أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

هيئة النزاهة تسقط أحجار الدومينو الصغيرة بذريعة محاربة الفساد

النائب السابق رحيم الدراجي: الفساد في العراق أصبح بلا حياء، في عملية سياسية مهددة بالانهيار.

بغداد – الرافدين

أضافت حادثة تصوير إلقاء القبض على مدير الأمن الوطني في محافظة ميسان العميد وسام السعد متلبسًا بتقاضيه رشوة. إلى مدونة الفساد المستمرة والمتصاعدة منذ عام 2003.
ولا يأخذ العراقيون على محمل الجد إلقاء القبض على السعد، بأنه سيفتح الباب واسعًا لملاحقة كبار رؤوس الفساد، لأن الاستعراض الإعلامي في عملية مدير أمن ميسان، تصنف ضمن خط الفساد من الدرجة الثالثة.
ويجمع العراقيون على أن كبار الفاسدين الذين فرطوا بأموال البلد ويعرضون المناصب الوزارية للبيع والشراء، سيبقون في منأى من المحاسبة.
وقام أحد أعضاء لجنة النزاهة بتصوير مقطعًا مصورًا وبثه في منصات التواصل الاجتماعي لعملية القبض على مدير الأمن الوطني في ميسان العميد وسام السعد بتهمة تقاضيه رشوة.
وأفادت هيئة النزاهة أنه قد ساوم ذوي أحد المتهمين بالدعاوى التحقيقية المودعة لدى المديرية على مبلغ وقدره 7500 دولار لتقتحم هيئة النزاهة مكان عمله بعد تلقيه المبلغ ليتم ضبطه متلبسًا بالتهمة.
يذكر أنه سبق وأن تم إعفاء وسام السعد من منصب مدير أمن الموصل بسبب قضايا تخص الفساد، وتكرر الاعفاء من منصب مدير أمن ديالى في شبهات فساد.
وفي عملية فساد أيضا تم تكليفه بمديرة أمن محافظة ميسان.
وتزامن اعتقال السعد مع اغتيال العميد قاسم داوود مسؤول وحدة المخدرات في الأمن الوطني بمحافظة ميسان الذي أبلغ عن عملية الرشوة. الذي قام بها السعد.
ويرى مراقبون أن الطريقة الدراماتيكية التي جرت أثناء إلقاء القبض على مدير الأمن الوطني في ميسان مجرد طريقة استعراضية لا تمت بصلة إلى الواقع المعاش.
وأجمع المراقبون على أن مسرحية 7500 دولار قطرة من بحر فساد كبير تعاني منه كافة المؤسسات الحكومية بعد عام 2003.
وأشاروا إلى أن هيئة النزاهة تعاني من فساد عناصرها المتواجدين في مناصب حساسة، لكنها لا تتخذ أي خطوات مماثلة لمحاربتهم لارتباطهم الوثيق بمتنفذين وميليشيات.
ويمثل العميد المعتقل حلقة صغيرة من حلقات الفساد الكبرى، وتم التضحية به بعد استنفاذ خدماته بشكل كوميدي للظهور بمظهر محاربة الفساد في حين أنه استهداف لصغار الفاسدين.
وتساءل مراقبون عن دور النزاهة في القبض عمن ثبت فساده بالأدلة الصوتية والصورية وبالوثائق الدامغة.
وألقت الحادثة بظلالها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال مدونون “كل هذه “البروباغندا” الإعلامية لأجل مبلغ صغير في وقت تسرق الأحزاب السياسية المليارات بدون حسيب أو رقيب.
وعبروا عن توقعهم أن يتم إخلاء سبيله خلال الأيام المقبلة وذلك بعد دفع رشوة.
ويجمع عراقيون على أن هيئة النزاهة تحتاج إلى نزاهة والقضاء يحتاج إلى قضاء وقوات الأمن بحاجة إلى أمن.
ويبدون أمنية أن يرون “مشاهد هكذا عمليات لمن سرق الميزانيات الانفجارية، فالحقيقية الظاهرة للعيان أن الجميع شركاء في نهب العراق والقانون لا يطبق إلا البسطاء”.
ويقول خبراء اقتصاد أن الفساد في أروقة المفاصل الحكومية يتجسد في مظهرين رئيسيين الأول الفساد الأصغر والذي يحدث في العادة ضمن صغار الموظفين الحكوميين حيث يتم استخدام العلاقات الشخصية للحصول على المنافع وينتهي بقبول الهدايا وتقاضي الرشوة سرًا، والمظهر الآخر الفساد الأكبر الذي ينتاب النظام بأكمله وهو متعلق بالرؤوس الكبيرة التي تدير في الخفاء عمليات النهب المنظمة لخزينة البلاد وفق أجندات شخصية وخارجية.
وأضاف الخبراء أن مظاهر الفساد المتفشية في العراق ناجمة من سوء التخطيط وضعف بين في الأنظمة الإدارية من خلال توظيف الأشخاص وفق نظام المحاصصة الطائفية لا على أساس الكفاءة مما يولّد ضعفًا ووهنًا في التركيب الإداري، وكلما زاد التدهور الإداري زادت ممارسة الموظفين الحكوميين للفساد كالرشوة والابتزاز واختلاس الأموال العامة وغيرها.
وبحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية للعام 2021، حلّ العراق في المرتبة 157 (من أصل 180 دولة) في ترتيب البلدان الأكثر فسادًا فوجود البلاد على مدرج الفساد يوضح مدى انحداره في عتمة الفوضى والفشل بسبب تسلط لصوص الدولة على أموال العراقيين.
ويمكن اعتبار العراق درسًا ومثالًا واضحًا على سرقة الدولة وفق الصحافي روبيرت وورث في صحيفة نيويورك تايمز.
وكتب وورث في تقرير مطول “لقد أدار قادة الميليشيات والسياسيون عملية فساد كبرى يصعب مع استمرارها احتساب ما تم سرقته من العراق منذ عام 2003، فقد أبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني إلى خارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى”.
وفي ظل فضائح عمليات الفساد من قبل لصوص الدولة قال النائب السابق رحيم الدراجي إن “الفساد في العراق أصبح بلا حياء أو خجل، وعلى الرغم من كل الظروف المهددة للعملية السياسية إلا أن هذه الأحداث لم تثن أرباب الفساد عن سرقة الأموال”.
وأضاف الدراجي أن “إحدى الجهات أرادت توقيع عقد مع إحدى الوزارات في الحكومة الحالية حيث تم العقد بعد دفع صاحب العقد مبلغ 6 ملايين دولار و10 سيارات من نوع (جكسارة) للوزير لاستخداماته الشخصية”.
وأوضح أن “أحد مديري مكتب وزارة التربية أبلغني أن الأموال المتساقطة من جيوب الوزراء مكنتنا من بناء بناية أو بنايتين سكنيتين في أرقى المناطق”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى