أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مقتدى الصدر يستمر في لعبة الباب الدوار الخاوية

مايكل روبين: الاعتقاد بأن مقتدى الصدر قد تغير مجرد هراء والتوهم بأنه يسعى إلى بناء عراق نزيه أو ليبرالي أو حتى محايد هو أيضا هراء.

بغداد- الرافدين
شدد مراقبون سياسيون على عدم أخذ مزاعم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بترك العملية السياسية، على محمل الاهتمام الجاد، معتبرين أن قواعد اللعبة التي وضع شروطها الاحتلال الأمريكي للعراق واستمرت بإدارتها إيران وأطراف إقليمه أخرى أكبر من الصدر نفسه.
وأشاروا في قراءات مختلفة الى مواقف الصدر السابقة التي تكررت بالانسحاب والمقاطعة، التي سرعات ما تتغير إلى التراجع، من أجل الحصول على مكاسب جديدة في العملية السياسية.

الدكتور مثنى حارث الضاري: اللعبة السياسية أكبر من مقتدى الصدر

وقال الدكتور مثنى حارث الضاري مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، إن مقتدى الصدر لن يترك العملية السياسية لأن اللعبة أكبر منه.
وأضاف الدكتور الضاري خلال لقاء مع قناة “الرافدين”، أن الصدر ركنٌ أساسي في الحكومة وجزء منها، وأن خصومه لن يسمحوا له بالانسحاب من العملية السياسية، بحسب ما تقتضي قواعد اللعبة السياسية التي بنيت على أساس المحاصصة الطائفية منذ الاحتلال وحتى الآن.
وأشار إلى أن مقتدى الصدر اتهم أنصاره بأنهم ميليشيات وقحة وأنه بقرار الانسحاب قدم تنازلات كبيرة ما كانت متوقعة ولا منتظرة.
وكان الدكتور الضاري قد استبعد حدوث فوضى كبيرة جراء ما شهدته العاصمة بغداد من احتجاجات لأنصار التيار الصدري، متوقعًا إعادة إنتاج مشهد جديد دون تغيير.
وصحت قراءة مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، إذا سرعان ما أمر الصدر اتباعه الانسحاب من المنطقة الخضراء خلال ساعة واحدة.

الدكتور رافع الفلاحي: الصراع كان ولايزال من أجل المكاسب والمناصب والسلطة

واتفق المحلل والكاتب السياسي الدكتور رافع الفلاحي، فيما ذهب إليه الدكتور مثنى حارث الضاري بالقول “ما يعرفه أهل العراق أن الحقيقة تكمن في أن الصراع كان ولايزال من أجل المكاسب والمناصب والسلطة، وإن ما حصل ويحصل هو حصاد لما زرعه الاحتلال الأمريكي للعراق منذ نحو عشرين سنة، يوم جعل المكونات أساسًا في بناء المجتمع العراقي وحكم العراق وجاء بصيغة الأكثرية والأقلية بأرقام لا أسانيد لها”.
وتساءل الفلاحي أين الفتنة من كل الذي حصل؟ والكل يعرف أن العراقيين الشيعة لم يعانوا من الضيم والأذى والقهر والفقر والأمراض والأمية والإهمال، مثلما عانوا على يد الأحزاب الشيعية التي ادعت منذ عام 2003 أنها جاءت لرفع المظلومية والحيف عنهم، ولعل قيام جماهير المحافظات الجنوبية بإحراق مقرات تلك الأحزاب ومقاطعتهم الانتخابات وحرق صور قادة الأحزاب ورموزهم خير دليل على رفض العراقيين للفكر الطائفي الذي يراد له أن يظل حاكمًا للعراق.
وأوضح الفلاحي في مقال تحليلي للمشهد العبثي الذي دار على مدار أسابيع في المنطقة الخضراء بين مناصري التيار الصدري وميليشيات الإطار التنسيقي “ما إن دقت الساعة 22 على بدأ تلك الأحداث، وإذا بمقتدى الصدر كما هو متوقع يدعو جماعته للانسحاب من المنطقة الخضراء وإنهاء القتال، ولم تمض مهلة الستين دقيقة التي أعطاها لأتباعه للانسحاب، إلا وكانت المنطقة الخضراء قد خلت تمامًا من كل أتباعه عائدين إلى بيوتهم، في رحلة سبق وأن عاشوا تفاصيلها المتكررة أكثر من مرة”.
ولا يمكن توقع موقف الصدر المعروف بتصريحاته وتحركاته المتقلبة. فقد دعا الثلاثاء أنصاره إلى الانسحاب من الشارع تماما، حتى من “الاعتصام أمام البرلمان” الذي كانوا بدأوه قبل أسابيع. وأوقف انسحابهم الاشتباكات، لكنه لم يأت بأي مبادرة للتفاوض. بل على العكس، ردّ على أسئلة الصحافيين حول ما سيحدث بأنه لن “يتكلّم في السياسة”.
لكن القيادي صالح محمد العراقي المعروف بقربه من الصدر، غرّد الأربعاء عبر حسابه على تويتر متهجما على الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية. داعيا إيران إلى أن “تكبح جماح بعيرها في العراق والا فلات حين مندم”.
ويمثل الإطار التنسيقي الواجهة السياسية للحشد الشعبي الذي يتعرّض ولاءه المطلق لإيران لانتقادات حادة من شريحة واسعة من العراقيين.
ورأى المحلل العراقي سجاد جياد أن “الدولة هي الخاسر الأكبر لأنها تراقب فقط فريقين مسلحين قويين يتقاتلان على السلطة”.
وكتب “إلى أن يتم إيجاد حلّ مناسب، من الممكن حدوث مزيد من الاحتجاجات والعنف”.
وقال مسؤول في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تحدث لوكالات أنباء دولية شريطة عدم الكشف عن هويته، إن السلطات ليست في وضع يسمح لها بفرض سيطرتها.
وأوضح المسؤول أن الحكومة لا حول لها ولا قوة لوقف الاشتباك لأن الجيش منقسم بين موالين لإيران وأتباع الصدر.
وقتل 30 شخصا وأصيب حوالي 600 من أنصار الصدر خلال المواجهات التي اندلعت الاثنين واستمرت قرابة 24 ساعة في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين والتي تضمّ مقار الحكومة وبعثات دبلوماسية، بين أنصار الصدر من جهة وعناصر من القوى الأمنية والحشد الشعبي من جهة ثانية.
ووقعت الاشتباكات إثر نزول عشرات الآلاف من أنصار الصدر الى الشارع للتعبير عن غضبهم بعد إعلان “انسحابه النهائي” من الحياة السياسية.
واقتحم عدد كبير من هؤلاء مقار رسمية في بغداد ومناطق أخرى، أبرزها القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء، وتواجهوا مع العناصر الأمنية وعناصر من الحشد الشعبي.

مايكل روبين: ما افتقر إليه الصدر في الفطنة والتقوى عوضه بالطموح والفساد

ومع تعدد القراءات السياسية لما سيصدر عن الصدر وتياره خلال الأسابيع الماضي قدم مايكل روبين الزميل في معهد أمريكان إنتربرايز، قراءة معمقة للمتابع الغربي تكشف طبيعة شخصية مقتدى الصدر.
وكتب روبين المتخصص بشؤون الشرق الأوسط في مقال موسع بمجلة “ناشيونال إنترست” مع كل الذي حصل في العراق، يظل الاعتقاد بأن الصدر قد تغير مجرد هراء والتوهم بأنه يسعى إلى بناء عراق نزيه أو ليبرالي أو حتى محايد هو أيضًا هراء.
وقال “لفهم الصدر، من المهم تقدير طموحه الحقيقي. فهو يعارض ويسعى الآن إلى هدم النظام العراقي الحالي ليس لأن فساده المتأصل يضايقه، وإنما لأن الأخذ والعطاء السياسي يتعارض مع أجندته الأوسع”.
واضح الكاتب الأمريكي المتخصص بالشؤون العربية والتركية والإيرانية وأصدر مجموعة كتب من بينها “الأعمدة السبعة: ما الذي يسبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط حقًا؟” و”الرقص مع الشيطان” “لا يتعلق عداء الصدر الحالي تجاه إيران بأي خلاف أساسي مع طهران بقدر ما يتعلق بعدم رغبة الصدر في تقاسم السلطة أو الخضوع. ففي إيران، الأساس اللاهوتي لحكم المرشد الأعلى علي خامنئي مكرس في مفهوم ولاية الفقيه، بينما يطمح الصدر للقيادة مع أنه يعلم أنه لا يستطيع أبدًا اكتساب النفوذ الذي كان يمارسه والده أو آيات الله الحاليون في النجف لأنه يفتقر إلى التقوى. وحتى في إطار نظام ولاية الفقيه، قد يفرض إرادته سياسيًا وليس دينيًا.”
وأضاف مايكل روبين الذي سبق وأن زار العراق لفترات مطولة قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003، ما افتقر إليه الصدر في الفطنة والتقوى عوضه بالطموح والفساد. بالنسبة له، لم تكن النجف موقعًا دينيا، بل مصدر ربح يمكن من خلاله تجميع ثروة. لقد صور نفسه كمدافع حقيقي عن السيادة العراقية، حتى عندما باع البلاد لإيران المجاورة. وقد استخدم تكتيكات المافيا لابتزاز الأموال وتقييد الأسواق، وحشد العصابات لتخويف المنافسين. كما وجدت شعبويته أرضًا خصبة في الأحياء الفقيرة في بغداد، واكتسب قوة سياسية نافذة. حتى عندما احتقرته الحوزة، شاركه السياسيون العراقيون. ورغم اختلاف فصيلهم، كان منطقهم متشابهًا: ألهم الصدر الجماهير، لكنه لم يستطع السيطرة عليهم. وكان فصيله منقسمًا. وعن طريق تصنع الاحترام، تمكن المنافسون من إخماد غروره بينما أبعدوا مؤيديه”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى