستغراب، ذلك النفاق الكريه والازدواجية التي يتحدث به أولئك الذيول. مع أنهم من مهد للاحتلال الأمريكي وعقدوا صفقة لندن في فندق هيلتون متروبوليتان بشارع “ادجور روود” حيث وقعوا برمتهم على قتل العراق، ثم ما لبثوا بعد أن أتى بهم المحتل الأول بدبابته أن مهدوا السبيل للمحتل الثاني القادم من وراء الحدود الشرقية ليدخل البلاد ويعيث فيها فسادًا وانتقاماً من البلد العربي الأبي الذي هزمه في معركة الثماني سنوات.
وبعد عقدين من حكم هؤلاء، ماذا بقي من العراق؟
الجواب لم يبق شيء، فلا خلاص بعد أن تم تنفيذ الوصفة التي أشار إليها أولترمان ورفيقه في كتاب “محو العراق”، اللهم إلا بصيص أمل يخبو ويظهر.
يخبو حين يشغّل المحتل الثاني مسيراته وصواريخه على يد ذيوله، ويظهر حين يتلاشى صدى تلك الصواريخ والمسيرات، فترى دفعًا من هنا وهناك لتفعيل هذا الأمل الضبابي.
ومهما يكن من أمر، نقول إن أمل العراق المتبقي هو عودته إلى حاضنته العربية التي عمل المزدوجون الذيول على مسخها وإزالتها.
ظهر هذا الخيار بأكثر من شكل، آخرها التحالف الثلاثي العراقي الأردني المصري، وهو تحالف يحقق قضايا واقعية وأسسه واقعية أيضا تؤمن امتدادًا بريًا غير منقطع من بغداد إلى القاهرة مرورًا بعمان. وما المسافة بين العقبة إلى ينبع إلا كعبور جسر وإن كان التواصل البري مع مصر عبر الأرض المحتلة مؤمنًا بالنظر للعلاقات السلمية بين الأردن ومصر والكيان الصهيوني.
نحن هنا إزاء كتلة سكانية تناهز 150 مليونًا، ربما ستصل إلى 180 مليونًا أو يزيد عند انضمام سوريا مستقبلًا وربما لبنان وفلسطين (الضفة والقطاع). أي أن كتلة الهلال الخصيب ستعود للظهور كأقوى تكتل بشري عربي اقتصادي.
ستثار اعتراضات من هنا وهناك بشأن تسلل الكيان الصهيوني إلى العملية، بيد أنه طالما بقي هذا التحالف اقتصاديا يتعلق “بلقمة العيش” فلن تكون ثمة فرصة لإجهاضه.
ولو تشكل تكتل الـ 180 مليونًا على أساس واقعي اقتصادي، سيتراجع دور الكيان الصهيوني حتى عند حاضنته، لأن حديث المصالح هو الذي يسمع وليس حديث المدافع الذي فشلنا فيه فشلًا ذريعًا.
ما سيعود على العراق من انضمامه لهذا المحور سيكون عظيمًا، وعندما ستتدفق الأيدي العاملة العربية إلى العراق سيتم طرد الإيرانيين بحكم المصلحة والضرورة. عندئذ ستنكسر معادلة الاستقطاب الطائفي، لأن استقطاب “لقمة العيش” من يحدد الانتماء وينهي الاستقطاب الطائفي السائد اليوم.
سيحاول العملاء المزدوجون إجهاض هذا المشروع وبدأوا يروجون منذ الآن أن العراق سيبيع نفطه بأقل من السعر العالمي لصالح الأردن ومصر، وهو أمر افتراضي أطلقه من سلموا خزينة العراق لأمهم الحنون!
قد يكون ما كتبناه بمثابة حلم، إلا أنه حلم قابل للتحقيق. 180 مليون عربي مقابل 70 مليون إيراني وبناتج محلي إجمالي يتفوق على منافسه الإيراني، وحصة للفرد أعلى، وإمكانات استثمارية هائلة وغير ذلك الكثير، ليس أقله التنسيق والتعاون مع تكتل مجلس التعاون الخليجي الذي سينضم إليه اليمن ليتحول إلى تكتل دول الجزيرة العربية.
أليس هذا حلمًا يستحق أن نعمل على تحقيقه لنخرج من مأزقنا الحالي؟ نعم هو كذلك.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى