أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

من يوقف إبادة التعليم في العراق في اليوم الدولي لحماية التعليم

حكومة بغداد تفشل في إعادة تأهيل غالبية المدارس المدمرة في الموصل وصلاح الدين والأنبار بعد تحويلها إلى ثكنات.

بغداد- الرافدين
يمثل العراق انموذجًا صارخًا لعدم حماية التعليم في “اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات” الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع من أيلول من كل عام.
وفشلت الحكومات المتعاقبة بحماية التعليم في العراق من الاعتداءات منذ الاحتلال الأمريكي للعراق.
وتضرر التعليم في العراق من الهجمات على المدارس أثناء الاحتلال الأمريكي وبعدها أثناء الصراع مع تنظيم داعش.
وتحولت المدارس إلى ثكنات عسكرية وتركت مدمرة بعد انتهاء المعارك في مدن غرب وشمال العراق، فيما فشلت الحكومات المتعاقبة في إعادة تأهيل هذه المدارس.
وترافقت، مع مشكلة الطلبة النازحين، مشكلة توفير المدارس الملائمة لهم، بعد أن تضررت مدارس كثيرة في عدد من المحافظات العراقية بسبب الأحداث الأمنية أو القصف أو بسبب استخدامها كمقارّ وثكنات عسكرية للميليشيات.
وتسبُّب الغزو الأمريكي في تهالك النظام التعليمي بما يشمل حملة استهداف الأساتذة والأكاديميين وكيف أصبحت الشهادات المزورة مسألة دارجة لأصحاب المراكز الحكومية العليا، وبالتالي تمثل هذه النتائج عملية إبادة شاملة للعلم والمتعلمين.
وتم تثبيت كلمة “إبادة التعليم” في الدراسات والبحوث الأكاديمية باللغة الإنجليزية. بعد وضع تعريف قاموسي وأكاديمي للكلمة استنادًا لما حدث في العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003.
واشتقت الباحثة العراقية رلى عبد السلام الآلوسي كلمة “إبادة التعليم” في بحث أكاديمي قدم مؤخرًا في مؤتمر بجامعة أكسفورد من تهالك النظام التعليمي في العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003.
ويسلط “اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات” الذي يتم الاحتفال به سنويًا، الضوء على المحنة التي يمر بها آلاف الطلاب في مدن العراق المدمرة، وكذلك على حاجتهم الماسة للدعم في مجال التعليم.
واعترافًا بأهمية التوعية بالحاجة الملحة إلى الحفاظ على التعليم وحمايته من الهجمات، عيَّن القرار الأممي اليونسكو واليونيسف لكي تيسرا معًا الاحتفال السنوي بهذا اليوم الدولي.
وتطالب الأمم المتحدة أن تبقى المدارس والجامعات والسكن التعليمي على الدوام ملاذات آمنة لتعزيز السلام والتنمية، وينبغي الاعتراف بطبيعتها المدنية وحمايتها وعدم استهدافها.
واستخدمت المدارس والمؤسسات التعليمية في العراق لأغراض عسكرية مما حرم الطلاب من حقهم في الانتفاع بالتعليم، والمعلمين من القدرة على التعليم بطريقة وافية.
وترك الغالبية العظمى من المدارس مدمرة في مدن الموصل وصلاح الدين والانبار بعد المعارك مع تنظيم داعش، وفشلت الحكومات في إعادة تأهلها من جديد.
وأقر تقرير للأمم المتحدة أن 25 ألف طالب ومعلم وأستاذ جامعي للإصابة أو القتل أو الضرر من جرَّاء هذه الاعتداءات التي نفذت في حالات نزاع مسلح أو انعدام الأمن. وشكل العراق النسبة الأكبر في هذه الحصيلة.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجتمع العالمي بالتحدث بصوت واحد للمطالبة بضرورة أن تتوقف الهجمات على المدارس، مشددًا على ضرورة أن تكون المدارس أماكن للتعلم والأمان والسلام.
وتشير اليونسكو إلى أن الاعتداءات على المدارس والطلاب والمربين تعادل الاعتداء على حق الأطفال في التعليم وعلى مستقبله.
وقالت المنظمة الأممية إن النزاع المسلح يعتبر أحد أكثر العوائق عرقلة للتعليم. وحثت بمناسبة هذا اليوم الدولي جميع البلدان على تنفيذ إعلان المدارس الآمنة.
يشار إلى أن إعلان المدارس الآمنة هو التزام سياسي، أقرته 111 دولة حتى الآن بما فيها العراق، ويهدف إلى توفير حماية أفضل للطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات أثناء النزاعات المسلحة، وإلى دعم مواصلة التعليم أثناء الحرب، وإلى وضع إجراءات ملموسة لردع الاستخدام العسكري للمدارس.
وسبق وأن طالب البنك الدولي بحماية التعليم في العراق من أجل الأطفال الأشد فقرًا والأكثر حرمانًا في الوقت الراهن.
واقترح البنك الدولي، على السلطات الحكومية ثلاث مراحل للنهوض بالتعليم في العراق تتمثل في الاستجابة الطارئة للتعليم وخفض تسرب الطلاب إلى الحد الأدنى واستغلال الفرص الجديدة لإعادة بناء الأنظمة التعليمية على نحو أقوى وأكثر مساواة مقارنة مع الوضع السابق للتعليم.
جدير بالذكر أن العراق أصبح مصدرًا لكلمة “إبادة التعليم” التي تستخدم في الخطابات السياسية والإعلامية، وقد أعتمدها هانز كريستوف فون سبونيك، منسق الأمم المتحدة السابق للشؤون الإنسانية في العراق، في خطاب ألقاه أمام مؤتمر جامعة غينت في آذار عام 2011.
ودرس سبونيك الكارثة المستمرة للأوساط الأكاديمية العراقية والوضع التعليمي الكارثي في البلاد، ووصفها بإبادة التعليم وأصدر لاحقًا كتابًا بعنوان “تشريح العراق: عقوبات التدمير الشامل التي سبقت الغزو”.
وشدد على أنه لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على أن هذه الكارثة كان من الممكن تجنبها. مطالبًا بمحاسبة المسؤولين عن إبادة التعليم، داخل وخارج العراق. مشددًا على أنه لا يمكن للحكومات والأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمانة العامة للأمم المتحدة التنصل من مسؤولياتهم عما يمكن أن نطلق عليه فقط جريمة ضد شباب العراق.
وقال سبونيك “يتعين على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يحشد الإرادة لتقييم الدور الذي لعبه في جعل التعليم العراقي يركع على ركبتيه”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى