أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الأزمة السياسية لم توقف دوران عجلة الفساد عن سرقة أموال العراقيين

الصحافي روبيرت وورث: أدار قادة الميليشيات والسياسيون عملية فساد كبرى يصعب مع استمرارها احتساب ما تم سرقته من العراق منذ عام 2003.

بغداد – الرافدين
أجبر الفشل المستمر للعملية السياسية في العراق، أحزاب السلطة والقوى المتنافسة على رمي الأوراق الضاغطة على طاولة الصراع، وبات كل طرف حريص على كشف ملفات الفساد للطرف الآخر.
وتم تبادل الاتهامات وعرض “الغسيل القذر” بين وزراء ومحافظين سابقين وحاليين بعد تسريب فيديو يظهر فيه وزير صناعة سابق يقسم بالولاء لرئيس كتلة حزبية ويتعهد بتنفيذ تعليماته في إدارة الوزارة.
ويرى مراقبون أن “التلويح بكشف ملفات الفساد حيلة جديدة لعقد صفقات أخرى الهدف منها تخبئة ما يوشك أن يظهر على السطح والظهور بمظهر المصلح الذي يسعى لخدمة وطنه وحمايته من أنياب الفاسدين”.
ونوه مراقبون إلى أن “ما يصدر من اعترافات من قبل لصوص الدولة في الوقت الضائع ما هو إلا محاولة زائفة للظهور بمظهر الإصلاح”.
وقالوا “إذا كانت المعلومات بمستوى قلب الموازين فلماذا التريث في عرضها؟”.
وتصاعد كشف الأوراق بعد أن تم تسريب تسجيلات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وفيديو لوزير الصناعة السابق صالح الجبوري يقسم بالامتثال والطاعة التامة لأوامر أحمد الجبوري “أبو مازن” رئيس حزب “تجمع الجماهير الوطنية”.
وقال الناشط علي فاضل الذي قام بالتسريبات “أبو مازن” أراد مبلغ 10 مليارات دينار لمشروع وهمي”.
وأضاف أن “أبو مازن” استلف من قيمة مشروع وهمي مبلغ 9 مليارات ونصف، وأبلغ القائمين على المشروع أن يتم بباقي المبلغ، وإلى الآن لم يتم وضع حجر الأساس للمشروع”.

أبو مازن يستلف مبلغ 9 مليارات دينار ونصف من مشروع وهمي

وفي ظل فضائح عمليات الفساد من قبل لصوص الدولة قال النائب السابق رحيم الدراجي إن “الفساد في العراق أصبح بلا حياء أو خجل، وعلى الرغم من كل الظروف المهددة للعملية السياسية إلا أن هذه الأحداث لم تثن أرباب الفساد عن سرقة الأموال”.
وأضاف الدراجي أن “إحدى الجهات أرادت توقيع عقد مع إحدى الوزارات في الحكومة الحالية حيث تم العقد بعد دفع صاحب العقد مبلغ 6 ملايين دولار و10 سيارات من نوع (جكسارة) للوزير لاستخداماته الشخصية”.
وأوضح أن “أحد مديري مكتب وزارة التربية أبلغني أن الأموال المتساقطة من جيوب الوزراء مكنتنا من بناء بناية أو بنايتين سكنيتين في أرقى المناطق”.
وكانت هيئة النزاهة قد أعلنت عن تنفيذ 45 عملية ضبط في بغداد والمحافظات.
وقالت الهيئة في بيان إن من بين ملفات الفساد المكتشفة تلاعب وسوء تنفيذ في مشروع مبنى الإدارة والجوازات في منفذ الشيب الحدودي في ميسان، لافتة إلى أن سوء التنفيذ والتلاعب في مواد البناء أدى إلى سقوط المبنى.
وفي محافظة التأميم كشفت الهيئة عن شبهات فساد في مشروع تبليط الشارع الواصل من جسر “سرجنار” إلى مدخل المُحافظة من جهة السليمانيَّة.
وأكدت إنها رصدت مخالفات في دائرة صحة النجف، أما في ذي قار فتمكنت من إيقاف صرف مبالغ 120 عقدًا؛ لوجود تلاعب وتزوير وخروقات في شعبة عقود الأشخاص في المحافظة.
وفي السياق ذاته أثار خبر إقالة مديرة التحقيق في هيئة النزاهة في كردستان العراق بعد سنة من توليها الوظيفة بسبب الفساد ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتساءل المعلق السياسي شاهو القره داغي إذا النزاهة فاسدة فأين الحل؟
وقال مدونون “إذا توفرت الأدلة الدامغة لابد من المحاسبة فالإقالة ليست الحل”.
وأكد آخرون على عدم وجود مؤسسة حقيقية قادرة على محاسبة الفاسدين لأن الإرادة الحزبية الفاسدة أقوى من سلطة القضاء والذي لم يسلم أيضًا من الفساد الممتزج معه في ظل حكومات ما بعد عام 2003.
وحلّ العراق في المرتبة 157 من أصل 180 دولة في ترتيب البلدان الأكثر فسادًا، بحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية للعام 2021.
وخلال تظاهرات ثورة تشرين في خريف 2019، اعتصم آلاف المتظاهرين في الشوارع على مدى أشهر للتنديد بسطوة الميليشيات الطائفية وتدهور الخدمات العامة وبطالة الشباب وكذلك الفساد المستشري وأوجهه المتعددة.
ويمكن اعتبار العراق درسًا ومثالًا واضحًا على سرقة الدولة وفق الصحافي روبيرت وورث في صحيفة نيويورك تايمز.
وكتب وورث في تقرير مطول “لقد أدار قادة الميليشيات والسياسيون عملية فساد كبرى يصعب مع استمرارها احتساب ما تم سرقته من العراق منذ عام 2003، فقد أبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني إلى خارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى”.
واعتبر معلق سياسي أن “نظام المحاصصة الطائفي مكن الأحزاب من فرض شخصيات هزيلة على المناصب التي اقتسموها من الكعكة ويتم التحكم بالمنصب وفق المصالح الشخصية”.

نجم القصاب: إدارة البلاد تتم بنفس طرق عصابات المافيا

وأضاف ” تقوم هذه الأحزاب بإجراءات احترازية تبعدهم عن الأضواء وذلك من خلال توقيع العاملين معهم على كمبيالات وصكوك واستقالات من دون تواريخ لتكون ورقة ضغط وتهديد إذا رفضت رغباتهم “.
ويرى المحلل السياسي نجم القصاب أن “إدارة البلاد من الأحزاب القائمة في العراق لا تختلف عن طرق عصابات المافيا، وجل الفضائح الأخيرة التي ظهرت تؤكد هذه الحقيقة”.
وأضاف أن “مقدرات البلد سلبت وأسهم هذا الأمر في هدر المال العام وغياب الخدمات وتراجع التعليم والصحة في البلاد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى