أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

صمت حكومي معيب أمام كارثة اندثار أهوار العراق

الخبير البيئي جاسم الأسدي: أهوار العراق تفقد نصف سنتمتر من منسوب المياه يوميًا وستجف بشكل كامل عام 2023.

بغداد – الرافدين
يواصل المدونون والناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي المطالبة بإنقاذ أهوار العراق من الجفاف الذي يضرب بقوة مساحات واسعة من المسطحات المائية التي عرفت عبر التاريخ بتنوع الحياة فيها.
وذكر المدونون أن مناطق الأهوار التي تعد من أهم المعالم السياحية والتاريخية، بدأت تنقرض تباعًا وتختفي ملامحها في ظل صمت حكومي مطبق.
وأكدوا أن “إرث العراق لم يسلم من الدمار مثل كل ما هو جميل في هذا البلد”.
وطالما حذر المدونون ونشطاء البيئة من جفاف الأنهر والأهوار في العراق، من دون أن يلاقوا أي اهتمام حكومي أو دولي لمواجهة هذه الكارثة البيئية.

إهمال حكومي ودولي للكارثة البيئية التي حلت بمناطق الأهوار

واختفت اليوم مساحات مائية واسعة جدًا من هور الحويزة الواقع على الحدود مع إيران، وهور الجبايش الذي يعدّ مقصدًا سياحيًا إلى الجنوب، وتحولت هذه المستنقعات أرضًا جافة متشققة خرجت بينها شجيرات صفراء.
والسبب هو الجفاف وغياب شبه تام للأمطار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لكن كذلك انخفاض مستوى المياه المتدفقة من الأنهار التي تنبع من دولتي الجوار إيران وتركيا، ما أرغم بغداد على تقنين استخدام احتياطاتها.
وفي ظل الانخفاض الحاد في مياه الأهوار، دقت منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (فاو) ناقوس الخطر، محذرة في تقرير نشر منتصف تموز من أن الأهوار “واحدة من أفقر المناطق في العراق وإحدى أكثر المناطق تضررًا من تغير المناخ ونقص المياه”.
وأشارت إلى “آثار كارثية على سبل عيش أكثر من ستة آلاف أسرة ريفية إذ إنها فقدت جواميسها التي تعد مصدر رزقهم الوحيد”.

الأهوار من الأكثر المناطق في العراق تضررًا بتغير المناخ ونقص المياه

وشدد ناشطون على أن “الأهوار جزء أساس من تاريخ هذه البلاد الممتد لآلاف السنين ووجودها يعني وجود العراق بكامل تفاصيله وترك الأهوار تواجه مصير الجفاف جريمة تمارس ضد التاريخ وليست مقتصرة هذه الجريمة على حياة الإنسان، بل تشمل أيضًا الثروة الحيوانية والنباتية”.
ولفت مغردون أن مئات العائلات من سكان مناطق الأهوار تركت مناطقها بعد أن خسرت مواشيها ومصدر رزقها، ومنذ أسابيع لا نسمع تعليقًا واحدًا من الجهات الحكومية حول الكارثة التي حلت على قاطني تلك المناطق.
ويحذر خبراء البيئة من الخطر المحدق بالأهوار فهو لا يقتصر على تدمير المعالم الطبيعية في العراق وإحداث إخلال بيّن بالتوازن البيئي لمساحات شاسعة، بل سيجبر الكثيرين على الهجرات الجماعية نحو مدن أخرى مما يؤدي إلى اندثار مجتمع الأهوار كما سيتسبب بضغوطات اقتصادية وخدمية كبيرة على المناطق المنتقل إليها.
وقال الخبير البيئي جاسم الأسدي “كان منسوب المياه في الأهوار قبل عام 2019 يبلغ أكثر 200 سنتمتر واليوم يبلغ 88 سنتمتر فقط”.
وأوضح الأسدي أن “الأهوار تفقد نصف سنتمتر يوميًا لذا نعتقد أنها ستجف بشكل كامل بحلول عام 2023”.
ويذكر أن مناطق الأهوار قد انضمت إلى لائحة التراث العالمي قبل نحو 6 سنوات، حينما صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” بإجماع أعضائها على ضمها.
واستغرب مراقبون من “الدور الأممي الهزيل في متابعة المناطق التي تضمها على لائحة التراث لليونسكو فهي لم تأبه لما يحدث في الأهوار”.
وأضافوا أن “الانضمام إلى لائحة التراث العالمي يعني بالدرجة الأساس أن هذه المنطقة من المعالم الطبيعية التراثية الواجب حمايتها، ولابد من تظافر الجهود العالمية في حمايتها”.
وأكدوا أن “المسؤولية الدولية ضعيفة للغاية ولا تذكر ولا توجد أي بوادر لإنهاء حالة العمى عما دار في الأهوار ولما ستؤول إليه الأمور، فمناطق الأهوار تشهد أسوأ سيناريو منذ 2003 ولم يرف أي جفن للمنظمات الدولية ولم تهتز ضمائرها”.
ويسعى اليوم كل أفراد المجتمع العراقي الحفاظ على مكانة الأهوار لوجود العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى إخراجها لائحة التراث العالمي عقب الإهمال الحكومي المتعمد الذي أوصلها لما هي عليه الآن، حيث لم تكترث بإيجاد حلول عاجلة لأزمة المياه بعد قطع إيران روافد الأنهر التي تمر في أراضيها وترك العراق أمام موجات الجفاف القاسية. وقال الطبيب البيطري وسام أسدي “الجفاف الناجم عن ندرة الأمطار وإهمال الحكومة أثر بشكل خطير على تربية الحيوانات”، لافتًا أن “فشل الحكومة في تنفيذ الخطط والمشاريع ترك أهالي الأهوار في مواجهة حياة مظلمة.

الجهات الحكومية لم تكترث لأزمة المياه وتركت سكان الأهوار يواجهون الحياة المظلمة

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا لنفوق عدد من الجواميس في قضاء الجبايش بمحافظة ذي قار بسبب انخفاض مناسيب المياه مما جعلها عرضة للتلوث وملاذًا آمنًا للأمراض الخطيرة لتجعل حياة الإنسان والحيوان والنبات على المحك.
ويشاهد مربو الحيوانات يوميًا موت مواشيهم وتلاشي زراعتهم بسبب الجفاف الذي حول المساحات الخضراء الشاسعة إلى بقع صحراوية، الامر الذي جعلهم في وسط الكارثة، من دون أن يكون بمقدورهم فعل أي شيء للمحافظة على مصادر رزقهم.
وقال أحد مربي المواشي إن “الثروة الحيوانية مصدر دخلنا الوحيد وهي على شفا حفرة الموت، بسبب الظروف التي نواجهها حيث فقد كل مزارع أعدادًا ليست بالقليلة من الجواميس وبتنا نعيش على كابوس فقدان الحياة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى