أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

فورين بوليسي: العراق على شفا حرب شيعية- شيعية

فوضى القتال في المنطقة الخضراء والبصرة مؤشر على مدى السرعة التي يمكن أن تدخل فيها البلاد في حرب داخلية شاملة تقودها الميليشيات المسلحة.

لندن- الرافدين
ذكرت مجلة “فورين بوليسي” أن العراق مقبل على حرب أهلية أطرافها الأحزاب والميليشيات الشيعية المتنافسة على الحصة الأكبر في تشكيل الحكومة.
وذكرت المجلة في تقرير تحليلي موسع كتبه أحمد طويج، المهتم بشؤون الشرق الأوسط ومستشار منظمة سند لبناء السلام العراقية غير الحكومية. أن العراق باتت على شفا حرب أهلية شيعية- شيعية.
وتجد البلاد نفسها وسط تنازع الأحزاب على السلطة، في مواجهة ارتفاع معدلات الفقر، وزيادة عمالة الأطفال، ومعدلات البطالة القياسية بعدما منعت الحكومة من تمرير مشروع قانون الميزانية.
ومع رفض إيران فقدان نفوذها في العراق ورفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التراجع عن موقفه الرافض لمشاركه خصمه اللدود نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون، وجد الجناحان السياسيان المستقطبان نفسيهما في مأزق تحول أخيرا إلى العنف الدامي نهاية الشهر الماضي.
ووصفت المجلة الخلاف المتصاعد بين القوى والميليشيات الشيعية بانه يمثل أسوأ صراع شيعي داخلي منذ سنوات، كما يفند اسطورة “البيت الشيعي” التي اشاعاتها الأحزاب والميليشيات الولائية.
ويخلص التحليل إلى أن الفوضى التي استمرت 24 ساعة داخل المنطقة الخضراء وامتدت الى مدينتي البصرة والناصرية، بين سرايا السلام وميليشيات الحشد، تظهر ما يمكن أن يحدث إن ظل الصدريون بدون قيادة مسؤولة، وهي مؤشر أيضا على مدى السرعة التي يمكن أن تدخل فيها البلاد في حرب داخلية شاملة بالنظر إلى السكان المدججين بالسلاح.
وعلى الرغم من أن طهران ربما لم تطلب مباشرة العنف في شوارع بغداد، إلا أن محاولاتها المستمرة للتأثير على العراق تساهم في تصاعد التوترات في البلاد.
ويجمع المراقبون على أن ما يسمى بـ “البيت الشيعي” لم يكن قائما إلا على مستوى الوهم السياسي. ذلك لأن الأحزاب الشيعية ومن خلفها الميليشيات التابعة بشكل مباشر للحرس الثوري الإيراني لا يربطها مزاج عقائدي واحد وإن كانت تنتسب إلى المذهب الديني نفسه وهو إطار خارجي لا علاقة له بالسياسات التي يتبعها كل حزب.
ويصف المحلل السياسي العراقي فاروق يوسف “البيت الشيعي” بانه كيان من هواء وليس هناك ما يجمع بين الفصائل المسلحة إلا ولاؤها لإيران الذي قد يشجع أحيانا على القتال بسبب ما ينطوي عليه من حقد وكراهية وخيانة وإذلال للذات.
وحاولت الأحزاب والميليشيات أن تطوي خلافاتها مؤقتا في السنوات الأولى لاحتلال العراق، فالفريسة لا تنتظر. ومن أجل تلك الفريسة تستحق أن تُطوى تلك الخلافات البكائية. ذلك ما نجحت فيه عبر السنوات الماضية وهي مطمئنة إلى أن الحماية الأمريكية ــ الإيرانية ستبقيها في حالة استرخاء.
وسرعان ما تطور الخلاف على الحصة الأكبر في تشكيل الحكومة الى قتال دموي بين أطراف ما كان يسمى بالبيت الشيعي، وتمكن مقتدى الصدر في غضون 24 ساعة من إظهار مدى قوته، عندما خضعت شوارع العاصمة العراقية بغداد للعنف قبل أن يتوقف هذا العنف، بطلب منه في الحالتين.
ووفق تحليل طويج الذي ينشر تقاريره في صحف الغارديان واندبندنت البريطانية، فإن دوامة الأحداث الكارثية التي بلغت ذروتها مع تحول أجزاء من بغداد إلى منطقة حرب.
بينما يرى يوسف أنه لو خُيرت الأحزاب الشيعية بين الذهاب إلى المعارضة أو الحرب لاختارت الحرب بكل تأكيد، وهو ما فعلته في المنطقة الخضراء والبصرة في تمرين على حرب شيعية لن تتمكن إيران من منع وقوعها أو إيقافها. فكل شيء سيكون خارج السيطرة يومئذ، وبالأخص أن زعيم فيلق القدس الحالي إسماعيل قاآني لا يملك النفوذ الذي كان سلفه قاسم سليماني يملكه.
وترى “فورين بوليسي” في تقريرها الذي حمل عنوان “العراق يقترب من شفا حرب أهلية شيعية” أنه رغم ذلك، فإن محاولة طهران لكسب النفوذ على أتباع الصدر لم تكن مدروسة بشكل جيد. وفشلت في اعتبار أن مؤيديه مخلصون له من دون تردد.
واستمرت المعركة بين الأحزاب المتنافسة على السلطة مع تراجع تأثير قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاني على أتباعه في العراق، منذ أن تركت الانتخابات العراقية في تشرين الأول 2021 البلاد في مأزق سياسي. وبدون فائز صريح في صناديق الاقتراع، لم يكن لدى أي حزب سياسي أغلبية لتشكيل حكومة، مما دفع البلاد إلى أشهر من عدم الاستقرار السياسي المستمر.
في غضون ذلك رجحت مجلة “فورين أفيرز” بان الصدر على الرغم من مزاعمه بترك العمل السياسي، فأنه يعمل على الاستفادة من هذه الدورة الأخيرة من سياسة حافة الهاوية واحتجاجات الشوارع للسيطرة على منافسيه.
وذكرت المجلة أن الصدر سبق وأن أصدر تصريحات مماثلة في الماضي لكنه لم ينسحب قط من المجال السياسي، ولكن بصفته وريثًا لإحدى العائلات الدينية، فقد جعل خصومه يفكرون مرتين قبل أن يقللوا من شأنه.
وقالت إن “الطعن بالظهر يعكس فراغ السلطة المتنامي داخل المجتمع الشيعي في العراق، وهو فراغ انفتح مع تضاؤل نفوذ الحرس الإيراني على أتباعه من الميليشيات والأحزاب”.
وأضاف التقرير أن “النظام السياسي العراقي وصل إلى طريق مسدود منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات في تشرين الأول الماضي، وأن الصراع لم ينشب بين الطوائف أو الجماعات العرقية المتنافسة، ولكن داخل الاحزاب الشيعية المنقسمة على حصتها في الحكومة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى