أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

توقف حركة الاستيراد والتصدير بسبب الإضراب المفتوح للموظفين في لبنان

مرفأ بيروت يخسر بين 100 و150 ألف دولار يوميًا جراء الإضراب.

بيروت_ للأسبوع الخامس على التوالي تعاني المؤسسات الحكومية في لبنان حالة شلل تامّ، بسبب الإضراب الذي ينفذه موظفو الإدارة العامة.
ومنذ 13 حزيران الماضي، ينفذ حوالي 30 ألف موظف إضرابًا مفتوحًا للمطالبة بتصحيح رواتب القطاع العام وزيادة قيمة التقديمات الاجتماعية.
يبلغ عدد موظفي القطاع العام حوالي 300 ألف موزّعين على الوزارات والمستشفيات الحكومية والجامعة اللبنانية والمؤسسات العسكرية والأمنية.
وزاد الإضراب من الضغوطات الاقتصادية، بعدما تعطلت آلاف المعاملات التي يحتاجها الأفراد والشركات، إضافة إلى توقف حركة الاستيراد والتصدير.
يأتي ذلك مع استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد وتسبّبها بتآكل أكثر من 90 بالمئة من رواتب الموظفين.
ويرجع ذلك إلى الهبوط القياسيّ الذي سجّلته العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار في العامين الأخيرين، وارتفاع كلفة النقل بسبب غلاء المحروقات.
وقال نائب رئيس رابطة “موظفي الإدارة العامة” وليد جعجع، إنهم يطالبون بتعديل الرواتب بما يؤمّن الحدّ الأدنى من العيش، كالطعام والطبابة.
ويبلغ المعدّل الوسطي لرواتب الموظفين في القطاع العام 1.5 مليون ليرة، وهو ما كانت قيمته تعادل 1000 دولار حتى منتصف 2019، حيث كان سعره الرسمي مثبتاً عند 1500 ليرة.
ونتيجة هبوطٍ قياسي في قيمتها، أصبح المعدّل الوسطي للرواتب يساوي 52 دولاراً، حيث بات سعر صرف الدولار الواحد يلامس الـ30 ألف ليرة في السوق الموازية.
ونظراً للتضخم الحاصل وانهيار القدرة الشرائية، يطالب الموظفون بزيادة رواتبهم بمقدار 5 أمثال على الأقل، من خلال احتسابها على أساس سعر الصرف 8000 آلاف ليرة مقابل الدولار، وهو السعر الذي حدّده المركزي اللبناني للدولار في المصارف.
تحدث جعجع عن طرح قدّمته الحكومة لمضاعفة الرواتب، إلا أن رابطة الموظفين رفضته على اعتبار أنه لا يكفي ثمن كلفة النقل اليومي.
وأشار إلى أن تحسين الرواتب يجب أن يكون متماشيًا مع حجم تراجع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار وارتفاع أسعار المحروقات.
وخلال عام واحد، زادت كلفة النقل في البلاد بنحو 14 ضعفًا مع ارتفاع أسعار المحروقات بشكل غير مسبوق، إثر قرار الحكومة والبنك المركزي رفع الدعم عن استيرادها.
وقبيل الأزمة، كان سعر صفيحة البنزين (20 لتراً) يبلغ 25 ألف ليرة، أما اليوم فيناهز 630 ألفا.
ومنذ أواخر 2019، يعاني لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه، أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.
وتقول الحكومة إنها تعاني من تراجع حاد في وارداتها وعجز في تأمين قيمة النفقات، لا سيّما أن موازنة 2022 لم تُقرّ بعد رغم إنجازها مطلع العام.
وطلب البرلمان من الحكومة إدخال تعديلات على الموازنة قبل الموافقة عليها، خصوصًا في ما يتعلق بتعرفة الرسوم الجمركية، لكن ذلك لم يتمّ بعد.
وقال وزير العمل مصطفى بيرم، إن الإضراب المفتوح أدى إلى شلل المؤسسات الحكومية وتسبب بخسائر مالية كبيرة جداً.
ولفت إلى أنه بحسب تقارير شركة “الدولية للمعلومات” (خاصة)، فإن كلفة الخسائر المباشرة يومياً تبلغ 12 مليار ليرة (حوالي 480 مليون دولار)، فضلاً عن الخسائر غير المباشرة.
وفضلاً عن الشلل في المؤسسات الحكومية والتأثير السلبي على إيرادات الدولة، يؤثر الإضراب أيضًا على القطاع الخاص والحركة التجارية.
وتشير تقديرات نقابية إلى خسائر تراوح قيمتها بين 100 و150 ألف دولار يوميًا، بسبب التأخير في تخليص معاملات البضائع العالقة في الحاويات داخل مرفأ بيروت، جرّاء الإضراب.
وأكد بيرم أن الحكومة ستطرح خريطة طريق إنقاذية لتأمين العدالة الاجتماعية للموظفين من جهة، ومراعاة الظروف المالية للدولة من جهة أخرى.
وقال إن الطريق الأنسب لذلك، هو منح زيادات تدريجية للرواتب وليس دفعة واحدة، وذلك من أجل تلافي مزيد من التضخم الاقتصادي وعدم تحميل الموازنة أعباء إضافية.
وتسبّبت الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف، بتراجع حادّ في احتياطيّ المصرف المركزي، ما أدّى إلى نقص بالنقد الأجنبي المخصّص للاستيراد.
وتخشى الحكومة التأثيرات السلبية لزيادة الرواتب على معدلات التضخم، حيث إن أي زيادة سوف تطول حوالي 300 ألف موظف في القطاع العام.
من جانبه، قال الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين، إن تكلفة رواتب موظفي القطاع العامّ تبلغ سنويًا 8 آلاف مليار ليرة (5.33 مليارات دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 1500 ليرة).
أما في حال زيادة الأجور بنحو 5 أمثال على الأقل، وهو ما يطالب به الموظفون كحدّ أدنى، فإن “التكلفة السنوية ستزيد على 42 ألف مليار ليرة سنويًا، ما سيتسبب بتضخم كبير”، بحسب شمس الدين.
في المقابل، يضيف شمس الدين أن “موظفي القطاع العام في حالة عجز عن تأمين حياة لائقة ومستقرة، ما دفع بالعديد منهم إلى ترك عملهم، إما للهجرة خارج البلاد أو بحثًا عن عمل آخر”.
هذا الواقع يزيد من الضغوطات على المؤسسات الحكومية التي تعاني صعوبات لوجستية بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتراجع أعمال الصيانة بسبب عدم توفر الأموال اللازمة لذلك.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى