أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

ناتو عربي أم تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك لمواجهة التمدد الإيراني؟

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يعبر عن مخاوف بلاده من خطر الميليشيات الإيرانية على المنطقة.

عمان- ظلّت الصبغة الرسمية، طيلة السنوات الماضية، هي المحدد الأساس لعلاقات معظم الدول العربية بطهران، مع تخوّف حذر مما تصفه بـ”التدخل الإيراني” في شؤونها الداخلية.
واستمرت المخاوف من “التدخلات الإيرانية” عنوانا رئيسيا في نتائج القمم العربية السابقة، في ظل مواقف دولية تتشدد في منع طهران امتلاك سلاح نووي.
في هذا السياق، يجاور الأردن أبرز مناطق الصراع والأزمات في منطقة الشرق الأوسط، ورغم ذلك استطاع أن يحافظ على استقراره، متجنبا شررها المتطاير في كل الجهات، لكنه بات أخيرا يظهر قلقا واضحا من تداعيات ما يجري في جارته الشمالية سوريا، وسط حديث عن وجود قوات إيرانية قريبة من حدوده.
وفي تموز الماضي، كشف العاهل الأردني الملك عبد الله في مقابلة مع شبكة “سن إن إن” الإخبارية الأمريكية، عن تعرض بلاده لهجوم بمسيّرات إيرانية الصنع.
وبسؤاله عن تحذيره السابق مما أسماه “الهلال الشيعي”، قال العاهل الأردني “أود أن أوضح هنا أنني عندما تحدثت عن الهلال الشيعي، قصدت الهلال الإيراني من وجهة نظر سياسية”.
وعام 2004، حذّر العاهل الأردني خلال حديثه مع أحدى الصحف الأمريكية من خطر تشكل “الهلال الشيعي”.
وشهدت العلاقات الأردنية الإيرانية قطيعة كبرى استمرّت قرابة عقدين من الزمان، بعد دعم الأردن للعراق في حربه ضد إيران في ثمانينيات القرن الماضي.
وفي تصريحات أدلى بها أخيرا، اعتبر الملك عبد الله الوجود الروسي السابق جنوبي سوريا مصدرا للتهدئة، مبينا أن “هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا”.
وفي عام 2015 تدخلت روسيا إلى جانب النظام في سوريا، بعد أن بدت عليه علامات الانهيار أمام تقدم المعارضة المسلحة.
والجمعة الماضية، بثت قناة “سي إن بي سي” مقتطفات من مقابلة أجرتها مع العاهل الأردني، بيّن فيها أنه يدعم تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط، على غرار حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وقال حينها العاهل الأردني: “سأكون من أوائل الأشخاص الذين يؤيدون إنشاء حلفٍ في الشرق الأوسط كحلف شمال الأطلسي”.
وقال إن الرؤية وبيان المهمة الخاصة بمثل هذا التحالف العسكري يجب “أن تكون واضحة جداً، وأن يكون دوره محدداً بشكلٍ جيد، وإلا فإنه يربك الجميع”.
رؤية الملك عبد الله الثاني حول تشكيل التحالف العسكري الشرق أوسطي، قد تعززه مخاوف الأردن من تواجد ميليشيات إيرانية على حدود المملكة من الجهة الشمالية.
ولهذا قد يكون طرح الحلف العسكري العربي مقبولا لدى معظم العواصم العربية التي تتشارك القلق مع عمان، وربما يصبح بنداً حوارياً على طاولة القمة العربية الأمريكية التي تستضيفها السعودية منتصف تموز المقبل، ويشارك فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وجزم الخبير العسكري مأمون أبو نوار بفشل فكرة التحالف العسكري العربي.
وقال أبو نوار للأناضول “التحالف لن يفيد الأردن وسيفشل” مستدركا “لكنه ربما ينجح في مسألة واحدة هي الربط المناطقي عبر الأجهزة من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية”.
وتابع “لا بد للدول التي قد تتشارك في هذا التحالف من تحديد عدوّها، ولو افترضنا أنه إيران، فإن ذلك سيؤدي إلى تقسيم المنطقة طائفيا”.
وزاد “لا توجد أي قيمة استراتيجية لهذا الناتو العربي لعدم وجود أرضية مشتركة بين الدول العربية، وسيكون هنالك خلافات كبيرة باستخدام القوة العسكرية”.
وأوضح أن “الأمن العربي مسؤولية عربية بموجب اتفاقية الدفاع المشترك المنصوص عليها في جامعة الدول العربية، لكنه غير مفعل”.
واعتبر أبو نوار الرفض الشعبي العربي حجر عثرة أمام فكرة الناتو شرق الأوسطي.
وقال: “حتى لو وافقت الأنظمة والحكومات العربية على هذا التحالف وإنشاء ناتو شرق أوسطي، فإنه بالتأكيد لن يلقى قبولا شعبيا، لأن دخول (إسرائيل) لأي دولة من تلك الدول سيكون بمثابة احتلال، ما يجعل قيام التحالف أمرا غير ممكن، خاصة مع وجود تضارب بالمصالح والرؤى”.
وأضاف “هناك الكثير من دول المنطقة لا تسعى لأي تحالفات، وتكتفي بالتعاون والدفاع الشكلي المشترك في إطار جامعة الدول العربية”.
وتابع “لو تم تفعيله، سيكون بطبيعة الحال بمثابة تحالف شبيه لما يدعو له الملك عبد الله، وسيردع أي تهديدات للمنطقة العربية”.
واعتبر دعوة الملك عبد الله لهذا الناتو بمثابة “رسالة موجهة للضغط على إيران ضد أي نوايا أو إجراءات عدائية مستقبلية”.
وقال المحلل السياسي عامر السبايلة للأناضول إن “قيام ناتو شرق أوسطي فكرة لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، وكانت هناك محاولات سابقة بعد احتلال العراق وتطورات الإقليم الأخرى، وانتهت بفكرة معقدة وحجم خلافات كبير”.
وأضاف “أخذت دول الخليج منحى أكثر دفاعا في السنوات الأخيرة بعد الاتفاق النووي مع إيران، باعتبار أنه لم يشمل سياسات طهران بالمنطقة أو قدراتها العسكرية، وحتى حضور دول الخليج في هذه الاتفاق”.
وأوضح “الأوضاع الملتهبة في سوريا ولبنان والعراق واليمن ومحاولة نقل حالة عدم الاستقرار إلى دول الخليج، كلها أمور قادت إلى إعادة فكرة كيفية التنسيق الأمني والعسكري العربي، وهذا فعليا ببساطة ما يمكن الحديث عنه، وهو أقرب من تشكيل حلف على غرار الناتو”.
واعتبر البرلماني والقانوني الأردني صالح العرموطي أن فكرة التحالف العسكري العربي ستكون مرفوضة للأردن.
وقال العرموطي للأناضول “هذا التحالف مرفوض بالنسبة للأردن جملة وتفصيلا، لأنه يضم دول الشرق الأوسط، وهذا أمر يتعلق بمشاركة الكيان الصهيوني بهذا الحلف، ومن شأنه كما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يخدم الأمن الصهيوني ويخدم مشروعهم بالمنطقة”.
وزاد “هذا التحالف سيشرعن وجود قواعد أمريكية على الساحة الأردنية، في ظل اتفاقية مع واشنطن تسمح لها بدخول تحالفات مع أي جهة كانت، بما فيها العدو الصهيوني، وهي اتفاقية غير دستورية ولم تعرض على مجلس الأمة وتمثل اعتداء على سيادتنا وقانوننا”.
وتابع “من الواجب على الأردن أن يكون من السّاعين إلى تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك الموقعة في جامعة الدول العربية”.
وتساءل القانوني الأردني “هل يتفق الفكر الأردني العربي مع الفكر الإسرائيلي الغاصب لفلسطين أو مع الفكر الأمريكي الداعم له؟”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى