أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

لا أمل بالحل أمام العراقيين النازحين وأسر المغيبين في اليوم الدولي للسلام

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتخذ العراق مثالا لافتقاره السلام في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

بغداد- الرافدين
اتخذ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش العراق مثالًا لانعدام السلام في كلمته أمام زعماء العالم المجتمعين في افتتاح المناقشة رفيعة المستوى للجمعية العامة الثلاثاء.
وقال غوتيريش “تهدد التوترات الراهنة في العراق بزعزعة الاستقرار”.
ويفتقد العراق منذ احتلاله من القوات الأمريكية عام 2003 إلى السلام، فيما تتفاقم ملفات الاختفاء والتغييب القسري والاختطاف والتهجير والنزوح والطائفية والإفلات من العقاب، من دون أن تتحرك الحكومات المتعاقبة على إحراز تقدم في أي من هذه الملفات.
ويمثل العراق مثالًا في افتقاده السلام في اليوم الدولي للسلام الذي خصصته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي والعشرين من أيلول من كل عام ومنذ 1981. باعتباره يومًا مخصصًا لتعزيز مُثُل السلام، عبر الالتزام لمدة 24 ساعة باللاعنف ووقف إطلاق النار.
وجاء العراق بالمرتبة 157 حسب مؤشر السلام العالمي للعام 2022، إذ تشهد البلاد أوضاعًا مأساوية بسبب صراعات القوى السياسية على حصتها من مغانم الدولة.
ولا يرى العراقيون أي أفق للسلام ينتظر بلدهم بعد أن فقدوا الثقة بالطبقة السياسية القائمة في إدارة العملية السياسية منذ عام 2003.
وكان معهد “أوبن ديموكراسي” قد رسم صورة قاتمة عن العراق مؤكدًا فشل الديمقراطية على النمط الغربي فيه، ما تسبب بقيام اقتصاد بائس وحكومة غير فعالة، والمزيد من المعاناة للعراقيين.
وأوضح المعهد الأمريكي أن العراقيين يعانون من الفقر والظلم وصدمة الخسارة الكبيرة في الأرواح والعيش مع الخوف اليومي، ومن الإحساس بالعجز والهزيمة والإذلال.
وذكر التقرير؛ أنه على الرغم تشكيل عدة حكومات في العراق، لم ينجح أي منهم في الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب العراقي المتمثلة بإنهاء الفساد، ورفع مستوى المعيشة، وخلق فرص عمل للعدد المتزايد من الشباب والمتعلمين، وتوفير الأمن.
ومازال قوى وميليشيات طائفية تتحكم بمصائر المدنيين فيما تستمر عمليات الاختطاف والقتل على الهوية.
وتمثل محنة عشرات الآلاف من النازحين وصمة عار في التاريخ الإنساني الحديث، عندما يفتقر هؤلاء الأبرياء من النساء والأطفال وكبار السن لمقومات الكرامة الإنسانية والعيش على الهامش، من دون أن تتحرك الحكومة لتخفيف معاناتهم.
وسبق أن ذكرت منظمة اليونيسيف أن ثلاثة ملايين وستمائة ألف طفل في العراق معرضون بشكل جدي لمخاطر الموت، والإصابة، والعنف الجنسي، والاختطاف، والتجنيد في قبل الميليشيات المسلحة.
وذكر التقرير، الذي يحمل عنوان “الثمن الباهظ الذي يتكبده الأطفال” أن عدد الأطفال المعرضين لتلك الانتهاكات قد زاد بمقدار مليون وثلاثمائة ألف خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.
ووفقًا للتقرير يحتاج أربعة ملايين وسبعمائة ألف طفل في العراق المساعدة الإنسانية، فيما تواجه الكثير من الأسر النازحة أوضاعا متدهورة.
ويوثق تقرير اليونيسيف نطاق وتعقيد الأزمة الإنسانية في العراق، الذي يعاني منذ عقود من الصراع وانعدام الأمن والإهمال.
ووفقًا للتقرير تم اختطاف 1496 طفلًا خلال العامين والنصف الماضيين، أي خمسين طفلًا كل شهر، ويجبر الكثيرون من الأطفال على الانخراط في القتال أو يتم انتهاكهم جنسيًا.
وجدد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين دعوته إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المتظاهرين والنشطاء وإلى وضع حد للسلاح المنفلت الذي يفتك بأرواح العراقيين، وذلك في تقرير لها أصدرته تزامنًا مع اقتراب الأحزاب السياسية المتحكمة بالعراق من إكمال عقدها الثاني وإصرارها على مبدأ الإفلات من العقاب وتعزيزه بكافة الوسائل.
وأكد التقرير أن الاحتلالين الأمريكي والإيراني عززا من سطوة الميليشيات والطبقة السياسية غير الوطنية ليعيش العراق باضطرابات وحالة من الفوضى الخلاقة.
وأشار إلى أن “الشعارات الوهمية للحكومات المتعاقبة بضرورة تحقيق العدالة والوعود المتكررة بمساءلة المجرمين وتحقيق القصاص العادل لم ير منها الشارع العراقي أي خطوة حقيقية في مشهد يدلل على حالة الاستهتار الحكومي بدماء العراقيين الذين كانت أسمى شعاراتهم (نريد وطنًا) خصوصًا وأن عمليات القتل كانت بشكل علني وموثقة بعدسات الكاميرات ومن السهولة التعرف على القتلة والمجرمين، ولكن لم تتم مقاضاة أي أحد”.
وأوضح أن “أبناء العراق الأحرار يتعرضون إلى اعتقالات تعسفية واخفاء قسري إلى جانب التهديدات والاعتداءات وعمليات النفي وكل ذلك بمرأى ومسمع الجهات الحكومية التي تتواطأ مع الميليشيات في مخططاتها أو قد تتخذ بعض الإجراءات الشكلية باعتقال البعض ممن شاركوا في عمليات القتل لكن سرعان ما تتم عمليات إطلاق سراحهم بصورة هادئة أو إدخال القتلة بنطاق القضاء وإخراجهم بأطر قانونية.
إلى ذلك أكد مركز جنيف الدولي للعدالة أن العراق لديه أكبر عدد من الحالات الموثقة للاختفاء القسري إذ تتراوح بين نصف مليون ومليون مختف قسريًا.
وأوضح مركز جنيف خلال اجتماعات الدورة الحادية والخمسين لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان أن الأدلة تُظهر قيام الميليشيات في العراق، على مدى السنوات الماضية، بدفن الكثير من الجثث في مقابر جماعية، وأنّ خطورة هذه الحالة توجب على المجلس الأممي وضع العراق ضمن اهتمام خاص، مطالبًا بالعمل على منح عائلات المغيبين قسريًا الفرصة لمعرفة المعلومات الأساسيّة حول حالة أبنائها.
وقال مسؤول قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين الدكتور أيمن العاني في تصريح لقناة “الرافدين” إن “الحكومات التي أسستها الميليشيات تفتعل الأزمات وتغذي الفوضى المستمرة المتفاقمة في البلاد وليس من صالح أي طرف من أطراف العملية السياسية أن يتم تفعيل القوانين ومحاسبة المرتكبين للانتهاكات أو قضايا الفساد لأنهم يريدون لهذا البلد الهلاك والدمار والخراب”.

د. أيمن العاني: الحكومات التي أسستها الميليشيات تفتعل الأزمات وتغذي الفوضى
وأكد العاني أن “مبدأ فرق تسد هو ما بنيت عليه العملية السياسية لأن المراد أن يتم التحكم بالعراق من قبل الأطراف الخارجية وهذا لا يكون إلا بإثارة الفرقة بين مكونات الشعب العراقي فالطائفية أمر طارئ على المجتمع العراقي والأحزاب التي جاءت مع الاحتلال هي من جلبت مفهوم الطائفية لتفرقة الشعب لتتسيد المشهد”.
وقال المتحدث باسم المرصد العراقي للحقوق والحريات عادل الخزاعي إن “أول حماية يتم توفيرها للقتلة والمجرمين حماية الغطاء السياسي ومحاولة تسويف أي جريمة، وإن كانت كبيرة ووضعها في غير مسمياتها كنزاع عشائري أو المساس بالشخصيات الدينية”.
وأضاف الخزاعي في تصريح لقناة “الرافدين” أن “المجرمين يتلقون الحماية الأمنية أيضًا من خلال الأفراد المنتمين للميليشيات الذين تم اقحامهم بالمؤسسات الأمنية للتعامل مع أي حالة اعتقال لعناصر الميليشيات”.
وأشار إلى أن “توفير الحماية القضائية للقتلة يهدف إلى تذويب القضايا وإفلاتهم من العقاب”.
وأوضح “الإفلات من العقاب أصبح ظاهرة سياسية، وكثير من المجرمين الذين كان من المفترض أن يتم زجهم في السجون، نشاهدهم أحرارًا ويتمتعون بالسلطة المطلقة”.
وقال “لو تم التحقيق الفعلي في كل الجرائم المرتكبة لشاهدنا رؤوسًا كبيرة من الزعماء السياسيين والعسكريين في أقبية السجون”.
ولفت الخزاعي إلى أن سياسة الإفلات من العقاب زادت من جرائم القتل وانتشار السلاح، لعدم وجود قوة ردع حقيقية.
ورأى مركز “النخيل” للحقوق والحريات الصحافية، الأربعاء، أن الخطاب المُهّدد للسلم الأهلي في “العراق” ما يزال متصاعدًا.
وذكر المركز في بيان “في اليوم الدولي للسلام، يؤسفنا أن نرصد باستمرار تصريحات ومواقف وتطورات تُهدد السلم الأهلي في العراق بالصميم وتُزيد من حالة الاحتقان الطائفي والقومي؛ في وقت نحن أحوج ما نكون لنبذها ومكافحتها”.
وأضاف أن “الخطاب الإعلامي أمام مفترق طرق أخلاقي ووطني يُحتم عليه الحفاظ على قيم السلام في العراق وإعلاء شأنه ونبذ كل ما يُثير الفرقة والنزاع ويعرض السلم الأهلي للخطر، لا أن يكون الإعلام أداة رخيصة بيد دعاة الكراهية وتجار الحروب والأزمات”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى