أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مرجعية النجف لن تسمح للتيار والإطار التفريط بحكم الطائفة

الدكتور رافع الفلاحي: صمت السيستاني هو كلام مفهوم عند كل الأطراف المتنافسة، وعليهم واجب التنفيذ والطاعة.

بغداد- الرافدين
قال مصدر مطلع في محافظة النجف، ان صمت المرجعية الظاهري على ما يحدث من تنافس بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، لا يعني أنها ستسمح في النهاية التراجع عن “حكم الطائفة للعراق”.
وأضاف المصدر المطلع على خفايا دور المرجعية في العملية السياسية “إن مقتدى الصدر ونوري المالكي، يعرفان حدودهما عندما يتعلق الأمر بالثوابت التي حددها المرجع علي السيستاني لهما، وأنه عندما يسمح لهما بالخلاف على توزيع الحصص، فأنه في النهاية يضع الخطوط الحمر أمام تجاوز حكم الطائفة للعراق ومنع التفريط به”.
ومع أن مرجعية السيستاني تظهر عزوفها عن الدخول في العملية السياسية، إلا انها كانت حاضرة دائما حين يحتاج سياسيو تلك العملية إلى دعم.
ويجمع مراقبون على أن المرجعية التي لعبت دورا خطيرا في تطبيع أحوال الدولة الفاسدة بذريعة الدفاع عن المذهب، لا يمكن أن تتراجع عن موقفها الذي يمكن تلخيصه بجملة “شيعي فاسد يحكم أفضل من سني نزيه يُشك في ولائه لآل البيت”، وهو موقف تضفي المرجعية على مكنونه الطائفي صبغة الحق التاريخي.
وذكرّ المصدر المطلع بتصريح ممثل المرجعية عبد الهادي الكربلائي مع انطلاق ثورة تشرين عام 2019. عندما حذر الأحزاب الحاكمة من “زوال حكم الطائفة وانتقاله الى آخرين”.
وقال المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” ان تصريح الكربلائي يعبر بوضوح عن موقف المرجعية الثابت من العملية السياسية ومنع التفريط بحكم الطائفة ودعم صعود وجوه جديدة بدل الوجوه الفاسدة والفاشلة، على أن تضع في اعتبارها أن الولاء للطائفة فوق أي اعتبار آخر.
وجاء تصريح المصدر المطلع إثر نقل وكالة آسيوشيتد برس عن ثلاثة مسؤولين مقربين من السيستاني بمدينة النجف أن المرجع لم يستخدم نفوذه حتى الآن؛ لأنه لا يريد أن يبدو متحيزاً إلى جانب واحد.
ونقلت الوكالة في تقرير كتبته سامية كلاب وقاسم عبد الزهرة من محافظة النجف، عن ثلاثة من رجال مدرسة السيستاني تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم بسبب عدم امتلاك صلاحية التصريح، “إن المرجعية تراقب الوضع بقلق”.
وقال أحد المتحدثين ان السيستاني “لن يتدخل في الوقت الحاضر، فقد يُنظر إلى دخوله على أنه يميل لطرف على الآخر”.
وذكرت الوكالة أن “السيستاني نادرا ما يتدخل في الشؤون السياسية، ولكن عندما يتدخل فقد يغيّر مسار السياسة العراقية”.
واستشهدت بتدخله عام 2019 حيث أدت خطبته إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي من رئاسة الوزراء إثر ثورة تشرين التي قادها ملايين العراقيين الرافضين للعملية السياسية وفساد الأحزاب الحاكمة.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في النجف أن “المرجع الأعلى سئم من الديناميكيات السياسية العراقية الحالية، ولم يستأنف خطبه المعتادة يوم الجمعة التي تم تعليقها أثناء تفشي الوباء، ولا تزال أبوابه مغلقة في وجه النخب السياسية في العراق، في إشارة إلى أنه لا يوافق عليها”.
وابلغ المسؤولون في مدرسة السيستاني الوكالة بأن “لدى السيستاني خطوطا حمر، إذا تم تجاوزها، فإنها ستجبره على التدخل، وتشمل إراقة الدماء ومحاولات تقويض ما يُنظر إليه على أنه أسس ديمقراطية في العراق”.
وقال أحد المسؤولين: “مقتدى يعرف هذه الخطوط الحمر ولن يتجاوزها”.
ولا يخفي مقتدى الصدر ضغينته للمرجعية ويحمل ثارا قديما لها بعد اتهامها لوالده محمد صادق الصدر أنه “مرجع حزب البعث” وأنها سهلت عملية مقتله في نهاية تسعينات القرن الماضي.
ويطالب أنصار التيار الصدري في احتجاجاتهم المستمرة في المنطقة الخضراء، المرجعية بالتدخل ودعم مطالبهم بحل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة.
ويحمل مراقبون سياسيون مرجعية النجف مسؤولية الحالة التي وصل إليها العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003
ويرون أن المرجعية لعبت دورا خطيرا في تدمير العراق وتمزيق وحدة نسيجه الاجتماعي. وهو ما استفاد منه السياسيون الطائفيون، فصاروا يزيّنون عمليات فسادهم بشعارات دينية ذات منحى طائفي مكشوف.
وقال الكاتب والباحث السياسي الدكتور رافع الفلاحي “لقد ثبت أن مصطلح المرجعية الصامتة الذي سبق لزعيم التيار الصدري أن استعمله في التعبير عن حالة التمرد على مرجعية النجف التي كان يراها وما يزال، ليست الاجدر منه أو من ال الصدر في تولي أمور البيت الشيعي، هي من المصطلحات التي يمكن النظر اليها من أكثر زاوية، وبالتالي فأن وصفها بالصامتة هو وصف غير دقيق، اذ ان صمتها ازاء أحداث ومواقف معينة هو جزء من سياسة المطالبة بأشياء يجب تنفيذها، عملا بالقول أن السكوت من ذهب”.
وشدد الفلاحي في تصريح لقناة “الرافدين على أن “الصمت عند مرجعية النجف هو كلام مفهوم عند كل أطراف البيت الشيعي، وهو أوامر واجبة التنفيذ والطاعة. ومن هنا فأن سكوت مرجعية النجف وعدم تدخلها لإيقاف المماحكات والمشاكسات التي جرت وتجري بين أطراف ما يسمى بالبيت الشيعي، هو جزء من ثقتها بأن كل هذه الأطراف لا يمكنها أن تتجاوز تلك الخطوط الحمر التي وضعتها المرجعية، على الأقل منذ عام احتلال العراق وحتى اليوم والتي بدأت بعدم التعرض لقوات الاحتلال الأمريكي وشملت الكثير من الفتاوى وفي مقدمتها عدم التفريط بوحدة ما يسمى بالبيت الشيعي وعدم ترك قبضتهم على الحكم في العراق تتراخى وبما يشجع الآخرين على العمل لأسقاطهم، والأمر هذا لا يمكن أن يسقط بوجود الفاسدين ومن لا يملكون الكفاءة في أدارة الدولة كونهم من اتباع البيت الشيعي، وتلك من الخطوط الحمر التي وضعتها مرجعية النجف الواجبة التنفيذ سواء كانت صامتة أو متحدثة”.
وقال الكاتب السياسي فاروق يوسف “حين رفعت المرجعية في النجف ممثلة بالسيد السيستاني يدها عن العملية السياسية، فإنها في الحقيقة أزاحت الستارة التي كانت تختبئ وراءها الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة وجرّتها إلى منطقة مكشوفة وجرّدتها من أشد أسلحتها مضاء على المستوى الشعبي”.
وأضاف “وهو ما يعني أن المرجعية كانت كل تلك السنين بمثابة ورقة توت، ما إن اختفت حتى ظهر السياسيون العراقيون عراة، دفعهم عجزهم عن الدفاع عن ماضيهم الملوّث بالفساد إلى أن يضحّي بعضهم بالبعض الآخر، بعد أن تبيّن لهم أن الإرادة الشعبية التي ضللتها المرجعية التي نطقت في ظل الاحتلال بعد أن صمتت دهورا صارت قادرة على الزج بهم في مناطق المساءلة الحرجة”.
وما فقده الشعب العراقي منذ احتلال بغداد في النصب والاحتيال باسم المرجعية لا يمكن تعويضه. وفق تعليق يوسف، غير أن من حق الشعب أن يفكّر بمستقبله. ذلك النوع من التفكير هو الذي يؤرّق السياسيين الذين سهّلت لهم المرجعية اللجوء إلى قوارب الماضي لينقلوا بها الشعب المسكين والحزين إلى أرض كربلاء. هناك حيث تأخذ الفجيعة مداها الأسطوري الكامل.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى