أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أويل برايس: الاختلاس والاحتيال وغسيل الأموال والتهريب “صناعة نفطية” في العراق

الكاتب الاقتصادي سايمون واتكينز: ثقافة الفساد الراسخة جعلت العراق ضمن أسوأ 10 بلدان في العالم.

لندن- الرافدين

أستبعد أشهر الكتاب المتخصصين بشؤون الطاقة، قدرة الحكومات في العراق على زيادة انتاج النفط، بسبب ثقافة الفساد الراسخة في السياسة العراقية منذ عام 2003.
وقال الكاتب الاقتصادي سايمون واتكينز، الذي سبق وأن عمل في فوركس لتداول العملات وألف خمسة كتب عن تداول المال والنفط والأسواق المالية “إن الأساس الذي يستند إليه العراق لتحقيق هذه الزيادات الهائلة في إنتاج النفط الخام موجود، لكن الفساد المستشري الذي ابتلي به قطاع النفط العراقي، منذ احتلال العراق في عام 2003، والفشل في بناء مشروع إمدادات مياه البحر المشتركة (CSSP) كان السبب في تأخر معدلات الإنتاج لهذه الدرجة”.
وكتب واتكينز في تقرير بموقع “أويل برايس” البريطاني المتخصص بشؤون النفط إن “ثقافة الفساد في العراق” مسؤولة، حيث يظهر العراق عادة ضمن أسوأ 10 بلدان من أصل 180 دولة لحجم ونطاق الفساد.
ونقل عن تقارير شفافية دولية أوردت أن “الاختلاس الواسع النطاق، وعمليات الاحتيال في المشتريات، وغسل الأموال، وتهريب النفط، والرشوة الواسعة النطاق قادت البلاد إلى أسفل تصنيفات الفساد الدولية، وغذت العنف السياسي وأعاقت بناء الدولة الفعال وتقديم الخدمات”.
ويقول واتكينز إن هذا قد يكون السبب الرئيسي وراء عدم المضي قدما في مشروع CSSP، ولكن إذا تمكن العراق من تخليص المشروع قدر الإمكان من العناصر الفاسدة، فيمكنه البدء في تحقيق الزيادات الهائلة في إنتاج النفط الخام التي يتصورها.
وسبق وان عبّر وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي عن أسفه أن يتحول العراق من مصدر للمنتجات النفطية منذ ثمانينات القرن الماضي الى مستورد لها وبميزانية ضخمة.
وكتب الجلبي الذي يعد أحد أهم خبراء النفط في الوطن العربي، تعليقا على بيان شركة تسويق النفط “سومو” أن قيمة المنتجات النفطية المستوردة لعام 2021 بلغت أكثر من 3 مليارات دولار. “بعد ان كان العراق مصدرا لعدة مشتقات نفطية بدءاً من عام 1983 ولغاية الاحتلال في 2003 بالرغم من ظروف الحرب العراقية الايرانية ثم الحصار الاقتصادي”.
وقال الجلبي الذي شغل حقيبة وزارة النفط بين عامي 1987 لغاية 1990 “حسب تقارير رسمية وبيانات وتصريحات مختلفة من وزارات التخطيط والنفط، فان حجم الاستيرادات السنوية وصلت في بعض السنين لأكثر من 5 مليارات دولار وبحساب تقريبي بافتراض معدل 4 مليارات سنويا فان مجموع الاستيرادات سيكون بحدود 75 مليار دولار”.
وأشار الوزير الأسبق الى فشل جميع الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في بناء مصافي جديدة أو تطور المصافي الحالية وايقاف استيرادات المشتقات النفطية.
وأعرب عن توقعه في ضوء الظرف الحالي للصناعة النفطية، استمرار الاستيراد لما لا يقل بحد أدني عن أربع سنوات قادمة، وستقترب فاتورة الاستيراد من حوالي 100 مليار دولار. مشيرا الى أن هذا المبلغ يعادل كلفة بناء حوالي عشرين مصفى”.
ويعد العراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة اوبك الا انه بنفس الوقت يستورد المشتقات النفطية من دول العالم لعدم قدرة المصافي العراقية بإنتاج الكميات المطلوبة من الاستهلاك المحلي.
وخلال السنوات العشر الماضية مثلت إيرادات النفط 99 بالمئة من إجمالي صادرات العراق و85 بالمئة من الموازنة العامة للبلاد ونحو 42 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لبيانات البنك الدولي.
ويستورد العراق مشتقات النفط من الوقود وغيرها، جراء ضعف البنية التحتية الخاصة بتكرير النفط نتيجة الفساد السياسي وانعدام الخطط الاستراتيجية لتطوير الصناعة النفطية وبناء المصافي، على الرغم من أن البلد يعد ثاني أكبر مصدّر للنفط الخام في منظمة “أوبك” بكمية تبلغ نحو 3.4 ملايين برميل يوميا.
وقال الجلبي “هذا الفشل للنظام السياسي الجديد لا يقل عن فشله في كافة القطاعات الاخرى مثل حرق الغاز وتوليد الكهرباء والزراعة والصناعة وبناء المدارس والمستشفيات”.
ويقوم قطاع النفط العراقي في أغلبه على عقود الخدمة الفنية بين شركة نفط البصرة المدعومة من الدولة والشركات الأجنبية التي تتقاضى التكاليف التي دفعتها زائد رسما عن كل برميل يتم استخراجه من الحقل الذي تطوره، في حين يحتفظ العراق بملكيته للموارد.
وعادة ما تفضل شركات النفط الكبرى الصفقات التي تسمح بالمشاركة في الأرباح بدلا من رسم محدد على البرميل.
ويمتلك العراق ما يقدر بنحو 145 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة، وتخطط البلاد لزيادة إنتاج النفط الخام إلى 8 ملايين برميل يوميا، ارتفاعا من نحو 4 ملايين برميل في الوقت الحالي.
ويمكن أن تضيف زيادة الإنتاج العراقي مقدارا مهما من النفط للسوق المتعطشة لهذا المنتج، لكن سايمون واتكينز، قال إن هناك عددا من العوامل، بما في ذلك قضايا الفساد، وضعف المجتمع المدني، وانعدام الأمن، ونقص الموارد، التي حالت دون تنفيذ العراق لاستراتيجياته للتنقيب عن النفط وإنتاجه.
ونقل تقرير موقع “أويل رايس” عن حميد يونس، النائب الأول لرئيس شركة النفط الوطنية العراقية، قوله إن البلاد تخطط لزيادة إنتاج النفط الخام إلى 8 ملايين برميل يوميا.
وقال المدير العام لشركة التنقيب عن النفط العراقية، علي جاسم، إن المرحلة المقبلة ستشهد “نشاطا ملحوظا” في قطاع الاستكشاف، بما في ذلك العمليات في الصحراء الغربية ومحافظة نينوى.
وبالنظر إلى التوازن الدقيق الحالي بين العرض والطلب في مصفوفة تسعير النفط العالمية، فإن العرض الجديد الكبير من شأنه أن يقطع شوطا ما في تخفيف الضرر الاقتصادي الذي يلحق بالعديد من البلدان من خلال تحمل ارتفاع أسعار النفط والغاز، في حال كانت الطموحات “واقعية”.
ويمتلك العراق نحو 18 في المئة من إجمالي احتياطيات الشرق الأوسط، وحوالي 9 في المئة من احتياطيات العالم، وهو خامس أكبر احتياطي في العالم، ومع ذلك، وفقا لوكالة الطاقة الدولية (IEA) في تقريرها لعام 2012 عن البلاد، فإن مدى موارد النفط العراقية القابلة للاستخراج في نهاية المطاف يخضع لدرجة كبيرة من “عدم اليقين”.
ويقول الكاتب إن الاحتياطيات قد تكون أكبر بكثير، حيث وضع تحليل وكالة الطاقة الدولية لعام 2012 مستوى موارد سوائل النفط الخام والغاز الطبيعي القابلة للاسترداد في نهاية المطاف في العراق عند حوالي 232 مليار برميل، لكن حتى نهاية عام 2011، لم يتم إنتاج سوى 35 مليار برميل من هذا الرقم، مقارنة بـ 23 في المائة للشرق الأوسط ككل، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
وأوضح واتكينز بقوله “أن يكون لديك مستويات ضخمة من الاحتياطيات والموارد القابلة للاسترداد شيء، ولكن حفرها وتصديرها هو شيء آخر تماما.”
وأضاف إنه من حيث القيمة المطلقة، فإن هذه الزيادة تصنف على أنها عائد ضعيف للغاية بالنسبة لموارد النفط الخام التي يمتلكها العراق، خاصة عند الأخذ في الاعتبار مدى سهولة استخراج نفطه.
ويمتلك النفط الخام في البلاد أقل تكلفة استخراج في العالم تبلغ 1-2 دولار أميركي للبرميل الواحد، متساويا مع كلف استخراج النفط الخام للمملكة السعودية وإيران.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى