أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

من المستفيد من تجارة الأدوية وتهديد حياة العراقيين؟

مراقبون: عمليات تهريب الأدوية في العراق ساهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعارها.

بغداد ــ الرافدين
منذ مايقرب من عقدين وتجارة الأدوية والمستلزمات الطبية في العراق، خاضعة لأحزاب العملية السياسية ولتجارها ومكاتبها الاقتصادية وميليشياتها، حتى صارت أدوية المرضى في العراق بضاعة تحدد أثمانها وأنواعها وتاثراتها،جهات ليس لها علاقة بالطب والتداوي والحرص على معرفة وتدقيق تأثيرات هذا الدواء أو ذاك..فصار المريض في العراق يخضع لمزاج تجار الدواء في تطبيب حاله وبأثمان يستطيع البعض دفعها ولا تستطيع الغالبية ذلك ،وغالبًا ما يكون هذا الدفع خارج الصيدليات وعلى أرصفة الطرقات.. فالدواء في العراق محكوم هو الآخر بمزاج قوى سياسية لا تعرف غير تحصيل المكاسب على حساب أرواح الناس.
حيث أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط 20 طنًا من الأدوية المهربة في بغداد، وأشارت الوزارة إلى أن عملية الضبط جاءت بعد ورود معلومات تفيد بوجود عجلات تحمل أدوية مهربة قادمة من شمالي البلاد.
ويذكر أن هذه العملية ليست الأولى من نوعها خلال هذا العام، حيث كشفت الوزارة عن أكثر من عملية ضبط لأطنان من الأدوية المهربة في مطلع العام الجاري وكان آخرها في شهر آذار الماضي، حيث ضبطت 9 أطنان من الأدوية في منطقة السعدون ببغداد لا تحمل أوراقًا ثبوتية وغير خاضعة للفحص والرقابة.
وتعد عملية تهريب الأدوية سبب رئيس في ارتفاع أسعارها مما يفاقم معاناة المواطن العراقي، بالوقت الذي تشهد فيه المستشفيات الحكومية نقصًا حادًا بالأدوية وتحمل المراجعين كلفة شرائها من الصيدليات الخارجية بمبالغ باهضة.
ويؤكد مسؤول في وزارة الصحة فضل عدم الكشف عن اسمه، أن هناك عمليات تسريب للأدوية من المستشفيات الحكومية إلى باعة الأرصفة ليتم شراؤها بأسعار أقل من الصيدليات وبدون وصفة طبية.
وأضاف المسؤول أن هذه الأدوية لا تخضع لشروط الحفظ أو التبريد، لذا تتلف بسرعة، كما أن أصحابها يزيلون تاريخ الصلاحية عند انتهاء مدتها.
وحذرت نقابة الأطباء العراقية من خطورة عدم السيطرة على المتاجرة بالأدوية. وقال عضو النقابة أحمد الفلاحي لصحيفة “العربي الجديد”، إن خطة ملاحقة مافيات متاجرة وتهريب الأدوية يجب أن تكون صارمة وطويلة الأمد، وأن هذا الملف خطير ويهدد حياة المواطنين ويتسبب بزيادة أسعار الأدوية في البلاد.
وقال النائب عامر الفايز إن ملف المتاجرة بالأدوية في العراق أصبح خطيرًا للغاية ويحتاج إلى معالجات سريعة.
وأضاف الفايز، أن هذا الملف تسيطر عليه مافيات تتحكم باستيراد الأدوية وتقوم بتوزيعها على أصحاب المذاخر والصيدليات مستغلة غياب المتابعة من قبل الجهات الحكومية مما أتاح لها فرصة التحكم بالأسعار كما تريد دون أي مراعاة للمواطن.
وكشفت مصادر صحفية، أن شبكات تجارة الأدوية المتهمة بالتهريب تسيطر على 70 بالمائة من الأسواق العراقية، في ظل ضعف لجان الرقابة على القطاع الصحي وعجز الحكومة عن ضبط المنافذ الحدودية وإنهاء عمليات التهريب.
وأوضحت المصادر، أن الأدوية والمستلزمات الطبية غير المرخصة والموافقة لمعايير الاستخدام البشري، أو منتهية الصلاحية تخلف وفيات وضحايا.
وأشارت المصادر إلى أن قطاع الأدوية في العراق يشهد حالة من الفوضى العارمة بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، الأمر الذي أسهم في انتعاش هذا النوع من التجارة داخل العراق، بعد أن كانت عمليات استيراد الدواء تمر بمراحل علمیة رصینة وفقًا للمعاییر الدولیة.
ويعاني المرضى في العراق من شح العلاج داخل المستشفيات الحكومية، وعدم قدرتهم المادية على شراء الدواء والمستلزمات الطبية الأخرى من الخارج.
وقال رئيس جمعية مرضى اللوكيميا في العراق محمد كاظم جعفر، إن مرضى سرطان الدم يواجهون الموت البطيء جراء شحة الأدوية، محذرًا من خطر محدق قد يطال المرضى.
وأشار جعفر إلى أن مرضى سرطان الدم يخوضون صراعات مع جبهات متعددة نتيجة غلاء الأسعار، داعيًا وزارة الصحة إلى الاسراع بتوفير الأدوية.

شح الأدوية يفاقم معاناة المرضى

وأكدت نقابة الصيادلة، أن العراق يعد من الدول القليلة في العالم التي يضطر فيها المريض لدفع ثمن علاجه بجميع تفاصيله، من الكشف حتى شراء الدواء.
وقال المتحدث الرسمي باسم النقابة محمد شيخان، إن أغلب البلدان تعتمد نظام الضمان الصحي لعلاج مرضاها، إلا أن العراق لا يزال متأخرًا جدًا في هذا المجال من جراء تفشي الفساد المالي والإداري في القطاع الصحي.
وقال أخصائي طب الطوارئ الدكتورعرفان يونس الشمّري في مداخلة لقناة الرافدين، إن الفساد المستشري في وزارة الصحة أدى إلى تفاقم معاناة المرضى وحرمانهم من العلاج.
وأضاف الشمري، أن المواطن العراقي يقع ضحية المستشفيات الأهلية التابعة لجهات متنفذة التي تتعمد تدمير القطاع الصحي في البلاد.
وعزى الشمري سبب سفر المرضى إلى خارج البلاد لتلقي العلاج نتيجة فقدانهم الثقة بالقطاع الصحي في العراق.
ويرى مراقبون أن الميزانية المخصصة لوزارة الصحة لعام 2021 لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية بلغت أكثر من تريليون دينار وفقًا للجنة الصحة النيابية إلا أن المواطن لم يلحظ أي تحسن ملموس في قطاع الصحة على أرض الواقع.
ولفت المراقبون أن الإهمال الحكومي لصناعة الأدوية في العراق أدى إلى إغراق السوق بالدواء الإيراني المستورد على حساب المنتج المحلي، حيث تعاني شركة الأدوية العامة في سامراء من نقص في مواد التصنيع الأولية، بسبب غياب الدعم الحكومي والتدمير الممنهج من قبل مافيات تجارة الأدوية.
وأكد المراقبون أن عمليات تهريب الأدوية، تقوم بها شخصيات سياسية متنفذة وميليشيات بهدف الحصول على مكاسب مالية، مستغلة ضعف الرقابة وغياب القانون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى