أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أين ذهبت عائدات العراق النفطية التي تخطت التريليون ونصف التريليون دولار؟

مراقبون: إهدار وسرقة المال العام حوَّل العراق إلى بلد فقير يعاني أزمات اقتصادية خانقة.

بغداد ـ الرافدين

يشهد العراق منذ عام 2003 أزمة معيشية نتيجة الظروف الاقتصادية التي انعكست على الحياة المعيشية للمواطن وزيادة نسبة الفقر  والبطالة.
وبلغ تفاقم المشاكل والأزمات الحياتية المعيشية حدًا يعجز البعض عن تأمين قوت يومه، من جراء الفشل الحكومي في إيجاد حلول عملية وواقعية للأزمة الاقتصادية والاكتفاء بإطلاق الوعود والشعارات والدعايات الإعلامية غير المجدية على الرغم من إيرادات النفط المالية الهائلة.
حيث بلغت إيرادات صادرات النفط العراقي، خلال شهر حزيران، نحو 11.505 مليار دولار، وبلغ إجمالي كمية الصادرات من النفط الخام للشهر ذاته أكثر من 101 مليون برميل بحسب وزارة النفط الحالية، إلا أن هذه المبالغ المالية الهائلة لم تخفف من حدة الفقر نتيجة الفساد الحكومي وغياب الخطط الاستثمارية.
وقال الباحث في الشأن الاقتصادي حمزة الحردان لصحيفة العربي الجديد، إن فرصة ارتفاع أسعار النفط تأتي للعراق مرة أخرى بعدما شهد العالم ارتفاعًا لأسعار النفط قبل عشر سنوات تقريبًا، ولم تستفد البلاد منه بشكل حقيقي، معتمدًا على اقتصاده الريعي في سد نفقاته التشغيلية والاستثمارية.
وأضاف الحردان، أن هذه الزيادة في أسعار النفط يمكن أن تستمر، ما قد ينعكس بشكل إيجابي لتكون هناك نقطة تحول في الاقتصاد العراقي، من خلال الاستثمار الصحيح والسليم، وإقامة مشاريع مساندة للموازنة العراقية وعدم الاعتماد الكامل على القطاع النفطي.
وأوضح الحردان، أن على الحكومة العراقية استثمار الفرص لتطوير القطاعات الاقتصادية والمنشآت الصناعية والزراعية، واستحداث مشاريع يمكن أن تكون رافدًا أساسيًا لتحويل الاقتصاد الوطني من ريعي إلى متنوع.
كما قال عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، إن من السابق لأوانه القول إن العراق قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، لأنه بلد ريعي يعتمد على إيرادات النفط، وأي تقلبات تحدث في بلدان العالم تساهم بإحداث شلل كبير في الاقتصاد المحلي، الذي يعتبر من الاقتصادات الهشة.
وأضاف كوجر، أن الحكومة تفتقر لدراسات اقتصادية متكاملة، وتأثيرات التضخم العالمي ستكون انعكاساتها كبيرة على الاقتصاد العراقي، لأن البلد يعتمد بالأساس على استيراد السلع والخدمات من الخارج ولا يوجد إنتاج محلي، أي أن السوق العراقية تتأثر سلبًا بكل حالة تضخم تشهدها دول المنطقة والعالم.
وأشار كوجر، إلى أن الحكومة عليها الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، وتخصص الفائض الحاصل لدعم الجانب الاستثماري، لأن الدولة ما زالت تصرف 75 بالمائة من موازنتها للجانب التشغيلي ونفقات ورواتب، وجميع هذه النفقات لا يوجد فيها مردود مالي.
وقال المستشار المالي للحكومة مظهر محمد صالح، “للأسف لم تستطع الموازنات الاستثمارية على مدى عقدين من الزمن تنفيذ أهدافها المادية والمالية بأكثر من 28 بالمائة سنويًا ؜لأفضل القطاعات المنتجة وقطاعات البنية التحتية باستثناء قطاع الاستخراج النفطي الذي ارتبط بجولات التراخيص وعقود الخدمة التي تسدد أثمانها بالنفط الخام مباشرة”.

إيرادات النفط لم تخرج العراقيين من دائرة الفقر

وذكر موقع ميدل إيست مونيتور، أن الشعب العراقي في حاجة ماسة إلى تحسين ظروفه المعيشية السيئة في وقت ما زالت الكتل السياسية تتصارع على المناصب.
وأوضح الموقع أن البلاد تشهد أزمة اقتصادية متفاقمة نتيجة فشل القوى السياسية في تحقيق الإصلاح حيث أصبح العراق من أكثر دول العالم فسادًا بحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية.
ويرى الكاتب ناجي الغزي، أنه يفترض بالحكومة أن توظف الأموال الناتجة من ارتفاع أسعار النفط في مقاصد التنمية الاقتصادية وتعزيز إيرادات الدولة من خلال تطوير القطاعات الإنتاجية مثل القطاع الزراعي والصناعي والسياحي.
وأضاف الغزي، “لا يمكن استغلال الإيرادات النفطية من دون إيجاد رؤية اقتصادية أو خطة مالية يتم من خلالها توظيف العوائد المالية الكبيرة بمشاريع استراتيجية مربحة تقي البلاد أي أزمة اقتصادية مقبلة، لكون هذه الوفرة المالية وارتفاع أسعار النفط قد لا تتكرران مرة أخرى”.
وقال رئيس مركز التفكير السياسي في العراق إحسان الشمري، إن السبب الرئيس لإهدار أموال الدولة وضياعها هو صراع الأحزاب على المناصب، فهناك من ينظر إلى الدولة بكل مؤسساتها وهيئاتها على أنها جزء من احتكارات سياسية، يعملون من خلالها على تمويل أحزابهم وزعاماتهم، بل وتمويل الدول والميليشيات والجهات الخارجية التي تدعمهم، ولذلك فإن السلطة التنفيذية توظف للنفوذ والشريان المالي لهذه القوى.
وأضاف الشمري، أن نظام المحاصصة بدد ثروات العراق منذ العام 2003 وحتى الآن.
ويرى مراقبون، أن العراق لم يشهد منذ تأسيسه ثراءًا مثل الثراء الحالي المتحقق من جراء زيادة أسعار النفط الذي فاق التريليون ونصف التريليون دولار، لكنه لم يشهد أيضًا إهدارًا وسرقات للمال العام كما هو جارٍ منذ العام 2003.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى