أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

نيويورك تايمز: العراق دولة متداعية فاشلة تتصارع الميليشيات على نهبها

ماريا فانتابي من مركز الحوار الإنساني في سويسرا: إذا نظرنا لعراق ما بعد عام 2003، فعلينا أن نقول إنه لم يكن في الواقع دولة فاعلة.

لندن- الرافدين

وصفت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية العراق بالدولة الفاشلة المتداعية بالرغم من ثرائها النفطي.
وذكرت الصحيفة في تقرير مصور كتبته مديرة مكتب الصحيفة في بغداد جين عراف بعنوان “شلل حكومي وقتال بين الميليشيات، يفاقم عدم الاستقرار في العراق”، أن هناك دولة متداعية وفاشلة تحت مبنى البنك المركزي العراقي الشاهق في حي الجادرية القريب من المنطقة الخضراء، الذي لم يكتمل بناءه بعد.
وتزداد حدة الاضطرابات في العراق في ظل شلل الحكومة وعدم قدرتها على وقف القتال بين الميليشيات المسلحة أو تقديم الخدمات للمواطنين.
وتتصارع الميليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة فيما بينها في تهديد خطير لاستقرار البلاد الهش أصلا.
وظهرت نقاط الضعف في العراق مرة أخرى بشكل حاد الأسبوع الماضي عندما تحول الانسداد السياسي المتعلق بتشكيل الحكومة إلى أعمال عنف ضربت قلب العاصمة.
وشهدت المنطقة الخضراء ببغداد اشتباكات مسلحة بين عناصر من ميليشيا سرايا السلام بزعامة مقتدى الصدر من جهة وعناصر من فصائل مسلحة موالية لإيران منضوية تحت الحشد الشعبي من جهة ثانية.
وقالت الصحيفة إن الاشتباكات اندلعت بعد أن أطلق عناصر الفصائل الموالية لطهران النار على متظاهرين من أنصار الصدر، ليرد أعضاء مسلحون من جماعة التيار الصدري على النار بالمثل وتندلع الموجهات.
وكانت القوات الحكومية مهمشة تماما فيما تتقاتل الميليشيات فيما بينها، بعد أن أمر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بعدم إطلاق النار على المتظاهرين.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة ابتعدت بشكل متزايد عن العالم العربي وركزت بشكل أساسي على إعادة الاتفاق النووي مع إيران وتعزيز التطبيع مع “إسرائيل”.
ويبدو العراق اليوم بلدا يفقد أهميته في المنطقة والعالم حيث تتقاتل الميليشيات الولائية من أجل السيطرة.
ويحتل العراق رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، حيث غذت عائدات النفط الفساد بشكل واسع.
ووفقا لمسؤولين حكوميين ومحليين فإن الميليشيات والجماعات القبلية تستحوذ على عائدات الجمارك من ميناء أم قصر العراقي على الخليج.
أما المعابر على طول الحدود مع إيران فهي مصدر آخر للدخل غير المشروع، وكذلك تسيطر الميليشيات المدعومة من إيران في العراق على قطاعات مثل الخردة المعدنية، وتبتز الشركات مقابل توفير الحماية.
وتشكل العقود الحكومية أيضا مصدر رئيسيا آخر للفساد.
وضربت الصحيفة مثلا بوزارة الصحة العراقية، التي قالت إن مسؤولين موالين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هم من يديرونها عادة، حيث تعتبر المستورد الوحيد لما يقرب من نصف الأدوية الداخلة للعراق وتعتبر من أكثر الوزارات فسادا، وفقا لمسؤولين عراقيين وخبراء مستقلين.
ونقلت الصحيفة عن المؤرخ العراقي سعد إسكندر قوله “داخليا وخارجيا وعلى المستويين السياسي والأمني فإن العراق حاليا دولة فاشلة”.
وأضاف “لا يمكن للدولة العراقية أن تبسط سلطتها على أراضيها أو على شعبها”.
لكنه قال إنه لا يزال يمتلك بعض الأمل في أن البلاد ستنجو.
وأوضح إسكندر أن “تغيير قادة البلاد وحصول تغيير في الأجيال هو السبيل الوحيد للنجاة”.
وتقول ماريا فانتابي من مركز الحوار الإنساني، وهي منظمة لإدارة النزاعات مقرها سويسرا “إذا نظرنا لعراق ما بعد عام 2003، فعلينا أن نقول إنه لم يكن في الواقع دولة فاعلة”.
وأضافت “لم يكن لدينا رئيس وزراء له سيطرة كاملة على قوات الأمن أو على الحدود”.
ويعود الفضل في عدم انهيار العراق بشكل كبير إلى الثروة النفطية الهائلة التي تمتلكها البلاد، لكن معظم المواطنين لا يرون أبدا فائدة في تلك الثروة ويعانون من انقطاع يومي للكهرباء ومدارس متهالكة ونقص في الرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب.
واستقال وزير المالية علي علاوي في الشهر الماضي، وحذر في حينها من أن المستويات المذهلة للفساد تستنزف موارد الدولة وتشكل تهديدا وجوديا.
وكتب علاوي في خطاب استقالته إلى رئيس الوزراء “تعمل شبكات سرية واسعة من كبار المسؤولين ورجال الأعمال والسياسيين الفاسدين في الظل للسيطرة على قطاعات كاملة من الاقتصاد وسحب مليارات الدولارات من الخزينة العامة”.
وأضاف “لقد وصل هذا الأخطبوط الهائل من الفساد إلى كل قطاع من قطاعات الاقتصاد والمؤسسات في البلاد، ويجب تفكيكه بأي ثمن إذا أريد لهذا البلد أن يبقى على قيد الحياة”.
وقال علاوي، إنه صُدم عندما رأى “مدى تدهور آلية الحكومة تحت سيطرة مجموعات المصالح الخاصة المرتبطة ببلدان مختلفة في المنطقة”.
وذكر في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في حزيران الماضي “لدينا أشخاص يسافرون إلى طهران وعمان وأنقرة والإمارات وقطر”.
وأضاف “قبل ذلك، كانوا يسافرون إلى واشنطن، لكنهم لم يعودوا يفعلون ذلك بعد الآن.”
في غضون ذلك يستمر الانسداد السياسي بعد أن واجه الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية، دعوة الصدر بالإبقاء على حكومة مصطفى الكاظمي لحين إجراء انتخابات جديدة.
ورفض الإطار التنسيقي الإبقاء على الكاظمي وحكومته للإشراف على الانتخابات البرلمانية المبكرة المقبلة.
وقال القيادي في الإطار عائد الهلالي، ان “قرار تغيير حكومة مصطفى الكاظمي أمر متخذ ولا تراجع عنه”.
وبين ان “حكومة الكاظمي بلا صلاحيات ولا يمكن لها ان تكون مشرفة على الانتخابات المبكرة”، لافتا إلى أن “قوى الإطار التنسيقي عازمة ومصرة على تشكيل حكومة جديدة، خلال الأيام القليلة المقبلة، ولا تراجع عن هذا الخيار.
وأعلن ما يُعرف بـ”وزير الصدر” صالح محمد العراقي المقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في وقت سابق أن الأخير يرفض وبشكل مطلق عودة كتلة التيار الصدري إلى مجلس النواب العراقي بعد استقالة أعضائها منه، فيما أكد أن هذا الانسحاب هدفه سد الطرق كافة للتوافق السياسي مع الإطار التنسيقي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى