أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

استغلال ميليشياوي مبتذل لجريمة مقتل فتاة عراقية في أبو غريب

الميليشيات تتاجر بقضية الشابة زينب عصام الخزعلي في محاولة للتغطية على جرائمها أمام الرأي العام الناقم على الحادثة ومن يقف خلفها.

بغداد – الرافدين

استغل زعماء الميليشيات حادثة مقتل الفتاة زينب عصام ماجد الخزعلي (15 عامًا) في قضاء أبو غريب غربي العاصمة بغداد برصاصة طائشة من ميدان تدريب عسكري بالقرب من منزلها في تلميع صورتهم والظهور بمظهر المدافع عن العراقيين بعد موجة الغضب التي شهدتها منصات التواصل الاجتماعي في العراق.
وأنهت رصاصة طائشة حياة الشابة زينب جراء إصابتها بطلق ناري مصدره ميدان رماية عسكري للقوات المشتركة قرب قرية البوعلوان في قضاء أبو غريب، وفقًا لما قاله ذوو الضحية لوسائل إعلام محلية.
واتهم سياسيون وزعماء ميليشيات قوات الاحتلال الأمريكي بقتل زينب، وكان من أبرز التغريدات حول الموضوع تلك المنسوبة لزعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي.
وطالب الخزعلي “الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بتقديم تقرير مفصل يعرض للشعب العراقي تداعيات هذه الحادثة” التي عدها خرقًا للسيادة.
وعبر عراقيون عن استغرابهم من المتاجرة المفضوحة لقضية زينب من قبل زعماء الميليشيات المتهمين بالقتل على الهوية وتغييب عشرات الآلاف قسريًا فضلًا عن ارتكاب انتهاكات ترقى لجرائم الحرب في المدن المنكوبة وفقًا لتقارير المنظمات الدولية.
وأعاد ناشطون التذكير بجرائم تلك الميليشيات ومن بينها جريمة مقتل عائلة مكونة من 7 أفراد بينهم أطفال بعد استهداف منزلهم بصاروخ كاتيوشا قبل عامين في قضاء الرضوانية بالقرب من مطار بغداد.
ونُفذ هجوم الرضوانية الصاروخي وقتها، من منطقة فارغة في حي الجهاد الذي تسيطر عليه الميليشيات بالقرب من مطار بغداد، بحسب مصادر أمنية، قبل أن يسقط على منزل بالقرب من سياج المطار.
ونشرت منصات رقمية تابعة للميليشيات الولائية في حينها خرائط وصور لموقع الرضوانية، أرادت منها إظهار أن القصف تم عن طريق القوات الأمريكية واعتمدت تلك الجهات في اتهامها على خبر سابق، قالت فيه السفارة الامريكية بأنها ستجري تدريبات على استخدام منظومة الدفاع في السفارة، المعروفة باسم “سيرم”.
لكن هذه الادعاءات سرعان ما قوبلت بموجة من السخرية من قبل خبراء عسكريين وأمنيين بسبب ضعف الأدلة التي قدمتها تلك الميليشيات للتنصل من مسؤولية استهداف المنزل.
وعلى الرغم من إعلان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فتح تحقيق في حادثة منطقة البوشعبان (البو عامر) التابعة لقضاء الرضوانية في بغداد، وملاحقة الجناة مهما كانت انتماءاتهم وارتباطاتهم لينالوا أشد العقوبات. إلا أن نتائج هذه التحقيقات لم تبصر النور حتى اللحظة بسبب سطوة الميليشيات وعجز الحكومة عن مواجهاتها، ليكتفي وزير الداخلية عثمان الغانمي بالقول، إن “ما حدث يندى له الجبين، ووزارة الداخلية تمكنت من الوصول إلى الجناة”.
ولم يدل الوزير بالمزيد من التفاصيل بشأن هوية الجناة أو عددهم أو الجهة التي ينتمون لها حتى اللحظة.

صواريخ الميليشيات تزهق أرواح العراقيين وتنهي أحلامهم بوطن آمن

وحظيت حادثة مقتل الشابة زينب في أبو غريب باهتمام شعبي بالغ بعد أن أعادت للذاكرة جرائم الاحتلال الأمريكي التي لا تقل عنها خطورة تلك الجرائم المرتكبة من قبل الميليشيات كما يرى عراقيون.
وحذر ذوو الشابة من تكرار حادثة القتل مع مدنيين عزل بسبب قرب ميدان التدريب من منازلهم، خصوصًا أن حادثة زينب لم تكن الأولى، بل كانت هناك حوادث وإصابات مشابهة، مؤكدين تقديمهم مخاطبات رسمية للسلطات الأمنية، دون أن تكترث الأخيرة للموضوع.
وقال ماجد الخزعلي جد زينب، إنها الضحية الثانية في أسرته بعد خسارته لشقيقه، مشيرًا إلى أن الرمي يتسبب في إصابات بين الأهالي والمواشي بشكل يومي.
ونوه إلى أن ميدان الرماية تسبب في أذى كبير للأهالي، وطالب بإزالته لأنه سيتسبب بسقوط ضحايا آخرين بين جيرانه وعائلته على حد قوله.
وقال عباس جواد، شاهد عيان في موقع الحادثة، إن زينب عصام كانت تعمل بأجر يبلغ ثلاثة آلاف دينار يوميًا، فيما يقع ميدان الرماية على مسافة قريبة منها، متسائلاً “كيف يمكن أن يكون ميدان الرماية قريبًا من منازل المواطنين إلى هذه الدرجة، فيما هناك مساحات واسعة من الأراضي الشاغرة؟”.
ونشر مدونون فيديو لأهالي قرية البوعلوان، يظهر استياءهم من تكرار حوادث القتل بالرصاص الطائش، معربين عن غضبهم من وضع المعسكرات التدريبية قرب المدن والقرى المأهولة بالسكان.

واستغرب المدونون من المواقف السياسية الصادرة ممن وصفوهم بتجار المواقف في استغلال الحادثة إعلاميًا.
بينما أعاد آخرون الحديث عن تورط الميليشيات التي تدعي حرصها على أرواح العراقيين بجرائم مروعة كما حصل في حادثة غرق عبارة الموصل التي اتهم مسؤولون في محافظة نينوى في حينها الميليشيات بالوقوف خلفها.
وكان عضو في مجلس محافظة نينوى تحدث في وقت سابق شريطة عدم الكشف عن هويته أن نتائج التحقيق في حادثة غرق العبارة لم يعلن عنها لأن “هناك ضغوط لإبعاد أسماء وردت كمتورطة في الحادثة وذلك لمنع تقديمها إلى القضاء”.
وبحسب هذا المسؤول، فإن هناك عدة أشخاص ينتمون لميليشيات قد وردت أسماءهم بالتحقيق على أنهم شركاء لريان الحديدي المستثمر العام في الجزيرة السياحية حيث وقعت الحادثة.
وأتهم هؤلاء الأشخاص “بعرقلة عمل لجان الدفاع المدني التي تشرف على إجراءات السلامة”.
وأكد المسؤول أن الحديدي اعترف أنه كان يدفع نسبة لا تقل عن 30 بالمائة من أرباح الجزيرة السياحية شهريًا للميليشيات “مقابل توفير الحماية والدعم له والسماح له بالاستمرار في العمل”، معتبرًا أن “هذا هو السبب الرئيس الذي يقف وراء عدم الإعلان عن نتائج التحقيق”.
وأوضح المسؤول أن قياديًا آخر بميليشيا “سيد الشهداء” يدعى سيد عباس يملك مكتبًا داخل الجزيرة قد ذكر اسمه في التحقيق على أنه يوفر حماية لملاك المنتجع ويعرقل أية إجراءات تتخذها الجهات الأمنية.
وأكد على أن عباس “كان يعرقل عمل فرق التفتيش على الأكشاك والمطاعم” الموجودة في المنتجع.
كما كشف عضو مجلس قضاء الموصل السابق محمد الحمداني عن إعفاء عدة ضباط أمن من التحقيق في حادثة العبارة بناء على طلبهم بسبب ضغوط تعرضوا لها.
مبينًا أن التحقيقات “كشفت عن تورط جهات مسلحة ترتبط بإيران مثل عصائب أهل الحق وحركة النجباء وكتائب حزب الله وسرايا سيد الشهداء وغيرها.

عبارة الموصل مثال صارخ لإجرام الميليشيات وإفلات الجناة من العقاب

ولم يكتف المدونون بالحديث عن ازدواجية الميليشيات في التعاطي مع قضية الشابة زينب، مذكرين بجرائم القتل والتغييب القسري في المحافظات المنكوبة الموثقة بتقارير صادرة عن منظمات معنية بحقوق الإنسان.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد نشرت تقريرًا مفصلًا  عقب استعادة القوات الحكومية السيطرة على مدينة تكريت “مركز محافظة صلاح الدين” شمال بغداد، حيث اتهمت المنظمة الميليشيات بأعمال القتل الوحشية وجرائم الإخفاء القسري التي وقعت في مدن محافظة صلاح الدين وهي كل من فيلق بدر ولواء علي الأكبر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله وسرايا الخرساني وجند الإمام وجميعها تتبع ميليشيات الحشد.
وبحسب الشهادات التي وثقتها المنظمة الدولية من خلال لقاءات مع ذوي المغيبين، فإن جهات كثيرة تقف خلف هذه العمليات منها وحدات في ميليشيات الحشد والشرطة الاتحادية وأيضًا الجيش الحكومي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى