أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

فشل وجمود يوصل العملية السياسية في العراق إلى طريق مسدود

احتجاجات المنطقة الخضراء بداية ثورة شعبية للإطاحة بالقوى والأحزاب والميليشيات الفاسدة.

بغداد – دخل العراق الأربعاء في أطول فترة جمود بعد انتخابات إذ حال الصراع الداخلي، داخل التكتلات الشيعية والكردية بالأساس، دون تشكيل حكومة مما يعطل إصلاحات مطلوبة في حين تجاهد البلاد للانتعاش بعد صراعات استمرت لعقود.
وبعد مضي أكثر من تسعة أشهر على إجراء انتخابات في تشرين الأول لم يقترب المشرعون المكلفون باختيار رئيس ورئيس وزراء فيما يبدو من الاتفاق على شيء، ليسجل العراق مدة قياسية تبلغ 290 يومًا دون رئيس أو حكومة.
وكانت أطول مدة سابقة في عام 2010 عندما مر 289 يومًا دون حكومة إلى أن تولى رئيس الوزراء نوري المالكي فترة ثانية في المنصب.
وتواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها تصريف الأعمال. وإذا لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة قد تستمر حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة.
وفي مؤشر على أن هذا الجمود لن ينكسر قريبًا بأي حال، اقتحم آلاف من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مبنى البرلمان الأربعاء وهم يرددون هتافات مناهضة لمنافسيه السياسيين في الإطار التنسيقي الذي يضم الأحزاب الولائية وذلك بعد أيام من تلميحهم إلى اتفاق بشأن رئيس وزراء محتمل.
وهذا الشلل السياسي ترك العراق دون موازنة عامة لعام 2022، فتوقف الإنفاق على مشروعات للبنية الأساسية مطلوبة بشدة وتعطلت الإصلاحات الاقتصادية.
ويقول العراقيون إن هذا الوضع يزيد نقص الخدمات والوظائف حتى مع تحقيق بغداد عائدات نفطية قياسية بسبب ارتفاع أسعار الخام ورغم أنها لم تشهد صراعات كبرى منذ هزيمة تنظيم داعش قبل خمس سنوات.
وقال محمد محمد، وهو موظف متقاعد بالقطاع العام عمره 68 عامًا ويقطن مدينة الناصرية الجنوبية “لا توجد حكومة فلا توجد موازنة، والشوارع مليئة بالحفر، والكهرباء والماء نادران، والرعاية الصحية والتعليم متداعيان”.
وكانت الظروف نفسها التي حكى عنها محمد قد أثارت احتجاجات حاشدة في بغداد وجنوب العراق في 2019.
حينها طالب المتظاهرون برحيل الأحزاب التي كانت في السلطة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 واتهموها بالفساد الذي حال دون تقدم العراق. وقتلت قوات الأمن ورجال فصائل مسلحة مئات المتظاهرين وتوقفت الاحتجاجات تدريجيًا في 2020.
وتولى الكاظمي المسؤولية كمرشح توافقي إثر الاحتجاجات ووعد بمعاقبة قتلة المتظاهرين، من دون أن يفي، وبانتخابات مبكرة أجراها في العاشر من تشرين الأول.
وفقد أغلب من خرجوا في مظاهرات في السابق الأمل في التغيير.
وقال علي الخيالي، وهو ناشط مناهض للحكومة شارك في المظاهرات “ستتشكل الحكومة، أيًا كانت، من أفراد وأحزاب شاركت في قتل أصدقائنا”.
وعادة ما يستغرق تشكيل حكومة في العراق شهورًا ويستلزم كسب تأييد جميع الأحزاب السياسية الرئيسية.
ومنذ احتلال العراق عام 2003 تحتفظ الأحزاب الطائفية بمنصب رئيس الوزراء ويتولى الأكراد رئاسة البلاد والسنة رئاسة البرلمان. في محاصصة طائفية شرعها الاحتلال الأمريكي.
وأطال تزايد الانقسامات بين هذه الكتل أمد عملية تشكيل الحكومة بشدة هذه المرة.
وسحب الصدر، الفائز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات تشرين الأول، نوابه البالغ عددهم 74 نائبًا من البرلمان الشهر الماضي بعدما فشل في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة وأغلبهم مدعوم من إيران ولديه أجنحة مسلحة تسليحًا كثيفًا.
وبهذا الانسحاب ترك الصدر عشرات من هذه المقاعد لمنافسيه، لكنه أشار إلى أنه لن يقف صامتًا هو وفصيله وقاعدته الشعبية التي تضم الملايين إن هم حاولوا تشكيل حكومة لا يوافق عليها.
وهدم بضع مئات من أنصار الصدر حاجزًا خرسانيًا ودخلوا المنطقة الخضراء التي تضم مباني حكومية الأربعاء، قبل أن يقتحموا البرلمان.
وحال الصدر فعليًا هذا الشهر دون ترشيح منافسه اللدود نوري المالكي متهمًا رئيس الوزراء الأسبق بالفساد في تغريدة على تويتر.
وطرح منافسو الصدر مرشحًا آخر هو محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء لكن الصدر قد يعارض ترشحه كذلك لأنه من حلفاء المالكي.
وقال عضو في حزب الصدر السياسي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بإعطاء تصريحات للإعلام “السوداني مجرد ظل للمالكي”.
وقال الشيخ صفاء البغدادي، وهو معلم ديني، قبل قليل من اقتحام المتظاهرين البرلمان “سنتظاهر إلى أن يرحل الساسة والجماعات الفاسدة المدعومة من إيران”.
ورأت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة الخضراء في بغداد هي بمثابة تحذير من توترات أكبر في حال تشكلت حكومة برئاسة محمد شياع السوداني الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مساعد لنوري المالكي، الحليف المقرب من طهران والخصم الشرس لمقتدى الصدر.
وقال كيرك سويل، المحلل في شركة Utica Risk Services، المتخصصة في إدارة المخاطر السياسية على الشرق الأوسط، إن الاحتجاجات “تبدو أشبه بإطلاق نار تحذيري من أن الصدر لا يوافق” على السوداني.
وأضاف لم يكن هناك ما يشير إلى أن المحتجين هددوا سفارة الولايات المتحدة أو سفارات دول أخرى تقع في المنطقة الخضراء.
من ناحية أخرى، تحول الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسية التي تدير منطقة كردستان في شمال العراق دون اختيار رئيس للبلاد، وهو منصب يتيح لصاحبه فور موافقة البرلمان عليه أن يعين رئيسًا للوزراء.
ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني الرئاسة منذ 2003.
أما منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصل على العدد الأكبر من أصوات الأكراد بفارق كبير، فيتمسك بمرشحه للرئاسة. ولا يبدو أن أي طرف على استعداد للتزحزح عن موقفه.
وقال شيروان الدوبرداني النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني “لم نتمكن من الاتفاق بعد، منصب الرئيس يجب ألا يظل في قبضة حزب واحد أبد الدهر”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى