أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مافيا تهريب تستحوذ على محصول القمح في نينوى

مزارع من ناحية ربيعة: عناصر مرتبطة بالميليشيات تستحوذ على محصول القمح بأسعار زهيدة لتهريبه إلى إيران.

نينوى – الرافدين
قال مزارع عراقي من محافظة نينوى إن مجموعة من المتنفذين من الميليشيات، بدأت تهيمن على المحاصيل الزراعية، خصوصا محصول القمح في المحافظة، وذلك عبر المكاتب الاقتصادية التابعة لها والمنتشرة في عدة مدن غربي العراق.
وذكر المزارع في تصريح لقناة “الرافدين” أن عناصر من المرتبطين بالميليشيات المنتشرة في المحافظة تجبر المزارعين على بيع محاصيلهم من القمح إلى المكاتب الاقتصادية بأسعار بخسة وذلك لغرض تهريبها إلى إيران أو إعادة بيعها لوزارة الزراعة عبر متنفذين.
وأضاف المزارع الذي يسكن في ناحية ربيعة مفضلا عدم الكشف عن اسمه، “إن الميليشيات تجبرنا على بيع المحاصيل إلى وزارة الزراعة من خلال مكاتبها الاقتصادية فقط، وفي حال محاولة بيعها إلى الشركات التابعة لوزارة الزراعة بشكل مباشر ترفض هذه الشركات استلام المحاصيل، ما يعرضها للتلف بسبب طوابير الانتظار والمماطلة فيضطر أغلب المزارعين إلى بيعها بأسعار زهيدة إلى المكاتب الاقتصادية”.

طوابير الانتظار أمام “سايلوات” نينوى يعرض محاصيل المزارعين إلى التلف

وتدير مجموعات متنفذة عملية تهريب منظمة لمحصول القمح إلى إيران مستثمرة ارتفاع أسعاره في السوق العالمية وشحته بسبب الحرب في أوكرانيا.
وكشف جهاز الأمن “الوطني” في العراق السبت، عن إحباط عملية تهريب ألفي طن من الحنطة إلى خارج العراق، واعتقال 13 شخصًا في أربع محافظات بتهمة تهريب الحبوب.
وضبطت مفارز الأمن في محافظة نينوى، ست عجلات محملة بـ “140 طنا” من القمح المُعدة للبيع في السوق السوداء أو تهريبها إلى الخارج.
وفي محافظة واسط تم ضبط عجلة حمل مُعدة لتهريب محصول القمح بكمية تصل إلى “28 طنا” كانت في طريقها إلى محافظة بابل.
وقال رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية، حسن نصيف التميمي، إن عمليات التهريب موجودة بشكل كبير جدًا. عبر مدن كوردستان إلى المحافظات الوسطى والجنوبية. في ظل عدم ضبط المنافذ الحدودية في الجنوب.
وأضاف أن الفارق خسارة كبيرة جدًا، والكل يعلم بأن أسعار القمح ارتفعت هذا العام عالميًا بشكل كبير نتيجة الحرب الأوكرانية. فالخسائر كبيرة جدًا على الفلاحين ومردوداتهم.
وأشار، إلى “عدم إمكانية إعطاء رقم محدد للخسائر، لكن يمكننا أن نقيس من خلال تدني الإنتاج لهذا العام بسبب نقص إطلاقات المياه من دول الجوار والنقص الحاصل في المساحات الزراعية مقابل زيادة المساحات الصحراوية”.
وسبق وأن أكدت لجنة الزراعة النيابية، أن الزراعة في العراق أطلق عليها رصاصة الرحمة منذ عام 2003 من خلال تدمير مقوماتها.
وقال عضو لجنة الزراعة النيابية ثائر مخيف، إن الزراعة الناجحة تعتمد على الأرض الخصبة والمياه والآلات الزراعية الحديثة والأسمدة، وإن هذه المقومات ضربت في العراق وبعناية.
وأكد مخيف أن من أكثر المشكلات التي تعاني منها الزراعة في العراق هي مسألة انحسار المياه، لافتًا إلى أن نسبة الإطلاقات في نهر الفرات بلغت 20 بالمائة فقط وهذه النسبة تم إطلاقها من تركيا لغرض توليد الطاقة الكهربائية.
وبين أن التوجه الحالي للبرلمان هو تشريع قانون يجرم من يتعاقد بصفقات تجارية مع إيران لحين استرداد حقوق العراق المائية.
وعزا تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية فقدان العراق الى مواصفاته التاريخية كدولة زراعية منتجة، إلى الإهمال الحكومي الطويل.
وذكر التقرير ان “الحكومة العراقية عاجزة عن حل قضايا تم إهمالها منذ فترة طويلة، وتم إلقاء اللوم على التصحر كعامل وراء موجة العواصف الرملية التي ضربت العراق هذا العام بلا هوادة”.
وأقرت لجنة الزراعة والمياه النيابية بأن قطاع الزراعة في العراق يعاني من الانهيار بسبب قلة الإطلاقات المائية وعدم دعم الفلاحين من قبل الحكومة ما أدى الى هجرة واسعة للفلاحيين من الريف الى المدينة.
وأوضحت اللجنة أن 65 بالمائة من العراقيين يعتمدون على القطاع الزراعي او القطاعات المرتبطة به، وبالتالي فإن حدوث أي انتكاسة في الزراعة سوف يؤدي إلى اضطراب كبير في الوضع الاقتصادي للسوق المحلي والأضرار بالقوة الشرائية، داعيًا الحكومة إلى وضع خطط استراتيجية حقيقية للنهوض بالقطاع الزراعي
وعد ارتفاع أسعار القمح في جميع أنحاء العالم، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، يقول المزارعون العراقيون إنهم يدفعون ثمن قرار الحكومة بقطع الري عن المناطق الزراعية بنسبة 50 بالمائة.
ويعاني العراق من شح شديد في المياه، ناجم عن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وتغير المناخ وسحب المياه المستمر من قبل البلدان إيران وتركيا من نهري دجلة والفرات، ما تسبب في ضعف شديد بإنتاج القمح.
ويعتمد العراق على نهري دجلة والفرات في تلبية جميع احتياجاته المائية تقريبا، وينبغ كلاهما من تركيا وإيران اللتين قامتا ببناء سدود أدت إلى سد أو تحويل المياه، ما تسبب في نقص كبير في العراق.
وكشف وزير الموارد المائية، مهدي رشيد، لأسوشيتد برس، أن منسوب النهرين أقل بنسبة 60 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
وتؤثر تلك التداعيات على المزارع، صلاح شيلاب، الذي يعاني من تداعيات نقص المياه.
ويمتلك شيلاب 40 دونما من الأراضي الزراعية، لكنه لم يتمكن من ري ربعها بعد أن فرضت وزارة الزراعة حصصا محددة خلال موسم الزراعة، حسبما يقول.
ويخشى شيلاب من بوار باقي الأرض بسبب عدم الري، وتعني قلة المياه حجما أصغر لحبة القمح وغلة محصول أقل.
وفي عام 2021، أنتج شيلاب 30 ألف طن من القمح، وفي العام الذي سبق ذلك أنتج 32 ألف طن، كما تظهر إيصالات صوامع وزارة التجارة، لكنه لا يتوقع هذا العام أكثر من 10 آلاف طن.
وتروى محاصيله بمياه الأمطار، كما تروى عبر قناة تم تحويلها من نهر الفرات، وقال إنه بسبب انخفاض مستويات هطول الأمطار، فقد اضطر إلى الاعتماد على مياه النهر خلال موسم النمو.
لكن المسؤولين الحكوميين قالوا إن التغيير ضروري، لأن النظام الحالي غير فعال وغير مستدام لعقود.
وأكدوا أن ندرة المياه لا تترك لهم أي خيار “سوى الضغط لتحديث تقنيات الزراعة القديمة والمهدرة”.
ولطالما اعتمد المزارعون العراقيون تاريخيا على الدولة في إنتاج الغذاء، وهو اعتماد قال صناع القرار والخبراء إنه يستنزف الأموال الحكومية.
ويتم توفير المياه المحولة من الأنهار للري دون أي تكلفة، وتقوم وزارة التجارة بعد ذلك بتخزين أو شراء المنتجات من المزارعين وتوزيعها على الأسواق.
ويعد القمح محصول استراتيجي رئيسي، حيث يمثل 70 بالمائة من إجمالي إنتاج الحبوب في البلاد.
وتبدأ الزراعة في أكتوبر من كل عام، ويبدأ الحصاد عادة في أبريل ويمتد حتى يونيو في بعض المناطق.
وخلال العام الماضي، خفضت وزارة الزراعة، دعمها للأسمدة والبذور والمبيدات، وهي خطوة أثارت غضب المزارعين.
ويتراوح الطلب المحلي على القمح ما بين 5 إلى 6 ملايين طن سنويا، وتظهر غلة الحصاد أن الإنتاج المحلي آخذ في الانكماش مع مرور كل عام.
وفي عام 2021 أنتج العراق 4.2 مليون طن من القمح، بحسب وزارة الزراعة، لكن في عام 2020، كان الإنتاج 6.2 مليون طن.
وغيرت الحكومة مؤخرا سياستها للسماح لجميع المزارعين العراقيين ببيع منتجاتهم إلى صوامع وزارة التجارة، لتلبية المطالب وسط الأزمة العالمية الأخيرة في سوق الحبوب، وفي السابق كان هذا يقتصر على المزارعين الذين يعملون ضمن خطة الحكومة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى