أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

باحثون يستذكرون ثورة العشرين كدرس وطني جامع للعراقيين برمتهم

مثنى حارث الضاري: مشاركة العلماء في ثورة العشرين كانت قيادة وفعلا. عدنان القطان: الدور الثقافي رفع الروح الوطنية. حاتم الفلاحي: الثورة غيرت واقع البلاد السياسي.

إسطنبول- الرافدين

حث نخبة من الباحثين على ايلاء دراسات ثورة العشرين في العراق المزيد من الدرس التحليلي والتوثيقي، من أجل ابراز فترة ناصعة من تاريخ العراق الوطني، بدت الحاجة ماسة لها اليوم لاستلهام دروس تلك الثورة التي وحدت العراقيين، وارتقت بالوطنية ووضعتها فوق أي اعتبار جهوي أو طائفي آخر.
وأجمع الباحثون في الندوة الاستذكارية التي أقامها مركز الرافدين للدراسات الاستراتيجية “راسام” في إسطنبول الخميس، على أن ثورة العشرين صنعت مجدا وتاريخا عظيما خالدا للأجيال، وأنها كانت ثورة عظيمة تقدم للعراقيين درسا ناصعا في التعلم منه للعمل من أجل استعادة بلدهم المخطوف اليوم من قبل القوى والميليشيات الطائفية والتقسيمية.
وطالب الباحثون في الندوة التي عقدت لمناسبة الذكرى الثانية بعد المائة لثورة العشرين بعنوان “القوّة الاجتماعية وأثرها في ثورة العشرين” بوجوب استثمار دروس الثورة للتصدي لكل عوامل الفساد والتخلف التي تنال من حضارة العراق العظيم ومن مجده الأصيل.
وقدمت في الندوة ثلاثة أوراق سلط الباحثون من خلالها الضوء على جوانب مهمة من الثورة وتاريخها وقيمها وما أنتجته من دروس وأفكار.
وركز الدكتور مثنى حارث الضاري مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين على مشاركة علماء الدين وأثرهم في ثورة العشرين”، فيما تناول الباحث الدكتور عدنان القطان “دور المثقفين العراقيين في ثورة العشرين”، ووثق الباحث حاتم الفلاحي “دور العشائر في ثورة العشرين”.
وسلط الدكتور الضاري الضوء على دور العلماء في ثورة العشرين، وقال “إن أثر العلماء في ثورة العشرين كبير وكانت لهم مشاركة فعالة، حيث توثّق المصادر التاريخية الدور الكبير لهم في إصدار الفتاوى لمواجهة الاحتلال البريطاني”.
وقال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في ورقته البحثية، أن مشاركة العلماء وطلبة العلم الشرعي في ثورة العشرين كانت قيادة وفعلا، حيث توزعوا في مناطق الثورة على مستوى مدن العراق، لافتا إلى أن هذا الدور لم ينل الاهتمام الكافي لدى الباحثين والمؤرخين.
وأكد على أن الكثير من علماء الدين وأثرهم في ثورة العشرين لم يسلط الضوء عليهم، على الرغم من دورهم وتضحياتهم الكبيرة في إدامة زخم الثورة، مستشهدا بأسماء الكثير من العلماء الذين شاركوا وساندوا الثورة.
وأضاف “إن أثر ثورة العشرين يظهر في البحث العلمي لمجرياتها، والتوثيق الصحيح لأحداثها، وباستذكارها سنويًا، والسير على منهج ومبادئ قادة الثورة من علماء وشيوخ ومثقفين وعسكريين، واقتفاء آثارهم، وإحياء مآثرهم”.
ولفت الدكتور الضاري إلى أن هناك عدد من العلماء منعوا قسرا من المشاركة في ثورة العشرين لاعتقالهم قبل الثورة ونفي قسم آخر منهم إلى خارج العراق خوفا من تأثيرهم على الشارع العراقي، مثل الشيخ عطا الخطيب والذي كان مفتيا لبغداد، وكذلك الشيخ عبد الوهاب النائب الذي شارك في تأسيس حزب العهد مع شقيقه الشيخ محمد سعيد النقشبندي.
وأوضح “كان دور العلماء العراقيين في مواجهة الاحتلال ودعم ثورة العشرين متجليا في الخطب التي يلقونها وكذلك في القصائد والمواعظ التي تحث على مواجهة الاحتلال، مشيرا إلى أسماء العديد من هؤلاء العلماء التي سجلها التاريخ.”
وأكد الدكتور عدنان القطان في ورقته على أن ثورة العشرين تمثل مرحلة انطلاق للحياة الفكرية والسياسية في العراق، والدور الثقافي فيها كان له أثر بارز في إثارة الروح الوطنية لدى الجماهير العراقية التي أعطت زخمًا كبيرًا للثورة.
وأضاف إن الثورة حظيت باهتمام كبير من قبل العلماء والباحثين في العراق وخارجه، وتصدرت دراسات علمية كثيرة وفي جوانب عديدة.
وأشار القطان إلى أن الدور الثقافي كان له أثر بارز في إثارة الروح الوطنية لدى الجماهير العراقية التي أعطت زخما كبيرا لثورة العشرين.
وأوضح “تركزت نشاطات الفئة المثقفة بشكل أساسي في مراكز المدن وخصوصا العاصمة بغداد، وكان عدد من رجال الأحزاب السرية على اتصال وثيق بمناطق العراق، لاسيما المراكز الدينية، فنرى فئات مختلفة من المثقفين العراقيين لعبت دورا واضحا في مقاومة الاحتلال”.
وأكد على أنه كان للمثقفين دور بالغ الأهمية في تحريك الجماهير من خلال نشاطاتهم وفعالياتهم داخل الشرائح الاجتماعية في مدن البلاد، وقد جمعهم التحرر والاستقلال على الرغم من الاختلافات في وجهات النظر والأفكار.
وأشار إلى دور المثقفين العراقيين وخريجي مدارس بغداد وإسطنبول، والضباط والموظفين والمعلمين والمحامين والأطباء والطلاب في نمو الروح الوطنية بين العراقيين وحثهم على مقاومة الاحتلال البريطاني.
بدوره تحدث الباحث حاتم الفلاحي عن أهمية ثورة العشرين واصفا إياها بأنها واحدة من أهم الثورات المسلحة في تاريخ العراق الحديث، فقد لعبت دورًا كبيرًا في مواجهة الاحتلال البريطاني، وساهمت في إجراء تغيرات مفصلية في واقع البلاد السياسي.
وقال الفلاحي “لقد تحوّل الاحتلال بعد سنوات قليلة إلى سلطة انتداب، فاستدعى ذلك بروز حركات نضالية تصاعدت بشكل غير مسبوق واتخذت واجهات وصور متعددة تمثلت بمظاهرات سلمية تطالب بخروج الاحتلال من العراق”.
ووصف مرحلة الانتداب البريطاني بانها شكلت مرحلة مفصلية من تاريخ العراق، والتي نتج عنها تظاهرات سلمية أعقبها العمل على إثارة المشاعر الوطنية والثورية للتصدي للقوات البريطانية المحتلة.
ولفت الفلاحي الأنظار إلى أنه في تلك الفترة انتشرت المناقب النبوية وكثرت إقامة المهرجانات والمنتديات الشعرية والخطابية لتأجيج الروح الوطنية التي تلهب المشاعر الوطنية الحماسية والتي تثير النفوس، بحيث تحولت هذه المناسبات إلى مهرجانات سياسية أظهرت الكثير من الشخصيات الثقافية والعشائرية والسياسية التي أخذت على عاتقها مسألة التصدي للاحتلال.
وتحدث عن شهر أيار من عام 1920 الذي بدأت فيه العمليات العسكرية العشائرية تتصاعد بشكل ملحوظ، وبدأت بتنفيذ هجمات تستهدف قطع الطرق والمواصلات ومحاصرة قوات الاحتلال البريطاني، إذ شجعت تلك العمليات العشائر على حمل السلاح ضد الاحتلال.
وأشار إلى أن العمل العسكري بدأ يدخل في ترتيبات جديدة خصوصا مع دخول قيادات عسكرية على خط العمل المسلح مع العشائر، ووضعت خطط المواجهة من قبل الضباط العراقيين الوطنيين المتواجدين في مدينة دير الزور السورية.
وأكد على أن الثورة كانت عبارة عن تلاحم شعبي وجماهيري وعشائري من مختلف طوائف ومناطق البلاد، واشتعلت نيرانها في أطراف بغداد وخاصة في منطقة خان ضاري، ثم امتدت إلى مناطق العراق الجنوبية منها والشمال، وكانت بمثابة رسالة تفيد بأن العراق واحد من شماله إلى جنوبه.
واختتم الفلاحي ورقته بالقول “إن أحداث ثورة العشرين وتلاحم العشائر العراقية آنذاك يجعلنا نعيد قراءة التاريخ مجددا، فإن ما يجري الآن في العراق صورة غير صحيحة للوضع الطبيعي الذي نشأ عليه العراقيون منذ عام 1920 وحتى مجيء الاحتلال الأمريكي 2003”.
وأثارت الأوراق البحثية في الندوة تساؤلات بين الحاضرين من النخب الإعلامية والدارسين، حيث أشار الكاتب الدكتور رافع الفلاحي في مداخلته إلى مصطلح المثقف والعالم سواء الديني أو العسكري أو غيره من العلوم، مؤكدا على ضرورة عدم الفصل بينهم في الأبحاث التي تتحدث عن تاريخ ثورة العشرين المفصلية في تاريخ العراق.
ورد الدكتور عدنان القطان ردا على مداخلة الدكتور الفلاحي بالقول أن مصطلح الفئة المثقفة الذي جاء في ورقته البحثية تشمل الضباط والموظفين، وعلماء الدين، والكتاب والصحفيون والخطباء والشعراء.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى